ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم: ليس من باب المصادفة أن يستدعي الحاضر -كما الماضي- هستيريا أردوغان وسعاره، إذ لا تاريخ أسلافه العثمانيين في نسختهم القديمة يشفع له حتى لو تزعم طبعتهم الجديدة، حيث أعواد المشانق التي علقت للعرب في ساحات دمشق وبيروت شاهد،
ولا يستطيع الحاضر أن يخفي مدى خيبته، في وقت تزداد أصابعه تورطاً في التآمر على سورية، بعد أن دفعت حكومة العدالة والتنمية بالدور التركي إلى التآكل والاضمحلال.
وليس من موقع التخمين أن يخشى فابيوس ارتدادات «المجازفة» الإسرائيلية حسب تعبيره، حيث لن ينفعه تفهم العربدة الإسرائيلية وعدوانها السافر، لأن الحسابات في حقل الإرهابيين لا تتطابق مع حصاد النتائج في بيدر الأطماع الاستعمارية.
وفي ثالوثهم- وهو ليس من موقع الاستنتاج – أن يعيد كيري جدولة أوراق حقائبه التي أعدها، بعد أن تعدّلت الأولويات، وسيكون من الصعب عليه أن يطفئ الهواجس الروسية، وقد أشعل الرئيس أوباما الضوء الأخضر للعدوان أكثر من مرة، وقدّم موافقته المسبقة على العدوان والتبريرات المعدّة وفق الطلب الإسرائيلي وحسب توقيته.
هكذا.. يحضر «أيار» وملامح الغازين لم تتغير، حتى لو تبدلت وجوههم، فأصابعهم الممدودة على زناد الغدر هي ذاتها رغم فارق الزمن، وقد استفاقت أطماعهم، واجتمعت جحافل استهدافهم.. من أحلام العثمانية الجديدة إلى طاغوت الاستعمار الاوروبي، وتتوجها اليوم ربيبة العدوان أميركا وصنيعة الغرب إسرائيل.
ليس جديداً القول إنه لا مفاجآت في العدوان.. والكيان الإسرائيلي قائم عليه، ويستمد وجوده منه، ولا مواقف غير متوقعة من طغاة الإرهاب بوكلائه .. سواء كانوا الأساسيين فيهم أم الاحتياطيين، وبأصلائه.. القديمين منهم والجدد.
فأميركا سبقتها مباركتها، وفرنسا أعلنت تفهمها، وبريطانيا كعادتها سارعت إلى التبرير.. أما كي مون القلِق والأعراب الصامتة ومن لاذ بفعلته معهم، والصف الموازي لهم من مرتزقة وأجراء وخونة، بتعدد مراتبهم، وتسلسل وظائفهم، فكانوا صدى الصوت لأسيادهم ومشغليهم.
بين الغارقين في أوهام الاستقواء، والضالعين في العدوان تضيق المسافة، وتقل الفواصل، وتتلاشى الاختلافات.. تتطابق الذرائع والحجج، وتتلاقى النيات والأهداف، وتتشابه الهستيريا مع الرعب، وتختلط الهواجس مع الاوهام، وحين تتعزز المتاعب وتختلف الحسابات، تتضارب المصالح والأهواء.
لا فارق بين نتنياهو وأردوغان، أو بين حمد وليفني، ولا اختلاف بين الأعراب التي حرضت واليد الإسرائيلية التي نفذت، أو بين أصوات المرتزقة التي هللت واستغاثات الإرهابيين التي رحبت على أمل أن تنجدها من مأزقها أو أن تخفف عنها ما هي فيه.
أمام المقص السوري تجتمع، وعلى جغرافية التآمر الكوني تلتقي، لكن من يلعب بالنار فعليه أن يتحمل اشتعال الحرائق، ومن يوقظ الفتن فعليه أن يحصي ما سيأتيه من خارج الحسابات والترتيبات.
في يوم الشهيد- كعادته- يستطيع السادس من أيار أن يختصر الحكاية، وأن يوجز في عناوينه كل التفاصيل التي تتواتر وتتزاحم هذه الأيام، وهو الذي يحفر في وجدان السوريين صفحات لا تكتفي بالتواريخ والأحداث وما فيها من منعطفات مفصلية، بل تُحضر معها ما سيكتبه السوريون بعدها، وما ستسجله إرادتهم الواثقة انطلاقاً منها، وخطواتهم الثابتة والمتشبثة بالأرض والحقوق، سترد الصاع صاعين، وهو ليس ببعيد.
فحين تكون الكتابة بالخط السوري.. والتسجيل بالصوت السوري.. والتحرك بالخطوة السورية، لا مكان لصدفة أردوغان، ولا موضع لتخمين الجناة، فَتُرْكن جانباً الرموز الدخيلة على التاريخ، وتُحيد الأدوار الهامشية عن الخرائط ، لأن السوري يضع اليوم لمساته الاخيرة على إحداثيات الزمن القادم وخرائط المشهد العالمي، بأقطابه ورموزه.
a.ka667@yahoo.com