الملحق الثقافي:هنادة الحصري:
لقد أظهر علم الانسان الثقافي الاجتماعي أن ليس للإنسان من طبيعة ثابتة وجوهرية عبر الثقافات والأزمنة، بل إن لديه قدرات بيولوجية على التطور والتحول ذلك اعتماداً على ما يتلقى من تحفيز أو تثبيط أو توجيه.
بناء على ذلك أقول: إنه عصر التحولات الكبرى، كل شيء تغير وانتهى الزمن الجميل زمن يسلبنا كل شيء، زمن ساءت ملامحه وانتهت الطفولة أمام مظاهر العنف والدمار، وما عاد للطفل للأسف وقت للفرح. كل شيء تغير.
كان ابن الخامسة عشرة يقلد الكبار في تصرفاتهم فينشأ على إحساس مبكر بالرجولة وقيم الاّباء والكرامة، لكن للأسف الاّن أصبح ابن الخامسة عشرة يلقب بالمراهق الذي يمر بمرحلة خطيرة لا بد من مراعاة شعوره، وإن أخطأ فهو حدث، وماذا يفعل أمام الفضائيات المتراكمة التي تغزو عقله وتوجهه.
أما ابنة الخامسة عشرة فكانت على قدر كبير من المسؤولية والالتزام، أما الاّن فهي مراهقة يجب تسخير حواسنا الخمسة من أجل الحفاظ عليها من الضياع أمام الغزو الفضائي وغياب دور الأم الفاعل وغياب مفهوم «القدوة»، فمسلسل واحد كفيل بنسف الأخلاق التي نشأت عليها. لماذا تغير كل شيء؟ وهل المراهقة مرحلة نحن من اخترعها ولم نكن لنعرفها؟
إعلام محترق يشحن المتلقي بالعنف، إعلام ينضح بمناظر إباحية ومشاهد عري إضافة إلى تداول للألفاظ البذيئة، وإعلانات مخجلة بدءاً بمزيلات الشعر وانتهاء بالفوط الصحية، والمرأة دمية تتراقص على الشاشات، لا تعي أنها مجرد وسيلة لتحقيق أكبر قدرة شرائية.
ندوات، لقاءات، تعطي أبناءنا دروساً في عدم احترام الاختلاف، صراخ ضياع. هذه هي سمة هذا العصر. زمن بشع وكأنه شماعة نعلق عليه الأمراض النفسية ونحن من أوجدها. لم يعد هناك مكان للإبداع ولعلبة الألوان. أصبح أبناؤنا اّلة تتلقى ما يراد لها أن تتلقى وتلقن بأفكار تريدها الدول الكبرى لشعوب العالم الثالث. ولكن الجميل أن الورود مصرة على الألوان، والسماء مصرة على خيراتها لعلها تغير ألوان صباحاتنا الجريحة ولعل السماء تغسل عناء نفوسنا ونحن نشهد ضياع كل شيء جميل أمام أعيننا.
التاريخ: الثلاثاء7-1-2020
رقم العدد : 981