وسـائل التواصل الاجتماعي.. ترسّـخ الأدب وتحفز صنّاعه.. أم تخلط الحابل بالنابل؟!

ثورة أون لاين:

لحظــــــــــات التداعــــــــــــــي الحــــــــــــر.. 
قد تمر بضعة أسابيع لا نعثر فيها على فكرة تقنعنا إلا ان كانت استعارة من زمن مضى، من كتابات كتاب سبقوا الانترنت، تسلب أقوالهم، وبعض الحكم.. وقد لا توضع أسماؤهم..!
الومضات والفلاشات العابرة، والتنظير في الشأن العام، وكتابة الشعر والنثر والقصة وكافة انواع الأدب، جميعها متاحة للجميع..

ضمن هذه الأجواء.. ماهو الأثر الذي أحدثته وسائل التواصل الاجتماعي على عالم الفكر والثقافة..؟
هل ساهمت في اتساع جماهيريته.. هل أثرت على الذائقة الادبية.. أم أننا نعيش في انفلات.. وفوضى يرشح عبرها كل شيء بلا قيود..؟!
لاشك أن مواقع التواصل أحدثت نقلة كبيرة في عالم الثقافة ايجاباً وسلباً.. 
وبات بإمكان مختلف الشرائح التعاطي مع عالم الفكر والثقافة، او عالم النشر عموما.. عن قرب.. 
ان عبورنا السريع نحو وسائل التواصل.. ومع التسارع الذي نعيشه ننتقل سريعا من مرحلة تقليدية الى أخرى متغيرة يتداخل فيها التقليدي مع الحديث بطريقة لا ندري الى متى ستتصدر الكلمة.. ونحن نرى كل هذا الكم من المواد البصرية والفيديوهات تقتحم هذا العالم الذي تزداد يوما إثر آخر فرص منصاته.. لصالح انحسار الانواع الأدبية والابداعية.. 
تعدد المنصات، تعدد الاصوات وتشتتها بحيث لايمكنك متابعتها حتى لو تفرغت طيلة الوقت، أعطى لتلك المواقع نوعا من الضجيج الذي يفضي الى الفراغ.. أو اللاشيء.. ولكن في الوقت ذاته،نما لدى الافراد النزوع نحو الاستعراض،الظهور.. تلك المنصات وماإن يكتب بعض أصحابها بضع كلمات قد يكون لامعنى لها،وتترافق مع بضعة لايكات من الاصحاب والاقرباء.. حتى يتوج صاحبها نجما في عالم الميديا الحديثة.. على الاقل من وجهة نظره ونظرهم..!
اعداد من يعيشون هذه الحالة كبيرة جدا.. الامر الذي يعني تزايد اعداد من لاينصتون سوى لصوتهم،أيا كان نوع هذا الصوت..!
كل من تلك الاصوات في لحظة قد يصبح كاتبا وناشرا ومحللا ومدققا.. وان سمع صوتاً لايمت اليه بصله ينتفض ثائرا.. ولانملك في مواجهة هذا كله سوى الايمان بلحظات وعي.. قد ترشح الينا عبر هذه الفوضى كلها مع قادم الايام.. واتساق أصوات العقلاء.. راجين ألا ينضموا هم أيضا الى علياء المنصات على غرار الابراج العاجية فيما مضى من الأيام.. 
soadzz@yahoo.com
سعاد زاهر

فضاءات مفتوحة..لاتمـــــــلك المرجعيــــــــــــــة والمصــــــــــــــدر الموثـــــــــــــوق..

لاينكر أحدنا دور التكنولوجيا والتطور السريع الذي حققته وسائل التواصل الاجتماعي في سرعة إيصال المعلومة سواء كانت هذه المعلومة صحيحة أو يشوبها الكثير من المغالطة، ولكن هل حقا استطاعت أن تكون واحدة من مراجعنا الموثوقة ومصدر معلوماتنا، وهل استطاعت الصفحات الزرقاء أن تشكل نافذة حقيقية لنا للإطلالة على العالم الفضائي المفتوح؟
استراتيجية التحكم بالعقول
يقول الأديب سمير عدنان المطرود: بدأ مشروع التحكم بالعقول والسيطرة على الشعوب واضحاً بعد المقالة التي نشرها نعوم تشومسكي عام 1979 حين تحدث عن استراتيجيات التحكم بالعقول والسيطرة على الشعوب معددا عشرا من تلك الاستراتيجيات تبدأ بالإلهاء والتسلية مرورا بالتدرج وصولا إلى استحسان الرداءة في المجتمع ومخاطبة الكبار على أنهم أطفال فاقدو الوعي ومن السهولة بمكان قيادتهم إلى مانريد.
ومن الأهمية بمكان أن نتحدث عن التدرج كونها تمثل الآلية التي من خلالها تم وضع الفضاء أولا من خلال الأقمار الصناعية التي تقوم ببث الرداءة بشكل عام، مع العلم أن القنوات التلفزيونية التي تبث عبر» الستلايت» موجودة في الغرب لكن باشتراك مادي، يقوم المواطن بدفع بدل الاشتراك في» الكيبل» ليختار مجموعة من القنوات التي يريد مشاهدتها وهي خاضعة لنظام مراقبة عالي المستوى.
أما في دول العالم الثالث فقد قام الغرب،بفتح الفضاء أمام المجتمع العربي مجانا ومن دون أي قيود أو ضوابط أو معايير، فوجدنا أن الأقمار الصناعية وخاصة التي نشأت تحت العباءة العربية» نايلسات، عربسات» تحتوي على مجموعة كبيرة تتجاوز الألف قناة في كل قمر، مهمتها تقديم الرداءة بالمجتمع، ولو أردنا تعداد ولو عشر محطات تلفزيونية محترمة يمكن للعائلة متابعتها دون حرج لما استطعنا إلى ذلك سبيلا.
الغزو الثقافي

كانت هذه نقطة البداية باتجاه الغزو الثقافي الذي مورس على المجتمع العربي حيث اتبعوه بالهاتف الفضائي ومن ثم ظهرت أجيال من هذه الهواتف وأجهزة اللابتوب وغير ذلك تستطيع امتلاك برامج عديدة منها مايتعلق بالتواصل الاجتماعي يقول المطرود» مع تحفظي على كلمة التواصل، لأن هذه البرامج ليست لوسائل التواصل، إنما هي لتفسيخ المجتمع والانفصال الاجتماعي، وهذا ماشاهدناه عبر تطبيقات كثيرة منها ماسمي» الفيس بوك، الواتس أب، الفايبر، الانستغرام، الإيمو..» وهناك برامج كثيرة يجري التسويق لها غايتها الأساسية ضرب بنية الأسرة، حيث تقوم هذه البرامج وتنفيذا للاستراتيجية التي يتبناها الكونغرس الأمريكي بعد أن فرضتها الماسونية العالمية على العالم، هذه البرامج قامت ببناء الجدر والسدود بين أفراد الأسرة الواحدة من خلال تحطيم منظومة القيم الاجتماعية والأخلاقية» والمعتقدية» من أجل السيطرة على آلية التفكير في المجتمعات العربية بغية تحقيق السهولة في تحويل هذه المجتمعات إلى قطعان تجري عملية سوقها عبر هذه البرامج.
فرسان الفيس بوك
وربما واحدة من الأساليب المستخدمة مايسمى التضليل أو الكذب أو الشائعات التي تبدأ من الشاشات الزرقاء ومن ثم تسري في المجتمعات سريان النار في الهشيم تحت أهداف غير معلنة، فنجد شائعة صغيرة تطلق بما يسمى وسائل التواصل الاجتماعي قد تؤدي إلى انهيار منظومات اقتصادية واجتماعية وأخلاقية ووطنية وثقافية وقيمية في المجتمعات المستهدفة، وباعتبار أن الثقافة هي نمط تفكير وأسلوب حياة فقد ساهمت هذه الوسائل» التواصل الاجتماعي» في تخريب الذائقة المجتمعية من خلال تحطيم منظوماتها، فأصبحنا نجد مايسمى» فرسان الفيس بوك» يقومون بالتنظير وإطلاق أحكام قيمة على سلوكيات فردية، يقومون بعكسها على المجتمع بغية تعميمها.
والأمثلة كثيرة وخصوصا فيما يتعلق بالترويج لاستهداف التراث واستهداف اللغة العربية شكلا ومضمونا، فعلى مستوى اللغة نجد كتابة جديدة تأخذ صوت الحرف العربي لترسم بدلا عنه حرفا لاتينيا تحت حجة أن بعض الأجهزة لاتملك برنامجا عربيا، هذا الأمر يؤدي بشكل أو بآخر إلى تحطيم قواعد اللغة وإلى تعميم الاستسهال في التعاطي مع الموروث ونزع صفة الأهمية والجدوى والضرورة والحاجة للاعتماد على التراث الحقيقي الذي لم يتعرض للتشويه.
إذا الهدف هو تشويه التراث والأدب وتقزيم الكتابة الأدبية المبدعة، فهناك كثيرون ظهروا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وهم يستخدمون القص واللصق، لأن النت عالم مفتوح، وصار التعدي على التراث وبعض منجزات وإبداعات لكتّاب كبار.
وهذا الأمر ربما سببه عدم وجود قوننة تحمي إبداعات الكاتب وخاصة ممن يروجون على صفحات هذه الوسائل والأدوات، لنصل إلى نتيجة مفادها أن كل مايجري من خلال وسائل التواصل الاجتماعي «الانفصال الاجتماعي» له هدف هو استراتيجية من ضمن الاستراتيجيات العشرة التي تحدث عنها نعوم تشومسكي وهي استحسان الرداءة.
سوق خارج عيون الرقابة
الأديب نذير جعفر قال: لاتخلو صفحات التواصل من نصوص شعرية وقصصية وحتى روائية ونقدية ذات أهمية بالغة، فقد أدرك المبدعون أن صفحات التواصل هي بساط الريح الذي يصل بنتاجهم إلى أقاصي الأرض بلمح البصر، ولكن غياب المعايير النقدية والمتابعة الجادة لما ينشر ومناخ المجاملات السائد عبر» اللايك» يفسح المجال أمام الجميع لعرض نتاجهم مهما كان هزيلا، مايدفع بهم لوضع الورد والشوك أو الألماس والتنك في سلة واحدة.
ويضيف الأديب نذير جعفر ولاأدري مبعث الشعور الغريب الذي يتملكني كلما فتحت صفحتي على الفيس بوك، شعور كما لو أنني في سوق الجمعة الذي تتنوع فيه المعروضات إلى حد ليس بوسع أحد المرور بها كلها، فكيف بالتأمل فيها، ولكن في فوضى هذه السوق العجيبة وبين ركام البضائع البالية والكاسدة كنت أعثر أحيانا على طبعات نادرة من أمهات الكتب والدواوين الشعرية والروايات وحتى اللوحات التشكيلية الثمينة التي لايعرف البائع قيمتها، وحال الأدب على الفيس بوك هو حال سوق الجمعة، حرية في العرض خارج عيون الرقابة.
قد يفتقد الحرفية والموثوقية
فمعظم ماينشر على شبكات التواصل من نصوص أدبية يفتقد إلى الحرفية والموثوقية وتتوزعه مفاهيم التناص والتلاص والمحاكاة الحرفية لنصوص سابقة، وقلما نجد نصا لافتا أو مثيرا للحوار والإعجاب ولاسيما في الشعر والقصة القصيرة جدا، فقد استسهل جمهور شبكة التواصل هذين الجنسين الأدبيين إلى حد المهزلة، مما شجع كثيرا منهم ومنهن على طباعة دواوين ومجموعات تحت تأثير» اللايكات» التي تنهال بالألوف وخاصة على صفحات بعضهن، وبتنا نشهد عددا لايستهان به ممن يظهر على قنوات الإعلام المرئي بصفة شاعر أو شاعرة وقاص وقاصة ممن لاعلاقة له بالشعر والقصة.
وهنا تكمن الخطورة في التعامل مع الفضاء الأزرق ومع الذين أصبحوا أدباء من خلاله بين يوم وليلة، كما تكمن مسؤولية وضع علامة الإعجاب، فهي ليست مجرد علامة مجانية بل تستدعي التأني والتأمل فيما يستحق وما لايستحق، كي لانسهم في التضليل الذي يضر بمن ينشر أولا ومن يقرأ ثانيا.
ومع ماتقدم من سلبيات النشر على الفيس بوك تحت مسمى الشعر أو القصة من دون رأي نقدي بعيد عن المجاملة، تبقى صفحات التواصل الاجتماعي ميدان سباق للأفضل والأجمل على قلته في زحمة الركام الذي يكاد يغطيه.
فاتن أحمد دعبول

تبــــــادل الآراء وتوســـــــــــيع فـــــــــــرص المشــــــــــــــاركة..

أي وسيلة إعلامية لديها أكثر من غاية وهدف وطريقة لاختيار لغة للتواصل مع المتلقي من خلال توظيف تلك الوسائل حسب أغراضها وأهدافها وعلينا أن ننظر دائما إلى الجانبين الإيجابي والسلبي أي النظر دائما إلى نصف الكأس الآخر.

وسائل التواصل الاجتماعي سيف ذو حدين فهي من جهة قد تكون مجرد وسيلة لأفكار تمر مرورا سريعا غير متعمقة نظرا لإيقاع الحياة السريع الذي يتطلب اخذ الأفكار والمعلومات السريعة ولاسيما أن اغلب وسائل التواصل الاجتماعي غير منضبطة بقواعد وقوانين، من جهة أخرى قد يكون لها جانب إيجابي مثل تبادل خبرات الحياة واكتساب معلومات هامة وتفسح المجال أمام الابداع فقد تعرفنا على ثقافات فكرية سياسية وفنية لمبدعين في مجالات مختلفة.
• الفنان التشكيلي محمد أسعد سموقان أكد أنه لا أحد من التشكيليين يستطيع أن ينكر ما حققته له وسائل التواصل الاجتماعي، بالنسبة له اعتبر أن صفحة أي فنان تعادل في حضورها صحيفة ورقية فهو يستطيع الكتابة والنشر فيها ما يشاء… وأهميتها حسب أهمية الفنان,على الصعيد الشخصي حققت له وسائل التواصل حضورا عالميا من حيث العرض وتسويق الأعمال الفنية وبفضلها تعرف العالم على أعماله وعرضت في متحف اللوفر ومدعو الآن للعرض في اهم الصالات الأوربية، ثم أن الكثير من أعماله سوقت في العالم عن طريق التواصل الاجتماعي، ولا ننكر أيضا أن لهذا العالم أيضا سلبياته فبعض الصغار يعيشون وهم النجومية حيث يأخذون بعض بوستات المثقفين وكتاباتهم وينسبونها لهم ويحدث هذا في الفن، فدوماً هناك اللص المحترف الذي لايسرق البيت بالكامل وإنما يسرق الأشياء الثمينة فيه وفي التشكيل للأسف من يسرق أسلوب العمل أو التكوين فيه وينسبه لنفسه دون الإشارة للمصدر وعندنا النقاد قلة ولا يشيرون إلى ذلك…باختصار هذا العالم كما هو الواقع فيه الصالح والطالح وما نسميه عالما افتراضيا هو عالم واقعي اكثر واقعية من العالم الذي نعيشه.
• الروائية غنوة فضة رأت انه عندما يتعلق السؤال بالكتابة والأدب، كثيراً ما تستوقفني عبارة الكاتب الأورغوياني «إدواردو غاليانو» عندما تكتبُ، لا أريدُ منكَ أن تصف لي المطر، بل أريدك أن تجعلني أتبلل..
وعلى اعتبار أن الأدب هو الصورة التي تنقل صفة المجتمعات ووجهها الحقيقي, كان لايستطيع عبر انبثاقهِ منها إلا أن يتأثر بالاتجاهات السائدةِ للمجتمعات و اعتمادها المفرط على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في جميع مناحي الحياة, لذا كان لابد للأدب أن يتأثر بها, ليس فقط تأثراً, بل تغييراً بنيوياً في مفهوم الأدب ككل واكتساب العملية الإبداعية نظرة غير مسبوقة, امتطى موجتها المكرَّس و غير المكرّس للكتابة, وضاع المتمكَن من غيرهِ, لاسيما بعد ما يلمس من بريقٍ زائفٍ تضفيهِ على الكاتب الناشئ من خلال القدرة على استقبال ردة فعل القارئ بصورة فردية ومباشرة.
ولكن هل يا ترى يمكن اعتبار المتابعات العددية الكبيرة لكاتب (فيسبوكي) ما معياراً لنجاحه إبداعياً؟
وهل تحرر الكتّاب الجدد من سلطة دور النشر عبر النشر الإلكتروني يحقق مجداً أدبياً حقّاً؟
الإجابة محيرة في ظل اختلاط (الصالح بالطالح) فمعايير القياس والتقويم باتت غير محددة، وكمّ الأعمال الأدبية يتراكم يوماً بعد آخر بصورة غير معقولة لدرجة لا نعود نتذكر أسماء أصحابها، فالكتابة أضحتْ عملاً لمن لاعمل له.
في المقابل لا أنكر أن هذه المواقع ساهمت في تحقيق الانتشار لمن يمتلكون الموهبة الحقيقية والركيزة الثابتة ليكونوا أدباء حقيقيين، إلا أنهم حتماً، سيكونون أدباء مجابهين بواقع أدبي افتراضي موبوء بغياب النقد الصريح البنّاء، متقلب ومنعدم المعايير في ظل غياب الرقابة الصارمة على عالم النشر الإلكتروني.
أخيراً، العمل الإبداعي الذي لا يقدم معرفة إضافية للقارئ لا يعوّل عليه، والكتابة التي لا تنبثق من معرفة موسوعية شاملة ستكون منقوصة، حتى ولو كان النشر واقعياً فقط، فما بالك لو كان افتراضياً؟ والأعمال الأدبية التي نفاجأ بأعدادها كلّ صباحٍ ستكون مجرد أوراق لمسح زجاج النوافذ إن لم تقدم للعملية الأدبية إضافاتٍ جوهرية، وستزيد من ضحالة المشهد الثقافي – العربي خاصة – وتعمّق جفافهُ مالم نجد كتّاباً حقيقيين يهطلوننا بأعمالهم الأدبية حدّ الارتواء!
رانيا صقر

منبر للجميع..والزمــن الغربـال الحقيقــي..!

لم ينج الأدب والأدباء على تنوع وظائف كل منهما من عالم الإنترنت الذي فرض نفسه في عالم اليوم ليس كوسيلة اتصال وتواصل بين الناس وحسب, بل ككائن حي لم يعد غريبا بينهم, كما كان حاله أول ظهوره.
وها نحن اليوم نعيش متداخلين في هذا العالم (الإفتراضي), ونعيش حالات من السباقات اليومية مع شظايا النصوص والمعلومات, ولم يكن الأدب والأدباء استثناء, وربما مازال من المبكر الحديث عن فعل الإنترنت في الأدب والأدباء عموما, ولكن لايستطيع أحد منا أن ينكر أو يتنكر, كيف أسهمت فضاءات الإنترنيت ووسائل الإتصال بملء شاشات الكمبيوتر والأجهزة الكفية, بأخبار الأدب والأدباء ونصوصهم ونتاجهم وإصداراتهم.
حول هذا الموضوع كانت لنا هذه اللقاءات مع عدد من أدبائنا الذين عبروا عن آرائهم في هذه القضية..

• الشاعر عبد النبي التلاوي:
كنت على جهل كبير بوسائل التواصل حين أبعدتني الحرب وظروفها عن بيتي ووطني وأدبي وأصدقائي, وأمام إلحاح الأهل والأصدقاء, قمت بفتح حسابات لأجدني بين الناس والأصدقاء من جديد, فأصبحت أقرأ ماينشرون, ثم أخذت أنشر وأتبادل معهم الآراء حول نتاجاتنا وفي الأدب عموما.
ولكن لوسائل التواصل الكثير من العيوب والمساوئ, بما في ذلك سهولة النشر, فبعضهم ينشر اسمه مسبوقاً بألقاب ماأنزل الله بها من سلطان, واختراع الدكتوراه الفخرية من قبل مجموعات افتراضية, وانتشار مرحات الثناء والتقدير وغيرها لنصوص لاعلاقة لها بالأدب والشعر.
ولكننا في الوقت ذاته لانستطيع أن ننكر الفعل الإيجابي لهذه الوسائل في لم شمل أصحاب الموهبة الحقيقية من أهل الأدب والفن, والاطلاع على إبداعاتهم وأعمالهم,و لقد عوضتني وسائل التواصل عن مكتبتي التي فقدتها.
• الناقد محمد راتب الحلاق:
تعد وسائل التواصل الاجتماعي سمة العصر, إذ أتاحت منبرا للجميع لنشر مايختلج في صدورهم من آراء وأفكار ومشاعر, وللتعبير عن المواهب التي يظنون أنهم يمتلكونها, لكن هذه الفرصة المتاحة أمام الجميع أغرت بعض أصحاب المواهب الرخوة أن يملؤوا الفضاء الأزرق بالغث والغثاء، وقد وضع بعضهم نفسه فوق مستويات شعراء كبار, ومع ذلك وضمن هذا الركام من النصوص, ثمة نصوص مدهشة تنبئ عن مواهب أصيلة وجدت لنفسها فرصة الوصول والانتشار.
وسائل التواصل أدوات ليست مسؤولة عما ينشر فيها, لكنها أعطت فرصا متساوية في النشر للجميع, ورغم الغثاء السائد عبر هذه الوسائل, فإن غربال الزمن سيتخلص مما لايستحق البقاء وسيرمي النصوص الباهتة إلى هوة النسيان لتبقى النصوص والمواهب التي تستحق بالفعل.
• الشاعرة قمر صبري الجاسم:
لقد أثرت وسائل التواصل على الحياة كلها, ومن سخريتها أنه بدا لي أن الجميع شعراء. محللون وفلاسفة, ومصورون ومنظرون وعلماء وفنانون وخطباء.
كنا نعاني ونكتب عن الفضائيات التي استقطبت الأجيال إلى الرديء والمبتذل, فكيف بنا الآن وقد صار لكل فرد وسيلة إعلام تدخل بيوت الجميع, يبث فيها مايشاء من فيديوهات وأفلام ونصوص فيها مافيها من الأخطاء النحوية واللغوية والإملائية والإنسانية تحت اسم الشعر والأدب والفن.
نحن كعادتنا مع الأسف, نستفيد أكثر من الجوانب السلبية للتطور العلمي, وليتنا استخدمنا هذه الوسائل بشكل سليم لكنا أسسنا لجيل جديد منفتح على الثقافات العربية والعالمية قادر أن يبني معارفه ويحقق ذاته المعرفية, ومع أنني أرى في هذه الوسائل مايشبه العشوائيات الفقيرة في مدننا العربية, لكن الأمل قائم على كل حال, فالزمن كفيل بإصلاح وظيفة هذه الوسائل والإفادة منها كما يجب.
• الباحث الأرقم الزعبي:
استطرد في البحث في وسائل التواصل، فرأى فيها أنها أصبحت منبرا للجميع وأنها نقلت مكان النشر وأتاحت فرصة الأسماء المستعارة للمشاغبين وعملت على كسر الحدود والجغرافيا, واستهلت وظائف النقد, وساهمت في انتشار ظاهرة التوحد الحاسوبي بمعنى حرص الأديب على التوحد مع جهازه الحاسوبي.
وأسهمت في انتشار واتساع لصوص الأدب، وعمقت بعض مفاهيم النرجسية لدى الكثير بعد انتشار شهادات التقدير والشهادات الفخرية التي تمنح بلا معايير, ولكن ومهما قيل ويقال في هذه الوسائل ومن آثارها على اللغة والذائقة الأدبية واستسهال النقد والمدح عبرها أو الذم المجاني للناشر, مع كل هذه المحاذير وغيرها, فإن وسائل التواصل الاجتماعي والشابكة باتت من ضرورات الكاتب والكتابة.
وهكذا.. فإن أدبائنا وشعراءنا, أجمعوا على أهمية وسائل التواصل الاجتماعي – على مافيها من عيوب – في نقل الإبداع والتفاعل الإبداعي واللقاء بينهم والتواصل الإيجابي, معتبرين أن مافيها من عيوب لاتلغي أهميتها, وكأني بهم وهم يصفونها بسكين المطبخ التي تسهم في تحضير الخضار والفواكه والأطعمة, لكنها في ذات الوقت يمكنها أن تكون أداة للجريمة.
فهوية المستخدم هي الميزان الحقيقي لإيجابية أو سلبية الاستخدام, والأدوات بحد ذاتها ليست وجه المشكلة.
عبد المعين محمد زيتون

هــــل يحيـــــــا الأدب الروائـــــــــي عبرهــــــا..؟

من الورق وذاكرته المسكونة بحكايا تروي واقع الحياة، إلى عالمٍ افتراضي مداه المدى، ولاذاكرة فيه للحكايا التي باتت في مهبِّ الفضاءات.
من صفحاتٍ يتعتَّق فيها الحرف، فتفوح بالمميز والثري من عطرها، إلى مواقعٍ رقمية-لا ذكية، إن لم تتعطّر بإبداع اختيارها.
إنه ما آلت إليه أحوال القارئ والأديب العربي، وفي زمن وسائل التواصل التي قال عنها أدباء، سألناهم إن كانت قد ساهمت في نشر الأدب الروائي:
من العتمة إلى عالم النور»

أسعد الجبوري – روائي عراقي: أعتقد جازماً، بأن وسائل التواصل بمختلف عناوينها، ساهمت وتساهم الآن بالترويج لكلِّ فكرة ومنشور ومطبوع ورقي، مهما كان غائباً عن الحضور الفعلي بين يدي القارئ، أو مركوناً على رفوف مكتبته.
لقد أخذت هذه الوسائل دور المطبعة والناشر والموزع على مستوى العالم، فقد خرقت الحدود وحطمت أنظمة الجمارك، وسهَّلت التهرُّب من الضرائب، وقد قضت على جشع الناشرين، واستفراد دور النشر بطباعة الكتب وتوزيعها، وتوجيه حركتها ضمن الجغرافيا على الأرض.
الرواية مثلها مثل الشعر والفن التشكيلي، إذا لم تجد مكاناً لقراءتها كاملة، فهي تذهب إليه كنسخة إلكترونية، يمكن التواصل معها والتمتع بمطالع أحداثها وقصص أبطالها.
الانتشار حاصل، والترويج حاصل، والبيع والشراء حاصل، واللطش حاصل من خلال الفوتوكوبي، لذا نجد كل هذا العدد الهائل من كتّاب الروايات وكاتباتها على مدار اليوم. انتشار محموم. وروايات لا تعد ولا تحصى!!
إذاً.. أخرجت وسائل التواصل كافة فنون الكتابة من العتمة والاحتكار والتذبذب إلى الانتشار حول العالم، وذلك هو عالم النور والمعرفة، المضادّ لكافة أشكال التحجيم والإسكات والقمع والمنع، بعد أن أصبحت الرقابة من مخلفات العصر الجاهلي.
«ساهمت في انتشار الرواية.. لكنها سلاح ذو حدين»
محمد الحفري – روائي سوري: يمكن القول، بأن وسائل التواصل الاجتماعي عموماً، قد ساهمت في انتشار الرواية وغيرها من الأجناس الأدبية، وهي مثل غيرها سلاح ذو حدين، فهي تساعد في الانتشار ونقل أخبار النشاطات الأدبية، وهذا مفيد للمهتم والمتابع، لكنها بالمقابل خلطت الحابل بالنابل، أي بطريقة عشوائية، فهي لاتفرق بين الغثِّ والسمين ولذلك صرنا نسمع مصطلح الروائي الكبير، والناقد الكبير، وغير ذلك.
لكن، وإن بحثنا عن صاحب تلك الصفة، قد نجده مجرد فقاعة وقد نجد لديه منجزاً واحداً أو نصف منجز وقد لا نجد، وبالتالي يتم التشويش من هذه الناحية بالذات على الأعمال الجيدة، وقد أحسب أحياناً أن الأمر ممنهج ومدروس لتقزيم وتخريب كل شيء، وتسطيح الأعمال الأدبية وتسخيفها.
«وفَّرت كمَّاً هاماً من الأعمال.. ومكَّنت من فتح نقاشات» 
مصطفى بوغازي – روائي جزائري: ظلَّت الرواية أكثر الأجناس الأدبية جذباً للقارئ، وهي الوعاء الذي لا يقف عند حدٍّ.. تزخر بكل جماليات الكتابة، وتمنح متعة القراءة وتتفتَّح خامة على الفنون، كما ظلَّ الكتاب الورقي متنها بين يدي القراء، إلى أن رسمت الرقمنة والتطور التكنولوجي، مساراً آخر لفعل القراءة، ولعل وسائل التواصل الاجتماعي، تعد من الوسائط الأكثر نشاطاً في تداول المعلومة وتبادل المعارف، ونشر ما يتناول عالم الرواية من نصوصٍ ومتابعات. إنه ماجعلها تتصدَّر الاهتمام رغم تراجع القراءة بشكلٍ عام، في ظل هيمنة الوسائط في عالم الرقمنة، واختطاف القارئ من طقوس القراءة إلى سطحية عابرة وفسحة مستعجلة.
بالتأكيد ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي في التعريف بالرواية والأسماء البارزة في سمائها، ووفرت كمَّاً هاماً من الأعمال المطروحة في هذا الفضاء، كذلك مكَّنت من فتح نقاشات ومتابعات، وفسحت المجال لفرص الإبداع دون تهميش أو إقصاء، أو عوائق النشر التي ظلت عقبات في طريق كثير من المبدعين، فالمنجز لا تعرف قيمته إلا إذا توصل إليه القارئ، وبرغم هذه الفسحة الواسعة للرواية في هذا الفضاء الكبير، يبقى دور النقاد ضروريا لغربلة الأعمال، وتسليط الضوء على الجادِ منها، فبقدر توفر الناتج الأدبي في هذا الجنس، إلا أن هناك أعمالاً تمَّ تداولها باسم الرواية، وهي لا تجنيس لها ولا تلامس حواشي العمل الروائي، فالعبرة ليست في الوفرة والكم، وإنما في أعمالٍ نوعية ترتقي بالرواية العربية إلى العالمية.
لا شك أن راهننا العربي، أصبح خامة تفرض نفسها على الكتاب بزخم هائل، بسبب الانكسارات والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية، وغير ذلك مما جعل وسائل التواصل هي الطريق المختصر والأسهل والأنسب، في عرض الناتج الروائي والتعريف به والترويج له.
بساط ريح
ريمة راعي – روائية سورية: حين يسألني أحد: لمن تكتبين يا ريمة؟. أجيب دون تردد: لا أكتب كي يقرأني الكتّاب أو النقاد، بل أكتب لقارئٍ مازال يحتفظ بفطرته القلبية سليمة، ويبحث مثلي عن المعنى وراء الجمال والحب وتفاصيل الحياة الصغيرة، وأبسط طريقة كي أصل إلى هذا القارئ ويصل هو إلي، هي صفحتي الشخصية على الفيسبوك.
الصفحة التي تمكِّنني من التواصل مع قراءٍ من مختلف البلاد العربية، ومن تلقي آرائهم وإرشادهم حول أماكن توافر أعمالي، ولاأبخل عليهم بنسخة الكترونية في حال لم تكن الرواية متوفرة في بلادهم. وبالنسبة إلي، أعتبر بأن وسائل التواصل الاجتماعي على اختلافها، هي بساط الريح الذي يوصل الكاتب إلى أبعد الأمكنة التي لم يكن يتصور أنه قد يصلها يوماً..
هفاف ميهوب

لا مقص للرقابة وتغصّ بالمطولات السردية

هل هو سيلان كتابيّ تمر به القصة على صفحات التواصل الاجتماعي، التي سخرت لكل من هب ودب كتابة القصة «الوامضة» وهي غالبا ما تكون تحت مسمى سوانح وشوارد تخلو من المفارقات القصصية؟ وهل اكتشف القارئ أن من يكتبها يمثل ضربا من اللغو الذي يكتظ بالأخطاء الاملائية والنحوية واللغوية وأنه لايمتلك البوصلة النقدية لهذا الفن؟
فهل يمثل عدد الإعجابات والتعليقات «المجاملة» للمادة المنشورة القيمة الابداعية التي يكتبها من لايقرؤون ولا هم بدراية للسياقات القصصية؟

وهل حقاً ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في نشر قصتهم القصيرة وهل زادتهم جماهيرية؟ وما كان رأي أرباب القصة المتابعين بذلك؟
• يعتقد القاص والزميل رياض طبرة أن مواقع التواصل الاجتماعي شكلت حاملا للنص الإبداعي ومنبرا إضافيا لهذا المنتج وقد ساهمت كثيرا في تعريف القارئ والمتابع على أسماء مختلفة منها المعروف قبل هذه المواقع ومنها من هو طارئ وجديد على المشهد الأدبي.
ويرى طبرة أن مواقع التواصل الاجتماعي أضافت جديداً على المشهد الثقافي وهو الحوار والرأي.. والرأي الآخر، وصوراً من تباين الذوق العام تجاه نصوص أدبية تعرض على تلك الشاشة، أما في مجال القصة فقد زعم طبرة أن تأثيرها كان قليلا أو معدوما ذلك بأن القاصين لا يجازفون بعرض منتجهم الإبداعي وجمهورنا في حالة عزوف عن أي مطولات سردية أو غير سردية، فالمطلب اليوم هو القصة الوامضة التي تحتوي على شحنة وقّادة قادرة على لفت الانتباه وشد القارئ المتردد ومصاحبته للاطلاع على الجديد الجميل، أما عن زيادة الجماهيرية أو الشهرة أو ما يشبه ذلك لابد أن هذه المنصة وكما اعتبرها رياض طبرة أنها ساهمت في هذا الصدد بالكثير من الايجابيات والسلبيات.
• أما القاص والروائي سهيل الذيب يجد أن لوسائل التواصل الاجتماعي دورين أحدهما سلبي والآخر عكسه وكلاهما أثرا بمتابعي الوسائل تأثيراً بيناً وكل يبحث عما يرغب ويحب، ومن المؤكد أن هذه الوسائل لعبت دوراً قليلاً أو كثيراً أحياناً في نشر كل أصناف الأدب ومنها القصة القصيرة جداً حيث ظهرت أسماء مهمة لفتت النظر إليها بإتقانها هذا الفن ويذكر الذيب منها (يحيى أبو حليس وخضر الماغوط ولميس الزين من حلب وفهد حلاوة) وغيرهم فبرأيه أنهم مبدعون أصلا ووسائل التواصل زادت التعريف بهم وبوأتهم المراكز التي يستحقون وذلك من خلال نشر قصصهم على صفحات «الفيس بوك» خاصة ما قيض لهم مجموعة مهمة من النقاد والمتذوقين الذين أسهموا في إعلاء شأنهم وترسيخ أسمائهم لدى المهتمين والمتابعين لهذا النوع لكون بعض المشتغلين فيه وظفوه لأفكارهم وطروحاتهم بعيداً عن مقص الرقيب الذي لا يرحم فكان لهم ما أرادوا من خلال الترميز والاختصار والتكثيف واستحضار الموروث الفلسفي كما لدى (فهد حلاوة) وتوظيفه في معالجة القضايا الاجتماعية, إلى جانب هؤلاء ظهر من يتسلون بهذا القص فظنوه نكتة سمجة سخيفة وثقيلة فنشروه ليساهموا من غير دراية منهم في الحد منه ومحاربته لدى البعض والذيب منهم وخلط بعضهم بينه وبين الشعر فضاع الاثنان وبقي الاسم ليلعلع من غير مضمون ومن دون شكل وطبعا بلا فائدة.
يجزم سهيل الذيب أن لوسائل التواصل دوراً شديد الأهمية في نشر وترسيخ أي معلومة أو فائدة أو خبر أو قصة أو شعر لما لها من حضور طاغ في حياة الناس استطاعت بموجبه أن تبرز كل وسائل الاعلام الأخرى وتتفوق عليها في أكثر الأحيان لذلك يرى أن دورها في نشر الـقصة القصيرة جداً دور مهم جداً.
رنا بدري سلوم

أي تفاعــــــــــل نعيشـــــــــــــه..؟

من أهم تعاريف الثقافة لأمة من الامم أو لشعب من الشعوب, أنها منظومة من التراث والاصالة والعادات والتقاليد، ومن أهم تعريفات المثقف بأنه من يعرف كل شيء عن شيء, وشيء عن كل شيء… وهذه المقدمة البسيطة مهمة وضرورية لطرح قضية معقدة، وهي علاقة وسائل الاتصال الاجتماعي بالثقافة والمثقفين.
يعرف الجميع أن العقد الاخير، شهد تطورا هائلا في تكنولوجيا الاتصال وتقنياتها، لدرجة أن هذا التطور بات يقاس بالأجيال, الجيل الاول، الثاني، الثالث، الرابع وهكذا… وأحيانا لايكون بين الجيل والاخر سنه أو سنتان رغم معرفتنا بأن الجيل بالنسبة للإنسان، يقاس بالعشرين سنة ومافوق وهذا له دلالاته القاسية، كيف يتفاعل مستخدمو وسائل الاتصال الاجتماعي مع الثقافة..؟
مجرد مقارنه

قبل عصر هذه الوسائل كان القارئ يقتني كتابا ما، شعرا، أو رواية، أو قصة أو بحثا فكريا أو فلسفيا، وأن الفترة التي يحتاجها لقراءة الكتاب مهما كانت هذه الفترة، كانت تشكل للقارئ قلقا وتوترا، فرحا وحزنا، سعادة وكآبة، تفكيرا وتأملا, فإذا ماخلص منه ذهب تفكيره بعيدا، لفترة ما كأنها استراحة محارب، ونفس الشيء اذا ماحضر أمسية شعرية أو قصصية أو موسيقية، أو معرضا تشكيليا، كانت أفكاره تصول وتجول عبر نفسه وعقله وروحه, وبين أصدقائه وأترابه، فكان للقارئ شخصية خاصة به حتى ليقال بين الناس أن فلاناً مثقف ويشار اليه بالبنان، لماذا؟
لان الكتاب والمعرض والموسيقا وكافة انواع الابداع كانت تقدم فكرا ثقافيا وثقافة فكرية, تعتمد العمق وشمولية المواضيع، فتغوص في أعماق القارئ وتحدث العلاقة الجدلية التفاعل بين القارئ والمبدع, أما الآن فقد انقلب الواقع انقلابا جذريا, وذلك لتطور وسائل الاتصال تطورا مذهلا ومتسارعا لدرجة ينتقل هذا التطور من جيل الى جيل خلال فترات وجيزة من الزمن، وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي رمزا لهذا التطور، وتغيرت علاقة القارئ بالكاتب والمبدع, وهذا التغير ليس عاديا أو بسيطا، انما تغير مفصلي, تغير قاطع مع الذي قبله، إنه تغير يبعد العلاقة بين الكاتب والقارئ من ناحية العمق، إنه تغير من المضمون الى الشكل, من العمق الى السطحية, من العامودية الى الافقية، من الرومانسية الحالمة الى الحالة الثقافية اللاروحية، من الثقافة الوجودية الى العدمية الثقافية، من صراع الوجود الى وجود الصراع، من تلمس الكتاب وتصفحه ورقة ورقة, كلمة كلمة، وسريانها بالروح والعقل والقلب والوجدان، الى تصفح مواقع شتى، أو عن طريق أزرار معدنية، أو لمس لاروح فيه لمعرفة ماوراء شاشة شفافة بعملية ميكانيكية وتقنية خالية من كل روح ووجدان، خالية إلا من الدهشة والتلهف بسرعة البرق، لتصفح اكبر عدد ممكن من المواقع والمقاطع والمعلومات المقتضبة والعناوين الكثيرة، ليخلو بعدها مستخدم هذه الوسائل الى الضجيج والصخب والتشتت، وأحيانا الوعي الزائف، هذا لايعني ان هذه الوسائل سلبية بامتياز, لا بل على العكس, بإمكان المتصفح الجيد لهذه المواقع أن يتحول الى قارىء جيد بأخذه معلومات عامة وعناوين جيدة، متجها من خلالها الى الكتابة الورقية, راجعا بذلك الى الروحانية والعمق والجودة ومعرفة صاحب الكتاب عن قرب، لتتجذر تلك الثقافة الحقيقية في نفسه ووجدانه، واذا لم نفعل ذلك ونحصن أنفسنا جيدا، فسنتحول الى ثقافة سطحية، وسنصاب بتصحر فكري والى ثقافة اللامنتمي، والى ثقافة انفصالية عن تاريخنا وتراثنا وأصالتنا وفكرنا, وتصبح هشة وضعيفة، بحيث يسهل اختراقها، وسلبها شخصيتها الحضارية، ويصبح المثقف يعرف شيئاً عن كل شيء أي ثقافة شكلية، ولايعرف كل شيء عن شيء، أي غياب العمق والمضمون.
حكمات حمود

أدب الأطفـــــال في هذا العالم الفوضوي

تورق سنواتنا وتزهر أجيالاً بين أيدينا، نسعى جاهدين أن نزرع فيهم زاداً ثقافياً, يسهم في بناء ثقافتهم, بناء طفل متماسك يستطيع الوقوف في وجه ما يحمله المستقبل من تحديات.
الأدوات كثيرة وبعضها بسيط في متناول الجميع فيمكن أن نضع بين أيديهم كتباً وقصصاً هادفةً تحاكي براءتهم, لاسيما أنها الأكثر التصاقاً بذاكرتهم.
وما أكثر ألوان الأدب التي تؤثر فيهم تأثيراً إيجابياً فتُثري مخزونهم الفكري واللغوي, وتقيّم سلوكهم من خلال التمييز بين الخير والشر وتصوير عواقبه.
فاختيار وانتقاء تلك الكتب و القصص بشكل مدروس يكرّس القيم والأخلاق والعادات والتقاليد, ليكونوا صنّاعاً للخير ودعاة للسلام في المستقبل محصَّنين في وجه التحديات.
وكثيرة هي الأيادي التي لا تألو جهدا واليراع التي لاتكل عملاً لتصيغ رسالتها وتنشرها, بوصلتها الحفاظ على هذه اللبنة الطرية من القولبة بحسب مفرزات التكنولوجية الهدامة.
لكن ما الإيجابيات وما السلبيات من نشر الكاتب لإنتاجه الفكري والثقافي الذي يحاكي أطفالنا على مواقع التواصل الاجتماعي؟

الأدب حصيلة تجريب 
• حدثنا الكاتب أحمد رزق حسن الذي خاض غمار الكتابة فأبدع وحاز على الجائزة الأولى في المسابقة العربية التي أطلقها دار دلمون لعام ٢٠١٨عن مجموعته (بارقة شجن): بأن النقد عملية ملازمة للإبداع، والكاتب الذي لايتحمل تلاطم أمواج هذا البحر الهائج لا يصل برحلته الأدبية لبر الأمان، بل ويكرر تجربته الأدبية وقد نرى مؤلفاته تشبه بعضها البعض من الناحية الفنية والفكرية.
ومن هنا يجدر بالأديب المسؤول أن يبحث عمن يسدل له النصح والتوجيه من ذوي الخبرة والاختصاص ليتلافى أخطاءه وليركز على نقاط قوته، ولو رصدنا تجربة أديبين خضع نتاجهما لغربلة نقدية إن صح التعبير والأخر ظل يكتب على سجيته لوجدنا الفرق شاسعاً بالمستوى الفني والجمالي لتجربتهما.
ولعل حاجة النقد تكون ملحة لأصحاب الخبرة المحدودة من الشباب المثقف، الذين يتسم قسم لا بأس منهم بالتسرع والعجلة بالبحث عمن يسمعهم، وعمن يقرأ لهم، فهو يظن بهذا التسرع أنه سيصل أولاً، والحقيقة تكون العكس تماماً، فالأدب هو حصيلة تجريب ولا يمكن أن يكون مسحة سحرية فالطاقة الشبابية لا تغني عن الطاقة الشعورية التي تحتاج لخبرة في الحياة والاندفاع الزائد لا يحتل مكان المستوى الفني الذي يحتاج لإطلاع واسع، لذلك قيل حتى تكتب صفحة واحدة عليك أن تقرأ ٢٠٠ صفحة قبل ذلك.
لكن بسبب الضعف الذي أصاب المشهد النقدي لأسباب كثيرة لا أريد الحديث عنها، فالنقد بات يتصف بصبغة عاطفية وغوغائية في مكان، وجارحة و قاسية بمكان أخر، هذه الأخيرة تعمل على كسر البراعم المتفتحة بنبتة ضعيفة تتهيأ للإثمار.
فاتجه عدد لا بأس من الأدباء الشبان وغير الشبان الذين يريدون تطوير مهاراتهم الأدبية لمجموعات قصصية وشعرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعضها مسؤول والبعض الأخر هدفه جمع لايكات وشيرات ومدح مجاني لايقدم ولا يؤخر بمسيرة الأديب مع إعطاء شهادات مزيفة باتت تفضح صاحبها وصاحب المجموعة من خلال النص «المكرم» الذي لا يتسم بأدنى مقومات الحرفية والجمال، وأما عن المجموعات الأدبية المسؤولة باتت تجمع نتاج أدباء من كافة أنحاء الوطن العربي، باتوا جميعهم ينحتون بصخرة الفن ليخرجوا منحوتة أدبية مشرقة، وإذا قدموا شهادات إلكترونية قدموها للتشجيع والاستمرار بالإبداع، وليس لتلميع نتاج الكاتب ورفع الغث من السيل.
رسائل تربوية للأطفال
• انطلاقاً من حبها للاطفال واليافعين واهتمامها بقضاياهم عبرت عضو اتحاد الكتاب العرب الكاتبة سوسن رجب عن عدم ميلها لنشر الكاتب لأعماله على مواقع التواصل الاجتماعي مباشرة لأن الأدب الموجه للطفل يجب أن يعالج أكثر من مرة.
فعلى الكاتب أن يتأنى قبل أن ينشر, لأن هذا الأدب يحمل عدة رسائل تربوية وأخلاقية وتعليمية, والأهم هي الرسالة التي تسهم في بناء شخصية الطفل, فكل هذه الرسائل لا يمكن إيصالها عبر مواقع التواصل الإجتماعي.
الأدب يتكون من شقين الأدب المكتوب بين دفتي كتاب بعد أن ينشئه الكاتب, والشق الآخر عندما يصل النص الأدبي إلى القارئ سواء للطفل أو لغيره فقد يصل مجتزأ أو يتعرض للسرقة.
وهناك من يستسهل النشر على مواقع التواصل, فيأخذون من كتّاب معروفين محليين كانوا أو عالميين متجاهلين الأمانة الأدبية والمصداقية التي على الكاتب أن يتحلى بها مع نفسه أولاً ومع قرّائه ثانياً. وهذه السرقة الأدبية قد تعطي نتائج سلبية فقد يكون النص المسروق غير مصاغ بشكل جيد أو بلهجات عامية وقد يحوي كلمات أجنبية وهذا يشوه اللغة العربية التي هي أحد مرتكزات الهوية.
أما النشر الذي يعرض ما يقدمه الكاتب في المراكز الثقافية فهي من مشجعيه لأن الأهل والأطفال يتواصلون مع الكاتب بطريقة مباشرة ويستطيع الكاتب أن يوصل للأطفال عدة رسائل ويحقق عدة أهداف في العملية البنائية لشخصية الطفل في المجال التربوي والتعليمي والأخلاقي والإجتماعي والأسروي.
مع كل ذلك لا يمكننا أن ننكر أهمية هذه المواقع في الانتشار لبعض الأعمال. كما أنها تسهل التواصل مع المؤسسات التي تهتم بأدب الأطفال و مع الكتّاب والأدباء والاطلاع على تجاربهم الخاصة ونتاجهم الثقافي.
فالشابكة الإلكترونية واسعة, لذا يجب على من يغوص في البحث في أدب الأطفال أن يتعامل بدراية واهتمام بالطفل ويحدد العبرة التي يريد إيصالها له, آخذاً بعين الاعتبار الثقافة التي تحيط به لأن الثقافة الشرقية تختلف عن الثقافة الغربية.
توثيق وحفظ من الضياع
• وكان للشعر معنا محطة وما أجمل أن يحط رحاله حيث الطفولة وبين أيدي الشاعرة دينا سعيد فارس التي حدثتنا: الطفل نبع عذب ومادة خام تستثمر كما تشاء و تحول بين أيدينا كما نشاء أيضاً, وفي الوقت ذاته تحتمل في خدمتك لها لإخراج كنوزها ما لا تتوقعه, و ترى منها تجاوباً فوق ما يصفه لك المنطق, فالمصدر في ماهيتها هنا الإبداع وهو اللامحدود, وإنما صرنا نحن بأدواتنا ومهاراتنا وقدراتنا وإمكانياتنا وأهدافنا كلها رهن يديه, بل ضفتيه, ولم أقل ضفتيه لأننا تبعاً لكل تلك المعايير إما أن نفوز بهم إيجاباً أو نطرح سلباً أرضاً, ومن هذه الأدوات نشر الأعمال التي تخدم الطفولة و تحكي لها ومعها وباسمها ولن أحدها بالأدبية فهناك الفنية والغنائية والتمثيلية والرياضية والكثير..
فإن نشر الكاتب لعمله هنا فيه توثيق له وحفظ من الضياع أو السرقة إلى حد مقبول وليس مضمون, وفيه إيصال للفائدة لطفل بعيد تمنعه المسافات الوصول إلينا, وترى منه أيضاً زواية أفق جديد لما يطرحه الآخرون فتُفيد و تستفيد.على حين البعض يسرِق أو يُسرق.. وهذا بات مموجاً بيننا للأسف..
وأما من جهة الأهل فإن نشري لمثل هذه الأعمال حقاً تختصر تعب حضور وتكاليف عناء و تذر الفكرة طوع الوقت ومصدراً سهل الرجوع إليه, ولكنها في الوقت ذاته تفقد الأهل الإحساس بالمسؤولية تجاه مثل هذه النشاطات فيعتادون السهل المتناول ويتقاعسون عن إحضار مصادر تبقى, وبالتخصيص للأدب فهم يسهلون لطفلهم أمر الاستغناء عن الأصالة ألا وهي التعلق بالكتاب الورقي, وعلى صعيد الطفل, فإني أجد طفلنا المشبع بعالم التقنيات والإلكترونيات يشغف الورق ولكن طبعاً لعصا الساحر – ألا وهي نحن الأدباء والمدربين والفنانين إلخ… – فهنا سر دور استخراجنا للدر وإعادتنا الياقوت لحضن المحار..
والدر هنا هو قدرة الطفل التي أؤمن بلا محدوديتها و عجائبيتها. وكيف أستطيع استثمار شغفه الالكتروني ليعينني (بالبحث في المكاتب الإلكترونية العالمية وإجرائي مسابقات في القراءة الإلكترونية مع ربطي لنتائجها بالتحضير للمسابقات الورقية والكتابية والشفوية والإبداعية الجامعة لذلك كله.)
لدور النشر كلمتها
• حين تجتمع ألوان الأدب وتتنوع الإصدارات تنصت القلوب, فما الإيجابيات و السلبيات من نشر المنتج الفكري على مواقع التواصل الاجتماعي من وجهة نظر دور النشر؟.
حدثنا السيد محمد وسيم الغبرة مدير دار المفكر للطباعة والنشر والتوزيع: ترتقي مهنة الناشر عن كثير من مهن أخرى, وذلك لأنها تعمل على نشر العلم والثقافة في المجتمع, ولعل هذا ما يجعلها تختلف عن المهن الأخرى من حيث ميزان الربح والخسارة. فالناشر يبحث بالدرجة الأولى عن المفيد للقراء وعما يتطلبه السوق من كتب يرى أنها تثريه وتدفع بعجلة التطور والارتقاء بثقافة المجتمع.
من هذا المنطلق يرى الغبرة أنه لايوجد أي مانع من نشر الكاتب كتابه عبر وسائل التواصل الاجتماعي ضمن أصول حفظ حقوق الملكية الفكرية لتعم الفائدة ولنشر العلم والثقافة لتصل لكل شرائح المجتمع.
تابع الغبرة لعلنا نصنف القراء إلى نوعين أحدهما يتخذ من الأجهزة الذكية وسيلة لذلك وهي نسبة غدت كبيرة لايمكن لنا تجاهلها خاصة بين جيل الشباب وهو أمر بات مفروضاً علينا لذلك لا بد من التأقلم معه.
وربما استطعنا أن نوظف وسائل التواصل الإجتماعي للدعاية عن الكتب وبذلك تعم الفائدة أكثر.
كما أننا يجب أن نعترف أنها منافس لنا لذا فإننا يجب أن نقوم بتطوير صناعة الكتب من حيث التجليد وتنسيق والتغليف والتقديم وكل ذلك بأبسط ربح ممكن خاصة مع ارتفاع أسعار الورق والتكاليف الباهظة للطباعة حالياً.
نوّه الغبرة إلى ضرر الأشعة المنبعثة من الأجهزة الذكية والتي وعاها الكثير من الناس مما جعلهم ينتمون للنوع الثاني من القراء.فهذا النوع من القراء لا يستمتعون بالقراءة إلا عندما يمسكون بالكتاب ويشمون رائحة ورقه فتنشأ بين القارئ والكتاب حميمية وصداقة وهذا زبون دار النشر الذي دأب القراءة وعرف لذتها وتذوق الكتاب ومحتواه.
نوار حيدر

 

آخر الأخبار
"لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى إطار جامع تكفله الإستراتيجية الوطنية لدعم وتنمية المشاريع "متناهية الصِغَر والصغيرة" طلبتنا العائدون من لبنان يناشدون التربية لحل مشكلتهم مع موقع الوزارة الإلكتروني عناوين الصحف العالمية 24/11/2024 رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من ‏القطاعات الوزير صباغ يلتقي بيدرسون مؤسسات التمويل الأصغر في دائرة الضوء ومقترح لإحداث صندوق وطني لتمويلها في مناقشة قانون حماية المستهلك.. "تجارة حلب": عقوبة السجن غير مقبولة في المخالفات الخفيفة في خامس جلسات "لأجل دمشق نتحاور".. محافظ دمشق: لولا قصور مخطط "ايكوشار" لما ظهرت ١٩ منطقة مخالفات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها