الإنسانُ جسرٌ لا غاية!

 

 

ما استغربتُ حينما شاهدتُ على شاشات القنوات الفضائيّة المختلفة كيفَ دَمَّر الطيرانُ الأميركي الجسور في العراق على نهر دجلة والفرات فقد كانت غايته واضحة، ولا عندما دَمَّر الإرهابُ جسر دير الزور الأثري؛ فقد سبقهما إلى ذلك هتلر في الحرب العالميّة الثانيّة عندما حَاولَ تدمير الكثير من الجسور التي تربط طرفي هذهِ المدينةِ أو تلك؟!…
إذاً قد لا نستغرب كل ما سبق، فتلكَ قوى شريرة تحبُّ الدمار؛ لكن ما بال بعضنا يدمّرُ الجسور، الجسور التي بناها بنفسِهِ أو نشأت بينَهُ وبين سواه من البشرِ، قرأتُ ذاتَ يومٍ لشاعرٍ غَربي لم أعد أذكر اسمه مقطعاً جميلاً يقولُ فيه:
(ما أروعَ الجسور / إنّها تعملُ بلا توقّف / تجري من تحتها الأنهار / وفوقها تجري أنهارٌ من السيارات؛ / جسر نيويورك… جسر باريس / حتى ولو كانت الجسور لا تحملني إليكِ فقد أحببتُها كلها).
وأذكُرُ أن شاعِراً تُركيّاً قديماً كتبَ ذات يوم:
(كراهيّةُ الليل إثمٌ مبين / إنّما الليلُ جسرٌ أسود بين نهرين / أحد طرفيهِ المساء / والطرف الآخر منُهُ الصباح / لو لم يصنع الله هذا الجسر المتين / كيفَ نستطيعُ إذاً أن نُعبرَ من اليوم إلى الغد). إذاً فاللهُ نفسه يحب الجسور وهو يبنيها؛ ومن هذا المنطلق قد يرى المؤمنونَ مِنّا أنّ القرآنَ والإنجيل وغيرهما هي جسورٌ مَدّها الله بينَهُ وبينَ البشر…
ويرى الأدباءُ أن الكلمةَ جِسرٌ عظيمٌ بينهم وبين الناس الذين يقرؤون، ويرى العشّاقُ النظرةَ جسراً؛ والقبلةَ جسراً، ومِنّا نحن الكتّاب – ولا سيّما المترجمون – من يعيشُ حياتَهُ على جسرٍ! جسرٍ بين لغتين، بين قارتين، بين مدينتين، بين امرأتين!!
وقد يذهب الفلاسِفةُ أبعدَ من ذلك كُلّه كما فَعَلَ نيتشه في كتابه (هكذا تكلّم زردشت) فيقول: (العظيمُ في الإنسان أنّه جسر لا غاية! وما يمكن أن نحبّه أنّه (يمضي عبر) وأنّه (ينحدر)…)
فهل نُدمِّرُ الجسور أيّها الأحباء؟!
أم نبنيها بكل ما أوتينا من محبّةٍ وقوّةٍ وصبر؟!

د. ثائر زين الدين
التاريخ: الأحد 9-2-2020
الرقم: 17188

آخر الأخبار
أطفال مشردون ومدمنون وحوامل.. ظواهر صادمة في الشارع تهدّد أطفال سوريا صيانة عدد من آبار المياه بالقنيطرة  تركيا تشارك في إخماد حرائق ريف اللاذقية بطائرات وآليات   حفريات خطرة في مداخل سوق هال طفس  عون ينفي عبور مجموعات مسلّحة من سوريا ويؤكد التنسيق مع دمشق  طلاب التاسع يخوضون امتحان اللغة الفرنسية دون تعقيد أو غموض  إدلب على خارطة السياحة مجدداً.. تاريخ عريق وطبيعة تأسر الأنظار سلل غذائية للأسر العائدة والأكثر حاجة في حلب  سوريا تفتح أبوابها للاستثمار.. انطلاقة اقتصادية جديدة بدفع عربي ودولي  قوات الأمن والدفاع المدني بوجٍه نيران الغابات في قسطل معاف  قضية دولية تلاحق المخلوع بشار الأسد.. النيابة الفرنسية تطالب بتثبيت مذكرة توقيفه  بعد حسم خيارها نحو تعزيز دوره ... هل سيشهد الإنتاج المحلي ثورة حقيقية ..؟  صرف الرواتب الصيفية شهرياً وزيادات مالية تشمل المعلمين في حلب  استجابة لما نشرته"الثورة "  كهرباء سلمية تزور الرهجان  نهج استباقي.. اتجاه كلي نحو  الإنتاج وابتعاد كلي عن الاقتراض الخارجي  الهوية البصرية الجديدة لسوريا .. رمز للانطلاق نحو مستقبل جديد؟ تفعيل مستشفى الأورام في حلب بالتعاون مع تركيا المؤتمر الطبي الدولي لـ"سامز" ينطلق في دمشق غصم تطلق حملة نظافة عامة مبادرة أهلية لحفر بئر لمياه الشرب في معرية بدرعا