كثيرون من العرب تشعرهم عبارة عروبة بعبء لم يعد يتحملونه .. و خصومهم في الموقع الآخر (الغرب الاستعماري و أتباعه على وجه الخصوص) يبنون على ذلك كحقيقة لم تعد قابلة للدحض .. في حين يتشبث (العروبيون) الراهنون بالعبارة و يتبعون خطوات الماضي، و يصلّون عليه أملاً في مخرج لا يكلفهم سوى الكلام والتذكير والشرح والاستنتاج ..
هل هو مأزق العروبة .. ؟!
بشكل ما .. نعم هو كذلك .. لكنه مأزق كل الذين أسلفت ذكرهم أيضاً ..
مأزق عديد العرب الذين تأخذهم قناعاتهم بحتمية انقضاء عصر العروبة … فتراهم اليوم يقفون في طوابير المتطهرين .. لإثبات البراءة .. إما على أبواب الاتجاهات الليبرالية .. أو على أبواب الإسلام السياسي .. و كله مأزوم أكثر منهم .. و أكثرهم يزدحمون على أبواب أعداء العروبة من كل المصادر و بشكل خاص أبواب العدو الصهيوني والغرب الاستعماري .. و لسان حالهم يقول :
تعبنا من العروبة و من يلوذ بها .. وعلى الصدر المريح سنرتاح .. ولو كان، الصدر الاستعماري ..الأميركي تحديداٌ ..أو حتى الاسرائيلي ..!!
أما مأزق أعداء العروبة من غرب و صهاينة .. فهو أنهم غير مقتنعين بما يعتبرونه أمراً مقضياً .. هم أكثر من غيرهم يشعرون خطر الاستسلام لهذه المقولة رغم الانطباع العام السائد .. و رغم ما تمر به العروبة من مأزق حقيقي ..
أما الأيدولوجيات الأخرى الاسلامية و الليبرللية المزعومة وغيرها .. فليقرأ كل منها في حاله و واقعه .. و سيجد أن وضعه ليس بأحسن من حال العروبة ..إن لم يكن أسوأ .. وهو أسوأ ..
نعم إن العروبة في مأزق .. لكن مأزقها لا يحمل أبداً بيات نعيتها .. والدعوة إلى الدفن .. فهي رغم كل الكوارث التي أحاطت وتحيط بها .. كانت دائماً قابلة أن تحمل أيديولوجيا و أن توحد شعوباً .. ما زالت موجودة و ما زالت تخيف المتربصين بمصالح و مشاعر أبناء هذه المنطقة ..
مشكلة العروبة ومأزقها كان و ما زال من العروبيين الذين حملوها على أجنحة العواطف والقراءة الاستنسابية للتاريخ .. العروبة هي تاريخنا ووجداننا و نحن نقرأ التاريخ بلا وجدان .. ونمنع قراءته بدقة تتيح لنا الاستفادة من تجارب الماضي و نفرض قراءته نشيداً خالياً من كل ما يفيد غير الغنائية المكررة الممجوجة حتى السأم .. والأخطر من ذلك بكثير أننا على هدي ذلك ننتظر أن يكون الحل السحري …!! فلنغن لعروبتنا و لننسى حقائق الأمور و حقائق التاريخ، والجغرافيا أيضاً !!
مشكلة الإسلام في الإسلاميين ..
مشكلة الماركسية في الماركسيين ..
ومشكلة العروبة في العروبيين ..
لكنها رغم أفول في نجمها ما زالت حقيقة قابلة للإشراق ..
As.abboud@gmail.com
أسعد عبود
التاريخ: الخميس 27-2-2020
الرقم: 17204