إعادة فتح السفارة الليبية في دمشق ..المقــداد: معركتنــا ضــد الإرهــاب واحــدة … الحويــج: المصيــر والتحديــات والمصالــح مشــتركة
بهدف إعادة التمثيل الدبلوماسي بين البلدين الشقيقين سورية وليبيا، أُعيد أمس افتتاح السفارة الليبية في دمشق ورفع العلم الليبي على مبنى السفارة الواقع في شارع أبو رمانة، وسط حشد إعلامي وسياسي.
وأكد نائب وزير الخارجية الدكتور فيصل المقداد خلال كلمة الافتتاح أن إعادة افتتاح السفارة حدث تاريخي في حياة السوريين ويوم عزيز على قلوبهم، وهو ما يعني أن أمور الدول العربية تسير بالاتجاه الصحيح، وقال: لقد عانت سورية من تطورات كانت مقلقة وألقت بثقلها على الساحة العربية، وأنه عندما تتخذ بقيادة حكومتها قراراً حاسماً بعودة العلاقات مع الأشقاء الليبيين، فهذا اعتراف بأن المعركة التي نخوضها في سورية وليبيا ضد الإرهاب وداعميه واحدة، موضحاً أنه إذا كان البعض يعتقد أنه قادر على إلغاء الصوت العربي الطاهر والشريف فهو مخطئ.
وأشار المقداد إلى أن وجود الإخوة الليبيين بيننا وإلى جانبنا دليل كبير على ذلك، وأنه بعودة العلاقات وارتفاع العلم الليبي في سماء دمشق، هو مقدمة طبيعية لعودة أعلام أخرى، لأنه إذا كانت ليبيا في هذه الظروف قد تحدت الجميع وعادت لترفع علمها فوق سفارتها، فسوف يرتفع العلم السوري قريباً في سماء ليبيا، وهذا دليل على أن أمتنا العربية تتعافى، ودليل أيضاً على انحسار الهجمة الغربية الكونية على بلدينا.
وأدان المقداد كل عمليات القتل والدمار في ليبيا وقتل الليبيين على أيدي الإرهابيين وأدواتهم، ومن يتعامل معهم ومشغليهم، كما أدان تلك العمليات في سورية، مضيفاً: أن النضال ضد الإرهاب سوف يستمر، ولاسيما أن النظام التركي المجرم ومتزعمه الفاقد للصلة مع الواقع يصعد هجماته واعتداءاته، وإذا ما قارنا بين السيناريوهين الليبي والسوري، نجد أن كل ما حدث منذ سنوات في البلدين، ومستمر حتى الآن يثبت أن العملاء والأدوات تسقط، مهما قامت بعض الدول بتقديم العون والدعم لها بشكل غير محدود.
نظام أردوغان يقوم على العدوان والكذب
وأوضح المقداد أن النظام التركي يرسخ نوعاً جديداً من العلاقات الدولية التي تقوم على العدوان والكذب والتزوير وممارسة كافة أنواع الدجل، مشيراً أن ليبيا بلد مستقل، ونحن ندعم نضال الشعب فيها ودور الجيش الوطني والحكومة الشرعية في بنغازي، ومتفائلون بتحرير ما تبقى من ليبيا لأن ليبيا يجب أن تبقى موحدة، ولن تقبل التقسيم، مهما كانت هناك رغبات غربية ومحاولات من الأدوات والعملاء وأصحاب المخططات المشبوهة، مشيرا إلى أن ليبيا سوف تُفشل هذه المؤامرة يوماً بعد يوم، تماماً كما يثبت الجيش العربي السوري أنه قادر على صنع المعجزات، وأكبر دليل على ذلك تحرير المناطق التي يوجد فيها الإرهابيون وآخرها سراقب، وهو سيمضي قدماً في تحرير كافة الأراضي السورية من رجس الإرهاب، وهذا بدوره أيضاً يتشابه إلى حد كبير مع الواقع الذي تمر فيه ليبيا، موضحاً أن نضالنا في البلدين الشقيقين واحد، ورفع العلم هو مقدمة طبيعية علها تدفع بعض المترددين والذين يجب أن يعودوا إلى وعيهم انطلاقاً من مصالح الشعوب العربية، مُجدداً التأكيد على أن سورية منفتحة على جميع المبادرات، وهي أرض العروبة وقلبها النابض، ولاعمل عربي مشترك دونها.
لن نسمح للأجنبي أن يصنع قراراتنا
وهنأ المقداد الليبيين وقيادتهم على رفع علم بلادهم في سماء دمشق، لأنه دليل قوة لنا جميعاً، وانتصار، وقال نؤكد للعالم بأننا أصحاب حق، ولن نسمح للأجنبي بأن يصنع قراراتنا وأن يزور حقائق التاريخ، أو يمنع تواصلنا مع بعضنا، وعلى هؤلاء الذين مازالوا يستمعون للأصوات النشاز من قبل الإدارة الأميركية ودول الغرب وللمحاضرات التي تلقى على مسامعهم أن يعودوا لإرادة الشعب العربي في كل مكان، لأن الموقع الطبيعي أن تكون ليبيا في دمشق، وتكون كذلك سورية في طرابلس، وجدد أمله بأن تتحرر ليبيا على أيدي الجيش الوطني الليبي خلال الأيام والأسابيع القليلة القادمة.
افتتاح السفارة لحظة تاريخية
بدوره أكد عبد الهادي الحويج وزير الخارجية والتعاون الدولي في الحكومة الليبية أن افتتاح السفارة الليبية في دمشق علامة فارقة ولحظة تاريخية مهمة، وكذلك طبيعية واستثنائية، في ذات الوقت، لأنه من الطبيعي أن تكون هناك علاقات طبيعية بين سورية وليبيا، واستثنائية لأنه مع كل أسف في زمن انصياع بعض الدول للمشيئة الغربية والتبعية للأجنبي وبيع بعض الدول أنفسهم للمستعمر التركي.
يربطنا مصير ومصالح وتحديات مشتركة
وقال الحويج: إنها عودة العلاقات الإستراتيجية والشراكة بين البلدين والشعبين وكافة المؤسسات والجهات والوزارات، وعلى أوسع أبوابها، خطوة ليست موجهة ضد أحد، ولكنها لمصلحة شعبينا، لأننا نؤمن بأن المعركة ضد الإرهاب واحدة، والدفاع المشترك واحد، وأن افتتاح السفارة ترسيخ للعلاقات الثنائية.
وأضاف أنه من الطبيعي أيضاً أن تكون العلاقات في أبهى صورها، على المستويات الاقتصادية والتجارية والثقافية والاجتماعية والمجتمعية، لأن ما يربطنا مصير ومصالح وتحديات وأهداف مشتركة، واليوم رفع العلم الليبي في سورية، وغداً العلم السوري سوف يرفع في ليبيا، كما سترفع أعلام ورايات التحرير في طرابلس بعد أن تتحرر من سجانيها بفضل القوات المسلحة العربية الليبية بقيادة المشير خليفة حفتر، وبفعل الحكومة التي يترأسها عبد الله الثني ومجلس النواب المنتخب والوحيد شرعياً بقيادة المستشار عقيلة صالح الرئيس المؤقت للبلاد، وقال إنه لدينا دستور ولدينا حكومة وبالتالي فالحكومات التي تأتي عبر الباراشوت وعلى ظهور الدبابات لا نعترف بها، وحكومتنا شرعية وتمارس عملها ومهامها، وسوف تكون العلاقة مع سورية بأقوى صورها، والتمثيل على أعلى مستوى وسوف يكون هناك سفير في القريب العاجل جداً.
المعركة ضد الإرهاب مستمرة
وأضاف الحويج: ما يجري اليوم هو رسالة بإعادة تفعيل العلاقات التي لم تنته على المستوى الشعبي، واليوم تُدشن بشكل رسمي وقد تشرفنا بلقاء السيد الرئيس بشار الأسد وكافة المسؤولين في سورية، وتم فتح جميع الملفات ومن ضمنها التعاون الأمني والمعلومات ومكافحة الإرهاب، وتفكيك العصابات المرتزقة والإرهابية الذين جاء بهم النظام التركي المجرم من إدلب والأصقاع الأخرى، ويتواجدون في طرابلس لارتكاب الجرائم بحق الآمنين، وقال إن معركتنا ضد الإرهاب مستمرة حتى آخر نقطة دم، وإن الجيش والشعب يقف معاً ضد تلك العصابات لتحرير العاصمة طرابلس من سجانيها، مشيرا إلى أن ليبيا ستعود موحدة لكل الليبيين، وأن السفارة ستفتح أبوابها بدءاً من اليوم لكل الليبيين بكل مكوناتهم وتوجهاتهم السياسية، لافتا إلى أن هذه الخطوة سوف تتبعها خطوات أخرى.
وهنأ الحويج الجيش العربي السوري والشعب والقيادة على الانتصارات التي يحققها وآخرها سراقب، آملاً بأن تتحرر بقية الأراضي السورية من رجس الإرهاب والعصابات الأردوغانية، موضحاً أن السنوات العجاف ذهبت ولم يبق إلا القليل.
سورية قلب العروبة النابض
وخلال رده على أسئلة الصحفيين بعد الافتتاح قال المقداد بشأن عودة سورية إلى جامعة الدول العربية: إنه عندما اتخذ القرار غير المنطقي والظالم لوقف عضوية سورية لم تتم استشارتها، وبالتالي فعودتها قرار عربي، وهناك جهد عربي يبذل في هذا الاتجاه، لكن لا تزال الولايات المتحدة الأميركية تلقي بظلالها الثقيلة جداً على بعض الدول العربية وتسيطر على قرارهم، بينما سورية منفتحة على جميع المبادرات في هذا الاتجاه، ونأمل أن يستعيد أولئك الذين عملوا على تجميد عضويتها عروبتهم لأنهم ليسوا أكثر عروبة من سورية، ونحن لا نشكك بعروبة أحد، لكن نأمل أن يعودوا إلى شعوبهم وضمائرهم وقراراتهم الوطنية المستقلة التي تملي عليهم ألا يبعدوا أي قطر عربي عن العمل الفعال، فسورية كما تعرفون قلب العروبة النابض وبدون هذا القلب لا حياة.
وحول مواجهة الإرهاب التركي وإذا ما كان هناك تنسيق سوري ليبي، قال المقداد: نحن لا ننسق مع ليبيا وحسب، بل معركتنا واحدة وسورية تضع مقدراتها تحت تصرف الأشقاء الليبيين لأن العمل المشترك ضد نظام أردوغان ومحاولاته المجنونة للتغلغل في جسد الأمة العربية ضروري، ونحن نتطلع للاندماج الكامل في الموقف، لأن ما يجري في ليبيا وسورية واحد والعدو كذلك واحد، لذلك سوف يكون القرار واحداً والعمل ضد الإرهاب كذلك، ونأمل أن ينضم الآخرون إلى هذا الجهد، لأن الإرهاب سوف يقوم بقتل وتدمير أي بلد عربي إذا تم السماح لداعمه أردوغان أن يكسب المعركة، لأن ذاك النظام رمز للإرهاب والعدوان ورمز للكذب والدجل والنفاق.
هزيمة تركيا في طرابلس هزيمة لها بإدلب
وأوضح المقداد أن الجيش العربي السوري يقدم التضحيات تلو الأخرى، وباتت معظم أنحاء الجمهورية العربية السورية في يد قواتنا المسلحة الباسلة، وكذلك باتت معظم الأراضي الليبية في يد الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير حفتر، وأن هذه التضحيات سوف تستمر رغم الحشد الذي يقوم به أردوغان لتمكين إرهابييه من البقاء على هذه الأرض، ظناً منه أن سيكون قادراً على تنفيذ أوهامه القابعة في ذهنه المريض، موضحاً إن القرار السوري هو تحرير كل ذرة تراب، وقرارنا أيضاً دعم الأشقاء الليبيين لتحرير ما تبقى من أراضيهم من مغتصبيها، وكما تلاحظون فالعدو واحد وإذا هزمت تركيا في طرابلس فإنها هزمت في إدلب، وثقتنا كبيرة بالأصدقاء الروس وهي غير قابلة للتشكيك بأنهم يعملون في إطار القانون الدولي وتنفيذ الشرعية الدولية والاتفاقات التي جاءت في إطار آستنة وغيرها، وهو ما ستعتمد عليه في أي مباحثات قادمة ما بين هؤلاء الأصدقاء وأي طرف آخر.
أوروبا تتباهى كذباً بحقوق الإنسان
وبخصوص العقوبات الظالمة على سورية قال المقداد إنه إذا بقي ذرة ضمير عند بعض دول الاتحاد الأوروبي أن تعمل لرفع تلك العقوبات الاقتصادية القسرية التي تستهدف المواطن السوري في لقمة عيشه، حيث لا يمكن للعالم أن يثق بهم وهم يكذبون ومستمرون بمنع هذا الشعب من الحصول على تلك اللقمة، لأنها بالنتيجة عقوبات لا إنسانية من أطراف تتبجح الدفاع عن حقوق الإنسان.
وبشأن اللاجئين قال المقداد: إن النظام التركي يبتز أوروبا بشكل علني ومكشوف وأن الحكومات الأوروبية تتباهى كذباً بإيمانها بحقوق الإنسان وبالكذب في تلك القضايا، وهم لا يخافون على المواطن السوري أو غيره بل يخافون من ترحيل هذا المواطن أو ذاك إلى بلدانهم، فالقضية إذاً ليست إنسانية كما يدعون، ونحن تابعنا الحملة الغربية على سورية، ومن الواضح أن أردوغان يريد الاستثمار في قضية اللاجئين لأنه عندما تم افتتاح الممرات الآمنة لإعادة المهجرين إلى بلدانهم، قامت المجموعات المدعومة من النظام التركي وبأوامر منه باستهداف هؤلاء عبر زرع الألغام والقصف العشوائي عليهم ومحاربتهم حتى لا يبقون على أرض الوطن، لذلك على من يتباكى على السوريين أن يكون صريحاً مع ذاته ومتوافقاً مع مبادئه بدل أن يكون أداة لابتزاز أردوغان وغيره.
وتوجه المقداد لكل من يتواجد بشكل غير شرعي على الأراضي السورية، ولكل العصابات الإرهابية بالخروج، لأن سورية قدمت كل الفرص كي يعود هؤلاء إلى رشدهم، وان رفضوا فهي مستمرة بمحاربتهم وهي قدمت كل تلك التضحيات كي تتخلص منهم، ولا يمكن أن تتنازل عن إعادة الأمن والاستقرار إلى كافة أراضيها.
قريباً سترفع رايات أخرى في دمشق
بدوره قال الحويج عن الدور الذي تلعبه ليبيا بإعادة العلاقات العربية السورية إلى طبيعتها: إن بلاده لن تألو جهداً ولن تدخر وقتاً من شأنه إعادة تلك العلاقات الطبيعية بين سورية وبقية الدول العربية وذلك من خلال علاقاتها مع أفريقيا ودول أميركا اللاتينية وبقية دول العالم، ومن خلال وجودها الدبلوماسي في تلك الدول، وقال: إنه في القريب العاجل سوف ترفع رايات أخرى في سماء دمشق، وسوف نتبادل الأدوار وسوف يكون الصوتان الليبي والسوري واحداً في المنابر الدولية وقال: إن صوت سورية هو صوت ليبيا ولا سيما في الأمم المتحدة والمنابر الدولية وسيكون مندوب سورية الدائم في الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري هو مندوب ليبيا وسورية.
وأضاف أن ما نقوم به اليوم هو لمصلحة شعبينا وبلدينا وللمنطقة وأوروبا لأن ممارسات المجرم أردوغان وداعمي الإرهاب تستهدف مصيرنا، وشدد على انه يجب تقديم ذلك المجرم إلى محكمة الجنايات الدولية لأنه يقوم بنقل مئات الإرهابيين يومياً عبر الموانئ إلى ليبيا ثم إلى أوروبا، وهو ما يهدد الأمن الدولي والعالم، وعلى أولئك أن يكونوا حذرين من ألا يتعاملوا مع ذاك النظام وأن يدينوا عدوانه ويتعاونوا معنا للقضاء على الإرهاب الذي يدعمه.
وأضاف الحويج أن أطماع أردوغان في ليبيا واضحة وهي أن تكون طرابلس بوابة لما يسمى بيت الخلافة العثمانية وبيت مال له، بالإضافة لسيطرته على النفط الليبي، لكنه يتوهم وسوف يبقى ذلك مجرد سراب في عقله، ونحن اليوم أصبحنا على بعد كيلو مترات من طرابلس وسوف نحررها وبعدها سوف نذهب إلى الحوار الوطني.
دمشق- الثورة- حسين صقر- راغب العطية:
التاريخ: الأربعاء 4-3-2020
الرقم: 17208