تأتي الذكرى السابعة والخمسون لثورة آذار المجيدة اليوم, لتتزامن مع الانتصارات التي يحققها جيشنا البطل ضد الإرهاب وداعميه، وآخر انجازاته تحرير مئات القرى والبلدات بريفي إدلب وحلب، ليرسم بذلك ملامح طريق الحل السياسي، الذي يرتكز في جوهره على مكافحة الإرهاب، ومعارك التحرير التي يخوضها اليوم لا تختلف في جوهرها عن معاركه السابقة ضد قوى الاستعمار كافة، وإن اختلفت الأدوات والأساليب، فما تتعرض له سورية اليوم من حرب إرهابية قذرة هو ضريبة حتمية لانجازات ثورة الثامن من آذار، والنجاحات الكبيرة و الكثيرة التي حققتها على كافة الأصعدة هي التي جعلت قوى الحقد ورعاة الإرهاب في العالم يتكالبون لاستهداف وحدة وسيادة وقرار سورية، ومواقفها الوطنية والقومية الثابتة.
ثورة آذار لم تكن حدثاً عابراً في تاريخ سورية والوطن العربي، بل إنها حركة مستمرة وحيوية متجددة على الدوام، فكانت ثورة العمال والفلاحين والمثقفين ضد قوى الاستبداد والتخلف ممثلة بالإقطاع والبرجوازية التي سخرت مقدرات الوطن لخدمة مصالحها الخاصة وعملت على نشر الجهل والتخلف لإبقاء سورية خارج دورها الأساسي كرقم صعب في معادلة المنطقة وحاملا للواء مواجهة كل المشاريع الاستعمارية التقسيمية التي تستهدفها، وبفضل ارتكازها على قاعدة شعبية وطنية صلبة استطاعت أن تجتاز كل العقبات التي اعترضت طريقها، حتى أعطت سورية موقعاً مهماً على مختلف الصعد، وأرست دعائم الدولة الحديثة المرتكزة على البناء المؤسساتي والديمقراطية الشعبية، وجعلت كذلك من سورية محطّ أنظار العرب جميعاً في الرهان عليها لاستعادة حقوقهم والحفاظ على هويتهم، لا سيما وأنها وضعت في صلب أولوياتها تحرير كل شبر أرض عربية من قوى الاحتلال البغيض وفي مقدمتها فلسطين التاريخية، فكان المطلوب هو الإجهاز على كل الإنجازات التي حققها الشعب السوري طوال العقود الماضية.
ثورة آذار تمكنت في وقت زمني قصير من بناء القاعدة المادية والعسكرية والاقتصادية والسياسية والعلمية والثقافية، فنجحت في تحقيق نهوض تنموي شامل في المجالات كافة الأمر الذي حقق تنمية متوازنة شاملة جعلت من سورية دولة قوية تعتمد على قدراتها الذاتية وثرواتها لإدارة شؤونها ما أعطى قرارها الوطني استقلالا تاما لا يتأثر بأي شكل من الأشكال بالضغوط الخارجية، وعملت بعد قيام الحركة التصحيحية على إعداد البنية التحتية الأساسية لبناء أجيال شابة واعية ومؤمنة بقضايا وطنها وقادرة على مواجهة الجهل ومقارعة كل ما يحاك له من مؤامرات من خلال نشر التعليم وتوسيع قاعدته لتشمل كل السوريين عبر بناء المدارس والجامعات والمعاهد والمراكز العلمية والبحثية لتكون سورية إحدى الدول الرائدة في المجال التعليمي والثقافي والفكري.
أعداء سورية حشدوا طوال أكثر من نصف قرن العديد من المؤامرات والضغوط، وجربوا كل أنواع الإرهاب والعدوان والحصار والتهديد والوعيد، لكنهم لم يتمكنوا من القضاء على جذوة المقاومة في سورية، ولن يفلحوا في قادم الأيام، فالسوريون أكثر عزما وتصميما اليوم على المضي قدما بمواجهة كل الضغوط والتحديات، والحفاظ على إنجازات ثورة آذار وغيرها من الإنجازات الكثيرة التي حققوها خلال مسيرة نضالهم الطويلة، مستندين في عزيمتهم إلى وجود جيش عقائدي قوي يحمي الوطن ويعمل على استئصال الإرهاب لتبقى سورية حرة بقرارها ولتبقى الثورة مستمرة بعطائها.
كتب المحرر السياسي:
التاريخ: الأحد 8-3-2020
الرقم: 17211