رأي… «للحرب أيضاً وقت»..و«قابيل».. لم يعد سيد كوكب الأرض

من المعروف، بأن الحزن الهادئ والشاعري، لا الصاخب التشاؤمي، هو ما غلبَ على قصائد الراحل «محمد عمران».. الشاعر الذي اعتبر بأن هذا الحزن: «هو حزن من يحمل همَّ تغيير الأشياء، وإعادة ترتيب العالم، بدءاًمن الهمِّ القومي، وصولاً إلى الهمِّ البشري. همُّ الإنسان في مسيرته على هذا الكوكب وفي معاناته، وفي نضاله من أجل حياة أكثر دفئاً وأمناً وسلاماً».
لأجل هذه الأسباب كان الحزن مقيماً لدى شاعرٍ، حمل من همِّ وطنه وإنسانه وقوميته، ما جعلهم مشروع شعره وقضيته.. القضية التي تفاقمت مسؤوليته تجاهها، بتفاقم الحروب التي استبعدت الأبطال الخارقين-الأسطوريين من أشعاره، وأدخلت بدلاً عنهم البسطاء من الفقراء الشرفاء، شهداء الكرامةِ وأوطانها..
نعم هي الحرب، و «للحربِ أيضاً وقت».. شهدَ نزيف لحظاته، فقال عن بشاعة الأحداث في ساحاته:
«الدمُ في كلِّ مكان ينتشر على الأرض.. في العصور التي مضت، لم يكن الجسد البشري رخيصاً ومحتقراً كما هو في هذا العصر.. الموت ذاته، لم يعد له تلك الأبَّهة، فبعد أن صار البشر يموتون كما الذباب، خسر الموت جلاله القديم. حضارة القرن العشرين، كلّها تنهض على أساس الموت، لا على أساس الحياة.. القوة الوحيدة التي تمنحها للإنسان، هي قوة القتل الجماعي. أكبر قطيع ممكن من البشر، في أقصرِ وقتٍ من الزمن، ونبوغها كلّه، إنما في هذا الإنجاز الهائل لأدوات هذا القتل. إن «قابيل» هو السيد الأوحد على كوكب القرن العشرين».
بيد أنه أراد أن يقول لنا، بأن القتل موروث أجيالٍ ستبقى تتوارثُ أحقاد القاتلِ، مثلما المواجهة والانتقام للمقتول، وبأن الصراع بين الحقِّ والباطل هو ما ستشهد الأجيال القادمة منه، ما نشهده اليوم بين أبناء البشرية, أيضاً، بأن الحضارات وبالرغم من ادِّعائها سرعة تطورها واستغنائها عن بدائيتها، إلا أنها لم ولنْ تستغني عن فأسها ووحشيتها الإجرامية.
هكذا يتوالى القتل، مثلما أحفاد القاتل النذل.. نهمٌ أبدي للحروبِ وإراقة الدماء، وأحفاد المقتول في دفاعٍ يرى «عمران» بأنه ليس اعتداء بل مقاومة للاعتداء والبلاء.
أليس هذا ما نعيشه في هذا الزمن المدمَّى والمدمِّي؟!.. الزمن الذي أسكن الموت فينا، حدَّ هيمنته واستيطانه في حياتنا وأوقاتنا وأحلامنا.. زمن الموت المجاني، ولا قطع تبديل للشظايا البشرية.. زمن الحضارة التي لم تقودنا إلا إلى المزيد من الدمار والهلاك والصراعات الموغلة في أحقادها المذهبية والطائفية.
حتماً هذا ما نعيشه وأخرج أبطال الأدب الأسطوري الخارق من حياتنا مثلما جميع إبداعاتنا.. أخرجهم وأدخل رغماً عن الأزمنة التي أرَّختهم. أدخل رجالا شجعانا مقاومين.. الأبطال الخارقين.. من تعملقوا أمام أقزام الحياة والأوطان والأديان.. تعملقوا إلى أن صادقوا على رؤية «عمران»:
«الإنجاز المهم لأدبِ عصرنا، أنه اكتشف هذا المعدن, ما عاد الأبطال الأسطوريون هم الخارقون.. أبطال اليوم هم البسطاء-الطيبون، ممن يصنعون بعرقهم ودمهم مجد الحياة والأوطان.. أبطال الأدب العظيم لهذا العصر..
أخيراً، دخل أبناء «هابيل» مجد الكلمة.. أخيراً دخلت الكلمة مجد أبناءِ هابيل, المجد للشعوب التي تنتصب مقاوِمة على أرض الوطن.. الموت للغزو كيفما كان الوجه الذي يرتدي».
هفاف ميهوب

التاريخ: الخميس 12 – 3 – 2020
رقم العدد : 17215

 

آخر الأخبار
Al Jazeera: لماذا تهاجم إسرائيل سوريا؟ الأمم المتحدة تدعو للتضامن العالمي مع سوريا..واشنطن تقر بمعاناة السوريين... ماذا عن عقوباتها الظالمة... دراسة متكاملة لإعادة جبل قاسيون متنفساً لدمشق " الخوذ البيضاء" لـ "الثورة: نعمل على الحد من مخاطر الألغام ما بين إجراءات انتقامية ودعوات للتفاوض.. العالم يرد على سياسات ترامب التجارية "دمج الوزارات تحت مظلّة الطاقة".. خطوة نحو تكامل مؤسسي وتحسين جودة الخدمات بينها سوريا.. الإدارة الأميركية تستأنف أنشطة "الأغذية العالمي" لعدة دول The NewArab: إسرائيل تحرم مئات الأطفال من التعليم الشعير المستنبت خلال 9 أيام.. مشروع زراعي واعد يطلقه المهندس البكر في ريف إدلب برونزية لأليسار محمد في ألعاب القوى استجابة لمزارعي طرطوس.. خطّة سقاية صيفيّة إيكونوميست: إسرائيل تسعى لإضعاف وتقسيم سوريا المجاعة تتفاقم في غزة.. والأمم المتحدة ترفض آلية الاحتلال لتقديم المساعدات أردوغان يجدد دعم بلاده لسوريا بهدف إرساء الاستقرار فيها خطوة "الخارجية" بداية لمرحلة تعافي الدبلوماسية السورية  الشرع يترأس الاجتماع الأول للحكومة.. جولة أفق للأولويات والخطط المستقبلية تشليك: الرئيس الشرع سيزور تركيا في الـ11 الجاري ويشارك في منتدى أنطاليا بعد قرارات ترامب.. الجنيه المصري يتراجع إلى أدنى مستوياته الأمم المتحدة تحذر من انعدام الأمن الغذائي في سوريا.. وخبير لـ" الثورة": الكلام غير دقيق The Hill: إدارة ترامب منقسمة حول الوجود العسكري الروسي في سوريا