هفاف ميهوب- ثورة أون لاين:
“إن الفيروس الذي جرى تطويره عسكرياً، يُعد سلاحاً بيولوجياً مثالياً لأنه يصيب البشر فقط، ولأنه لا يستطيع العيش خارج جسم الإنسان لمدة تزيد على دقيقة..
في الوقت الذي جرى فيه تطوير هذا الفيروس، انتقل عالمٌ صيني إلى الولايات المتحدة، وكان يحمل قرصاً مرناً من البيانات المتعلقة بأهم الأسلحة البيولوجية الجديدة، وأكثرها خطورة في الصين خلال العقد الماضي.. يسمونه “ووهان 400”..
كلماتٌ وردت ضمن رواية صدرت عام 1981 ونعيش أحداثها عام 2020.. العام الذي تنبَّأ كاتب الرواية – الأمريكي “دين كونتز” بأن العالم سيصاب فيه بالتهابٍ رئوي شديد، سببه انتشار فيروس قاتل اسمه “ووهان 400” صنع بهدف الحدِّ من أعداد سكان الكرة الأرضية، لكنه انتشر في العالم بطريقةٍ خرجت عن نطاق السيطرة.
الرواية هي “عيون الظلام” وتدور أحداثها في مدينة “ووهان” الصينية.. بطلتها، أم ثُكلت بسبب الطريقة الغامضة لاختفاء ابنها أثناء رحلة قام بها مع رفاقه.. بعد عامٍ على اختفائه أو كما ظنّت وفاته، وبعد أن وردتها الكثير من الرسائل التي تخبرها بأنه لايزال حياً، تسعى للسفر لمعرفة الحقائق وتعقّب أخباره، بل مكان وجوده الذي كان في منشأة عسكرية، احتجز فيها بعد أن أصيب عن غيرِ قصد، بفيروس تم تطويره داخل مركز أبحاث “ووهان”.. المختبر الذي ركّز كاتب الرواية عليه، لكونه البؤرة التي انطلق منها الفيروس.. السلاح البيولوجي الذي انتشر فقتل الآلاف عن طريق مهاجمته للوظائف الحركية في الدماغ، والذي أعجز العلماء عن إيجاد أو تطوير مضاد له.. الوباء الذي يشبه وباء “كورونا” الذي أصاب عالمنا، والذي كان “كونتز” قد بشّر به في روايته:
“سنة 2020 سينتشر مرض التهاب رئوي، يستهدف الرئتين والانبوب القصبي، ولايوجد له علاج.. الأمر الذي يحير أكثر من المرض بحدِّ ذاته، أنه سيختفي فجأة مثلما جاء فجأة، ثم سيعود بعد عشر سنوات، وبعدها يختفي..”.
لاشكّ أن مادفعنا لاستدعاءِ هذه الرواية، ما تنبأت به وجعل خيالها الثمانيني” واقع “عشريني”.. الواقع الذي يعيشه عالم أذهله ما تضمنته من توقعاتٍ خطيرة، وهو مالم يعتبره صدفة بل حرباً وبائية تسعى إلى جعلنا نعيش “ساعتنا الأخيرة”.
إنه كتابٌ آخر، وقد صدر عام 2003 وتوقع فيه الكاتب والعالم البريطاني “مارتن ريس” ما نعيشه اليوم من إرهابٍ بيولوجي. أيضاً، ما تقدمه أجهزة التكنولوجيا المتقدمة من الموت والدمار والكوارث التي ينشأ أغلبها، من أخطاءٍ مخبرية قاتلة.
نعم “ساعتنا الأخيرة” هو الكتاب الذي يشير الكاتب فيه، إلى ما نعيشه ودلَّ عليه:
“التوقعات بحدوث كارثة تدمر العالم، ارتفعت إلى 50% بعد أن كانت 20% قبل مئة عام.. العلم يتقدم بطريقة لا يمكن التنبؤ بها، وفي نطاق أخطر من أي وقت مضى.. أهم الأخطار التي تهدد البشرية، إرهاب نووي وفيروسات مميتة معدلة وراثياً، وانفلات أجهزة من صنع الإنسان تغير طبيعة البشر..
كل هذا يتمُّ بتدمير من “أشرار” أو نتيجة خطأ بشري، غير أن العام 2020 سيكون عام الخطأ البيولوجي الذي يتسبب بمقتل مليون إنسان، كما أن طبيعة الإنسان سوف تتغير وتصبح غير ثابتة، إلا أن هناك شيئاً واحداً من الأرجح أنه لن يتغير، وهو أن يرتكب البشر الأخطاء، ويكون هناك خطر من أفعالٍ خبيثة”..
باختصار، في “عيون الظلام” و”ساعتنا الأخيرة” إشارات إلى الآثار المدمرة للثورة البيولوجية الحديثة، أو ما يعرف بالسلاح البيولوجي القاتل.. إشاراتٌ، إلى مقدار ما يُستثمر العلم لتهديد العالم بالأخطار، ليكون التهديد الأخطر، ازدياد أعداد مرتكبيها.
ننوه إلى أن رواية “عيون الظلام” اعتبرت من روايات الخيال العلمي، وأن “ساعتنا الأخيرة” هي رؤى عالمٍ فلكي.. طبعاً، هناك الكثير من الكتب والروايات التي حذّرت من الطوفان النووي والجرثومي الذي يُهدد الحياة والإنسان.. هناك الكولومبي “ماركيز” الذي نبّه إلى ذلك، داعياً أهل العلم والسلام لتخليص العالم من هذا الطوفان:
“علينا نحن رجال العلم ونساؤه، رجال الأدب ونساؤه، رجال السلام ونساؤه. علينا جميعاً تقع مسؤولية أن نصنع نوعاً من قارورة الناجين من الغرق الكوني..
علينا أن نفعل ذلك، كي تعرف الإنسانية، أن الحياة وجدت هنا، وأن الألم والظلم كانا سائدين فيها، لكننا بالرغم من ذلك كله، عرفنا الحب وكنا قادرين على تصور السعادة، وكي تعرف جميع الأزمنة، من هم المسؤولون عن كارثتنا، ولِمَ صمُّوا آذانهم عن صرخاتنا المطالبة بالسلام، وبجعل هذه الحياة أفضل الحيوات الممكنة دون اختراعاتٍ بربرية”..
ملاحظة: كل محاولات تحميل الرواية من المواقع الإلكترونية تبوء بالفشل.. جميع روابط التحميل تخدعك فتقرأ كلما حاولت فتح أحدها: “يتم حذف محتوى الرابط بشكل متكرر وسنحاول رفع الرواية مجدداً حال توفر روابط جديدة”.. أيضاً، تعديلات جديدة وغير أكيدة، تصادف كل من يسعى لمعرفة ما تتناوله الرواية في “الويكيبيديا”.. حتماً، ليس لدى القارئ إلا إعمال عقله لمعرفة ما يحتاج الاستف
سار عنه..
يبقى استفسارنا ولا يحتاج لإجابة: أوليس من ينشرُ الموت في عالمٍ يُقتل بأكثر من وباء، هو ذاته من يسعى لتبرئه نفسه، عبر نشرِ أضاليله في كلِّ فضاءِ؟!!!!..
التالي