الملحق الثقافي: عقبة زيدان:
يحتاج قول الحقيقة إلى جرأة، وربما يدفع المثقف ثمناً باهظاً لجرأته. بينما المثقف المزيف، الذي يزيف الحقيقة لمصالح غالباً ما تكون مادية، فإنه الذي يخدع الآخر بما يقوله، ويحاول أن يظهره على أنه حقيقة. وحسب باسكال يونيفاس، فإن المثقفين المزيفين هم أولئك الذين يلجؤون إلى حجج هم أنفسهم يصدقونها. وقد يؤمنون بقضية، لكنهم يعمدون إلى وسائل غير شريفة للدفاع عنها. إنهم إذاً مزيفون يصنعون عملة ثقافية مزورة، من أجل ضمان انتصارهم في سوق المعتقدات الراسخة.
ربما يرى البعض أن المثقف حر في اتخاذ الرأي الذي يريده، وله الحق في قول ما يشاء. وأعتقد أن هذا صحيح، إذا لم يقم المثقف بتزييف الحقيقة، أي ترويج الكذب. الرأي في موضوع شيء، والكذب شيء آخر.
هناك أمر خطير قام به بعض مثقفي الغرب، وهو الترويج لمشروعية الحروب التي تقوم بها دولهم، ويسوقون حججاً مختلفة، وكلها كاذبة. وبهذا، فقد قاموا بالتلاعب بالرأي العام وتضليله.
إنه، وحسب جوليان بندا، يفترض بالمثقف أن يبحث عن الحقيقة. ويدعو إلى ابتعاد المثقفين عن الأهواء المعاصرة. الالتزام بالحقيقة يجب أن يكون منهجاً فكرياً عند المثقفين. وهذا الالتزام يتطلب صدقاً وليس كلاماً لكسب التعاطف العام وتحقيق النجاح. وبما أن الجمهور لا يمكن خداعه، فإن التلاعب بالكلام للوصول إلى هدف معين، سيوقع المثقف في مأزق، وسيودع في خانة المزيفين المخادعين.
Okbazeidan@yahoo.com
التاريخ: الثلاثاء7-4-2020
رقم العدد : 993