الثورة – مها يوسف:
تتجه أنظار السوريين هذه الأيام نحو الاستحقاق الانتخابي، المتمثل بانتخابات المجلس التشريعي، في أول تجربة فعلية تخوضها الدولة بعد مرحلة طويلة من التحديات والتحولات التي شهدتها البلاد، لتؤكد مجدداً مضيها في مسار الإصلاح السياسي، وبناء المؤسسات الدستورية على أسس وطنية راسخة.
الكاتب السياسي درويش خليفة أشار في لقاء لـ”الثورة” إلى أن أهمية الانتخابات التشريعية والتي ستأتي بأعضاء بالمجلس، يكون لهم دور من خلال سنّ القوانين والتشريعات التي تنظم الحياة العامة لمواطني الدولة والقوى المحلية، والمصادقة على المعاهدات الدولية، أو تعديلها بما يتناسب مع المصلحة الوطنية للبلاد.
ولفت إلى أن المستجدات الداخلية فرضت واقعاً جديداً، جعل من الضروري أن يقدّم المرشحون برامجهم الانتخابية بصفة فردية، في ظل إعادة تنظيم المشهد السياسي الوطني وتحديث بنيته، بما يضمن أن تكون المشاركة مسؤولية وطنية تعبّر عن إرادة المواطن ووعيه بدور مؤسسات الدولة في المرحلة المقبلة.
وأكد خليفة أن هذا التوجه يعكس نضج التجربة السورية وقدرتها على استيعاب المتغيرات، موضحاً أن المشاركة الشعبية في هذا الاستحقاق تعبّر عن الثقة المتجددة بالدولة ومؤسساتها، والإيمان أن العمل البرلماني هو الإطار الأمثل لتجسيد إرادة الشعب عبر ممثليه المنتخبين.
خليفة نوه بأن الإعلان الدستوري لعام 2025 قد حدد بوضوح مهام المجلس وصلاحياته، إذ نصّت المادة الثلاثون منه على أن المجلس يتولى “اقتراح القوانين وإقرارها، وتعديل أو إلغاء القوانين السابقة، والمصادقة على المعاهدات الدولية، وإقرار الموازنة العامة للدولة، وإقرار العفو العام.
وأوضح أن المجلس خُوّل بمتابعة أداء الوزارات من خلال جلسات الاستماع والمساءلة، ورفع الحصانة أو قبول استقالة الأعضاء عند الضرورة، بما يضمن ترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات وتعزيز الرقابة التشريعية وفقاً لأحكام الدستور.
ورأى خليفة أن هذه الصلاحيات تشكّل خطوة متقدمة نحو ترسيخ دولة القانون والمؤسسات، إذ تُبنى العملية التشريعية على أسس واضحة ومحددة، بعيداً عن العشوائية أو التداخل بين المهام التنفيذية والتشريعية.
وأشار خليفة إلى أن مختلف المحافظات السورية شهدت إقبالاً واسعاً على الترشح، بما يعكس حيوية المجتمع السوري وحرصه على المشاركة الفاعلة في صياغة مستقبل البلاد.
كما لفت إلى ارتفاع نسبة الترشح في مدينة حلب، ولاسيما في جبل سمعان، إذ بلغت نسبة المرشحين نحو 36 بالمئة من مجموع الهيئة الناخبة الفرعية، وهي نسبة لافتة تعبر عن وعي أبناء المدينة ومسؤوليتهم الوطنية في المشاركة ببناء مؤسسات الدولة الجديدة.
مضيفاً: إن هذا الحراك الانتخابي في حلب وسواها من المحافظات، هو تعبير واضح عن الرغبة الشعبية في المساهمة الإيجابية، وعن الثقة بالدولة السورية القادرة على قيادة المرحلة المقبلة بثبات ووضوح.
وختم خليفة بالقول: إن الانتخابات التشريعية المقبلة، تمثّل محطة أساسية في مسيرة الدولة السورية نحو ترسيخ الاستقرار السياسي والاجتماعي، وإعادة بناء مؤسساتها على أسس دستورية متينة، بما يلبّي تطلعات المواطنين في التنمية والعدالة وسيادة القانون.
وأكد أن نجاح هذا الاستحقاق، سيكون دليلاً إضافياً على صلابة الدولة السورية وقدرتها على إدارة شؤونها بإرادة وطنية مستقلة بعيداً عن أي إملاءات خارجية، وبما يعزز وحدة الوطن وتماسكه في مواجهة التحديات.
