ثورة أون لاين – حسين صقر:
غالباً ماتنتشر الشائعات كالنار في الهشيم، وتعتبر من أخطر الأسلحة المدمرة على الأشخاص والمجتمعات، وهي إما تبني صروحاً لأولئك أو تهدم مابنوه خلال مراحل زمنية، حيث حطمت علماء وعظماء، وفككت أسراً وصداقات وعلاقات اجتماعية ودولية، وهزمت جيوشاً، ومن هنا يأتي مكمن خطرها.
ويزداد خطر الشائعات هذه الأيام مع تفشي الأوبئة والأمراض، واشتعال الحروب، ولهذا إما ترفع من معنويات الشعوب، أو تدخلهم في صراع مع الذات والآخرين، وبالتالي لابد من توفر مصادر المعلومات الصحيحة والمحايدة، حتى تصل الأخبار إلى المجتمع على حقيقتها، بعيداً عن اي تضليل وفبركات، ولاسيما في ظل تعدد وسائل الاتصال، ومواقع التواصل الاجتماعي، و التطبيقات المختلفة والمتنوعة.
ولتسليط الضوء على مخاطر الشائعة التقت ” الثورة” عدداً من الفعاليات والمختصين في علم النفس للوقوف على مدى تأثير ما يتم ترويجه من أنباء، الهدف منها إثارة البلبلة والفوضى، بين أوساط المجتمع، و إثارة الخوف والرعب، في الوقت الذي يمكن أن يلجأ فيه هؤلاء إلى مصادر الأخبار الرسمية، والتي لايمكن بثها قبل التحقق من صحتها، وذلك في ظل الاجراءات المتخذة لحسر انتشار وباء كورونا.
وقال مدرس اللغة العربية عاطف نجم تتزايد أهمية التوعية من الشائعات والتحذير من خطورتها على الأفراد والمجتمع، في ظل الظروف والمتغيرات التي تعاني منها الشعوب، حيث تنتشر الأخبار بشكل سريع على شبكة الإنترنت، وملحقاتها، ولهذا لابد من توفر الوعي الكافي لعدم تصديق ما يتم تناقله بسرعة، ودون الرجوع إلى المصادر الصحيحة.
وأضاف لابد أن تتقاطع تلك المصادر فيما يتم تداوله، حتى يتم تأكيد هذا الخبر أو نفيه، ويكون ذلك من خلال التقصي والبحث والسؤال، وعندها فقط نصدق ما يُقال أو نكذّبه.
من ناحيتها قالت الآنسة حياة الأحمد: إنه في ظل البرامج والمونتاج واليوتيوب وما غير ذلك من وسائل وتقنيات و التي يتم استخدامها في التسجيل والتصوير ، يمكن لأي شخص أن ينشر ما يربد، ويستطيع بث الأخبار الكاذبة، ويثير الخوف ببن الأوساط الشعبية، ولاسيما التي لا تتوفر لديها وسائل إعلامية كافية، كي يتسنى لها التحقق مما قيل أو أصبح متداولاً.
وأضافت الأحمد ان هناك من يحاول اللعب بأعصاب الناس ولاسيما في هذه المرحلة الصعبة من خلال نشر الأخبار المرعبة، في وقت يحتاج فيه الناس للهدوء ومايريح النفس، وعلى الفعاليات الثقافية والإعلامية ان تقوم بهذا بدورها التوعوي والرد على تلك الشائعات ومطلقيها ومروجيها.
السيد محمود عطالله وهو تاجر جملة قال: تؤثر الشائعات سلباً على عملنا وخاصة فيما يتعلق بفقدان أو توفر المواد الاستهلاكية، عندما يتم إطلاق الشائعات حول ظاهرة معينة تخص الأمراض أو الحروب أو غير ذلك من مشكلات نواجهها، ولهذا على الشخص أن يقول رأيت، لا أن يقول هكذا سمعت، لأن نقل الأخبار دون التحقق من مصداقيتها، يثير الخوف والفوضى بين الناس، ويترك فيما بعد أثره النفسي على عملهم وعطائهم، وأوضح ان الخطر يمكن أن يتزايد في حال تم إضافة ما يستطيع الناقل على هذا الخبر دون اي وازع أخلاقي، ودون أدنى تفكير بالعواقب التي تسبب فيها تضخيم هذه الدعاية أو تلك الشائعة.
وقالت السيدة مريم رزوق ربة منزل: إن الغالبية العظمى يستغلون الهاتف النقال والتطبيقات التي يتم تحميلها عليه، وغيره من وسائل الاتصال حتى يبدؤون ببث الشائعات، مستغلين ما يعانيه الناس من مشكلات، وخاصة في ظل الظروف التي نعاني منها اليوم حول وباء كورونا، دون أن يصغي هؤلاء للأخبار والمصادر الرسميةالتي تمتلك أدق التفاصيل عن تطورات المرض، والحالات التي أصيبت فيه، والغاية من ذلك الحديث وإرضاء السائل عن هذه الحادثة أو تلك، ايضاً دون توخي الحقيقة.
الآنسة ابتسام عامر قالت: تؤثر درجة الوعي بشكل كبير على المجتمع، وبقدر مايكون مطلعاً عارفاً بخطورة الشائعة بقدر ما يرفضها، ويتوق بعد ذلك لمعرفة النبأ الصحيح من عكسه، ولهذا من الضروري أن تكون هناك حملات توعية، حول ما يتم تداوله من جهة، والتوعية لحمل الأفراد على عدم تصديق كل ما يُشاع، لأنه كلما سهلنا طريق الشائعة كلما ساهمنا بتخريب العقول، وكلما تصدينا لها عبر دحضها وتكذيبها، كلما بنينا تلك العقول وجعلنا مما يتم تداوله أخباراً طريفة ونادرة نلهو ونتسلى بها، وبذات الوقت لا تؤثر على معنوياتنا.
وفي هذا السياق قال الدكتور حسن عماد الأستاذ المساعد بكلية التربية قسم علم النفس بجامعة دمشق:
تعد الشائعة وسيلة قذرة لخرق وحدة البيت الواحد وحل الروابط الوجدانية بين أفراد العائلة، وكثير من البيوت والبلدان والدول هدمت بسببها، حيث تشكل الشائعات والأكاذيب الملفقة خطراً فادحاً يهدد أمن واستقرار الدولة والمجتمع، لأنها تخلق حالة من الذعر والخوف والقلق والضغوط النفسية والاجتماعية في المجتمع.
وأضاف تنشر الشائعات لذعر والرعب في نفوس المواطنين ومن آثارها :
انعدام الثقة وسوء الظن، والتأثير السلبي على النسيج الاجتماعي والتربية والتعليم والاقتصاد والصحة وكافة مفاصل الحياة، وهي تكثر في الكوارث والأزمات، وحينما تتعرض البلاد لوباء وهذا حال بلادنا اليوم في التصدي لفيروس كورونا.
وأوضح عماد أن وسائل التواصل الاجتماعي وتجار الأزمات وأعداء الوطن يشكلون وسيلة لبث الشائعات لما لهم من مصلحة في تخريب البلاد وتدمير الحالة النفسية للعباد.
وللحد من الشائعات يجب أن يكون الإنسان مؤمناً بالقوانين والأنظمة، وأن يتعاون مع الجهات المختصة والمسؤولة في تنفيذ التعليمات، وان يكون واثقاً بشكل مطلق بوسائل الإعلا الرسمية ومصادرها المختصة بنقل الأخبار والمعلومات، في الوقت الذي يجب ان تكون فيه الحكومة شفافة مع الشعب ووضعه في صورة التطورات، وهو مايزيد الوعي عند المواطن الذي سيتجاهل الشائعات، وتكذيب الشائعات عبرا لاستعانة بوسائل الإعلام الرسمية.