ثورة أون لاين – درعا – عبدالله صبح:
قامة وطنية سورية ..
قاومت المستعمر الفرنسي وأقصت الجنرال كورو في معركة المذخر بدرعا و ولّى هارباً إلى دمشق ..
ولد الشيخ محمد المفلح الزعبي باليادودة سنة ١٩٠٠ من بيت وطني ، كان منذ صغره ذو بصيرة نافذة وبدأ يشق طريقه ليبني شعبية جوهرها الانتماء الوطني وحب الخير و مقاومته لكل اشكال القهر والظلم فكان أصغر برلماني تحت قبة البرلمان السوري انذاك.
عانى الشيخ محمد المفلح من جبروت الاستعمار فكان خيار المجابهة من خلال تشكيل الكتلة الوطنية السرية هو و مجموعة من البرلمانيين و كان رقمه ١٦ فيها .
بدأت المجابهة إبان مذبحة البرلمان وتدميره بدمشق من قبل الغازي والمستعمر الفرنسي، فقرر الشيخ العودة إلى مسقط رأسه في قرية اليادودة بدرعا، والاجتماع بالفعاليات الشعبية هو واخوانه من حوران الى جانب الشيخ احمد الحسين ابن الجولان بمنزل حيدر مردم بك محافظ درعا آنذاك للتشاور ورسم المخططات لمهاجمة مراكز الفرنسيين ، فألحقوا خسائر كبيرة بهم واحدى تلك الكمائن شرقي قرية شقرة من ارض اللجاة والتي تم قتل ضابط فيها و فصيل كامل من مرتزقة و جنود المستعمر الفرنسي .
استمرت المقاومة للفرنسيين وقتل الكثير منهم ومن هنا بدأ الفرنسيين التفكير بالتخلص من الشيخ المجاهد محمد المفلح واخوانه محمود المفلح وأحمد المفلح ابو عوض .
وجاء اتخاذ قرار التخلص من الاخوة الثلاث لدعمهم الثوار في سوريا وفلسطين وكانت البداية باحتجاز اولادهم كرهائن من مدرسة الراهبات بدرعا ، غالب ابن محمد وعوض ابن احمد ومنصور ابن محمود .
من هنا انطلقت شرارة الثورة بحوران والذي أجج الوضع اكثر اعتقال الاخوين محمد المفلح الزعبي ومحمود المفلح وهم في طريقهم لحضور اجتماع سري مع محافظ درعا حيدر مردم بك من خلال تسريب خبر الاجتماع من قبل احد الجواسيس للمستعمر الفرنسي ، حيث تعرضا للتعذيب القاسي وصل الى مرحلة الموت وبإشراف مباشر من قبل الجنرال كورو.
بعد اعتقالهم بدأت مرحلة جديدة من مراحل الثورة ضد المستعمر الفرنسي بدأ المجاهد احمد المفلح الزعبي بقطع المياه عن معقل وثكنة الفرنسيين والتي كانت تتغذى من بئر قرية اليادودة فبدأت معاناة الفرنسيين من قلة المياه بعدها بدأ برص الصفوف وتسليح المجاهدين من اليادودة وطفس وحاصر درعا والمذخر موازاة ببدء توالي عصائب المجاهدين الاحرار من أهالي قرى ومزارع حوران لحصار ثكنات الفرنسيين بدرعا، حتى تم خنق المدينة وتدمير جزء كبير من ثكنة المذخر وقتل العديد منهم واعوانهم !؟.
الى جانب ما تكبده المستعمر الفرنسي من خسائر قام المجاهد احمد المفلح بأسقاط طائرة فرنسية كانت تحاول الهبوط لأخذ الجنرال كورو والرهائن
معه الى ان تم تهريب الجنرال كورو
الى دمشق عن طريق قطار محطة خربة غزالة .
في هذه الاثناء كان الجنرال كورو قد أوكل لفصيل متأخر تابع له باعدام الاخوة محمد ومحمود من خلال رميهم في بئر ولكن المجاهدون استطاعوا فك اسرهم واعادتهم لليادودة واستقبلهم الأهالي بالاهازيج والاغاني الوطنية “من حوران هلت البشاير”.
هكذا كانت حوران دوماً عصية على الغزاة حيث كانت أخر منطقة احتلها الفرنسيين وأول منطقة طردوا منها والتي على أثرها اشتعل الوطن نيرانا ومقاومة وجاء الاستقلال والذي من خلاله تم إجلاء آخر جندي فرنسي وأصبح الوطن يحتفل بهذا التاريخ الذي يصادف ١٧ نيسان من كل عام باستقلال السوريين ومولود الحرية والكرامة الذي أصبح اليوم عمره ثلاثٌ وسبعون .
استمر الشيخ المجاهد محمد المفلح نضاله من تحت قبة البرلمان لاكثر من ثمان دورات مكرساً حياته في خدمة الناس واصلاح ذات البين حيث كان منزله في قرية اليادودة منتدى للصلح والعلم وحب الوطن الذي هو اغلى مايملك .
كان مدركاً أن العلم هو حجر الزاوية الذي تقوم عليه الأوطان وتبنى فكان بيته مدرسة علم فاهتم بتعليم أبنائه وأصبح منهم الطبيب والمهندس والحقوقي والذين ذاع صيتهم في البلاد العربية .
تعرض الشيخ محمد المفلح ابو عبد المجيد للضغوطات من اعداء الوطنية بسبب استقامة فكره وايمانه بحب الوطن و سجن في الستينيات من القرن الماضي بتدمر و استطاع الهرب الى لبنان ومنه الى الكويت والاردن حيث بقي لأكثر من عام عند أبناء عمومته الى ان حصل على عفو رئاسي سنة ١٩٧٠ وعاد الى سوريا ليتابع مهامه والتي تتجلى بحب الوطن واصلاح ذات البين وخدمات الناس الى ان توفاه الله سنة ١٩٨٨ عن عمر ناهز ٨٨ عام حيث ووري الثرى في مسقط رأسه في قرية اليادودة.