بمبادرات فردية، بدأت في بعض المحافظات السورية محاولات كسر حلقة الوساطة التجارية لتخفيف الغلاء الذي يفرضه التجار على المواطن في أكثر احتياجاته اليومية أساسية وخصوصية..
وعلى الرغم من أهمية هذه المبادرات، إلا أنها تبقى مؤثرة في الجزء الأقل من عموم الشعب، ما يعني أنها نجحت في كسر حدة الاستغلال بالحد الأدنى، ولعل السبب في ذلك يعود إلى عدم وجود هذه المبادرات في المحافظتين الأعلى كثافة سكانية في سورية (دمشق وحلب)، واللتان تضمان أكثر من نصف عدد الشعب السوري، وعليه فاستمرار استغلال المواطن في هاتين المحافظتين يعني وبوضوح أن الاستغلال موجود والعجز من المعنيين أكثر وجوداً ووضوحاً..
نقل المنتجات الزراعية من الريف المنتج إلى المدينة المستهلكة فكرة بسيطة فعّالة، ومن شأنها رفع الغبن عن المواطن السوري في بلد زراعي بامتياز، ولكن المعقد في الأمر هو غلاء المنتج الزراعي المحلي في بلده، بل ومعاناة المنتج من الفقر وتدني سعر منتجاته ومعاناة المواطن من ارتفاع سعر المنتج الزراعي دون أدنى حل يذكر..
لعل الغرابة الأكبر تكمن في صمت وزارة الزراعة تجاه مثل هذه المبادرات وتجاهلها، في وقت هي وحدها المعنية وبمسؤولية كاملة عن تأمين نتاج الأرض والقطعان للمواطن وبسعر مقبول، بل كيف تتمكن جهة أهلية أو حتى منظمة شعبية -لا تمتلك عُشر قدرة وزارة الزراعة- أن تبادر في هذا الاتجاه رأفة بالمواطن وحاله، ورحمة بالمنتج ومعيشته، في حين تتبوأ “الزراعة” موقع المتفرج وبامتياز؟..
ما الذي يمنع من إقامة «بازارات» للبيع المباشر في دمشق وهي من هي في الكثافة السكانية واستهلاك الغذاء..!!
بل ما الذي يمنع من العمل على آلية تنظيمية تتيح لمن يرغب من المنتجين بالبيع المباشر، تسجيل اسمه ليُدرج ضمن مساحة «البازارات» المفترضة، وتدريجياً سينضم الجميع لهذه الأسواق، سيما وأن المواطن سيقصدها دون إبطاء تخلصاً من ربح الوسيط والتاجر والذي لا تقل نسبته عن النصف…
لعل الخشية الحقيقية من يوم يجلس فيه المزارع متفرجاً على ما يحدث تلافياً لخسارة ثمن الأسمدة وتكاليف التطعيمات وحراثة الأرض.. عندها لن ينفعنا حديث عن عروة خريفية أو ربيعية، ولن يشبعنا توقعات عن هكتارات ستُزرع بعد حين بالنبتة الفلانية..
عندها سنجوع جميعاً..
الكنز- مازن جلال خيربك