إفتتاحية الثورة – بقلم رئيس التحرير – علي نصر الله:
لمُمارسة النفاق في المُجتمع السياسي الغربي الرأسمالي المُتوحش مَذاهب، تتطور دائماً، وترسم خطّاً بيانياً صاعداً أبداً، لتَبدو معه حالة التنافس القائمة بين حكوماته، في المُمارسة، في التعبير، بالتحاق بعضها ببعض، وغالباً ما تكون حركتها مُنضبطة، تتحرك فقط على إيقاع التبعية المُذلة لأميركا كمَركز قيادة للنّفاق والعدوان والتوحش.
ذُروة مَبلغ النفاق الأميركي، تَجسدت اليوم في البيان الذي وزعته وزارة الخزانة، وادّعت فيه ما ليس فيها إنسانياً، بل خلافاً لما هي عليه في الحقيقة والواقع كذراع عامل إلى جانب أجهزة الشر والعدوان: الاستخبارات المركزية، وزارة الخارجية، البنتاغون، والكونغرس، كأذرع مُتخصصة بالعمل على انتهاك القوانين والمعايير الدولية، بل مَنظومة القيم الإنسانية.
تدّعي واشنطن كذباً ونفاقاً في بيان وزارة الخزانة أنها لا تَفرض العقوبات على الأغذية والأدوية والمعدات والتجهيزات الطبية، وهي حسب مُستويات النفاق التي تُمارسها تَكذب علناً بسَوق مزاعم حرصها على الاستثناء من العقوبات – التي تستخدمها سلاحاً ضد الشعوب والحكومات المُناهضة لسياساتها الإمبريالية – كل ما من شأنه أن يَحفظ التراث الثقافي ويحمي مواقعه في العالم، وأنها لا تُقيِّد بالمُطلق المشاريع الداعمة للتعليم والتنمية.
في زمن وباء كورونا، وخارجه، قبله وبعده، أميركا لن تُغيّر جلدها ووجهها القبيح، ومعها الغرب الاستعماري أيضاً الذي لن يَتغير إلا نحو الأسوأ، فليس صحيحاً ما تَدعيه واشنطن ويَدعيه الغرب، ولو امتلك الأوروبيون ذرة سيادة تُحرر بلدانهم من الهيمنة الأميركية والتبعية المُهينة، لكان يُفترض أن يتخذوا مَواقف أخرى من الكثير من الملفات والقضايا الدولية، العقوباتُ ليست إلا جُزءاً مما كان ينبغي لأوروبا أن تتباين فيه عن الولايات المتحدة، باعتمادها أو رفضها والتمرد عليها!.
الولايات المتحدة لا تُخفي غَطرستها والعنجهية، بل تُعبر عنها وتُمارسها ليس ضد المُناهضين لها فحسب، وليس ضد خصومها فقط، بل ضد حلفائها وشركائها في الناتو وعلى أطرافه، في القارة العجوز وفي أربع جهات الأرض، وبحال من الأحوال إصدار بيان توضيحي كاذب مملوء بالنفاق لن يُحسّن صورتها، ولن يُجمّل قبائح سياساتها أو يُلغيها، بل قد يُظهرها على القُبح كله الذي هي عليه!
واشنطن كراعٍ حَصريٍّ لكيان العنصرية الصهيوني، وكمُشغّل ومُنشئ للتنظيمات الإرهابية، وكمَركز قيادة لمحور الشر العالمي، لا تُحاصر فقط سورية وإيران وفنزويلا وكوبا وكوريا، ولا تَفرض فقط العقوبات الجائرة أحادية الجانب خلافاً للقوانين على هذه البلدان إضافة لروسيا والصين، ولا تَشن الحروب التجارية ضد المُنافسين على الساحة الدولية، بل تَستهدف العالم بغَطرستها، وتُحاول النيل منه بأنانيتها، لا صديق لها، تَدوس القيم قبل القوانين والمبادئ التي قامت عليها الأمم المتحدة.
الصوتُ الدولي المُرتفع مُطالبةً برفع العقوبات عن سورية وإيران، لا يَكفي، وإنّ مُحاولة صَوغ بيانات تَشجب أو تُدين البلطجة الأميركية، هي أيضاً خطوة غير كافية، لا بدّ من الفعل المُؤثر، لا بدّ من الخروج على أميركا بإعلان رفض سياساتها والتمرد على مُخططاتها في الهيمنة والمصادرة والعدوان، ومُواجهتها، إسقاطاً لها، إحقاقاً للحق والقانون، انسجاماً مع شرعة الأمم المتحدة ومنظومة القيم، وتَصويباً لمسار آن أوان تَصويبه.