الثورة – فؤاد الوادي:
أكد المحامي عبدالله العلي أن آلية الانتخابات تحاكي الظروف والمرحلة الانتقالية التي تمر بها سوريا، والتي تفرض إجراءات استثنائية لملء الفراغات السياسية والدستورية، مضيفاً: إن هناك دوائر تحتاج زيادة في عدد أفراد الهيئة الناخبة.
وقال العلي، في لقاء مع صحيفة الثورة: ” إن بعض الدوائر، أو المناطق الانتخابية قليلة العدد، فهناك دوائر تكون هيئتها الناخبة 50 ناخباً، بينما يجب أن تكون 500 ناخب، وذلك ليتسنى لعدد أكبر من كل مكونات الشعب السوري المشاركة في هذه الانتخابات.
وأضاف: ” إن المرحلة الإنتقالية تبرر حالياً العمل بألية الهيئات الناخبة، أما مستقبلاً فإنه لا بديل عن الاقتراع المباشر لكل أبناء الشعب السوري لكي يكون لكل مواطن الحق في الاقتراع، وهذا من أبسط حقوقه، والأهم أن يلمس المواطن السوري، بعد ثورة دفع فيها الغالي والنفيس، وبُذلت الأرواح من أجل انتصارها، التغيير في مسؤوليات وواجبات النائب، وأن يلمس التطور والرقي في التعامل معه، وأن تسنّ قوانين وتشريعات تصون كرامته وتحفظ حقوقه.
تحديات كثيرة
وأوضح أن انتخاب مجلس الشعب في هذه المرحلة الانتقالية، يعد نجاحاً جديداً للدولة السورية، لذلك هو امتداد للنجاحات والانجازات التي حققتها سوريا الجديدة خلال الأشهر القليلة الماضية.
وعن الأولويات التي يجب على مجلس الشعب القادم أن يباشر بها فور انتخابه، قال العلي: إن جدول أعمال مجلس الشعب زاخر بالتحديات والأمور الهامة، بدءاً من إعادة الإعمار والترميم ومعالجة آثار الدمار الذي خلّفه النظام البائد، سواء على مستوى البنية التحتية أم مؤسسات الدولة، والعمل على إعادة بناء ما تهدّم، ومروراً بإصلاح المنظومة التشريعية من خلال سنّ قوانين جديدة وتعديل القوانين القائمة بما يتناسب مع التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الراهنة، ويعزز مبادئ العدالة، و المساواة، وكذلك تعزيز دولة القانون من خلال إرساء مؤسسات قوية تضمن الشفافية والمحاسبة، وتكفل حقوق المواطن بعيداً عن الفساد والمحسوبيات، وليس انتهاءً بالنهوض بالاقتصاد و صياغة تشريعات تدعم الاستثمار، وتخلق فرص عمل، وتؤمن حياة كريمة للمواطنين، بما يعيد الثقة بين الشعب والدولة.
وتابع: ” إن ترميم البيت الداخلي السوري يعد من أولويات مجلس الشعب الجديد بعد حرب طويلة دمر فيها النظام البائد كل أسس العيش المشترك، إذ أصبحت هناك فجوة بين أبناء الشعب السوري، لذلك من واجب مجلس الشعب الجديد إزالة هذه الفجوة بأسرع وقت حتى تلحق سورية بركب الدول المتطورة وأن تصبح دولة الحريات والديمقراطيات.
مراقبة ومتابعة
ودعا المحامي العلي إلى تشكيل لجان نيابية لمراقبة عمل النواب ومتابعة نشاطاتهم، التي يجب أن تكون محصورة في خدمة الشأن العام التي تخص مدنهم ومناطقهم، أي المنفعة العامة، بعيداً عن المكاسب والمنافع الشخصية التي كانت سائدة في عهد النظام المخلوع.
وأمل أن تكون هذه الانتخابات نزيهة بكل معنى الكلمة، وبعيدة عن المحسوبيات، وأن تكون نابعة وصادرة عن إرادة شعبية، وأن ينبثق عنها مجلس شعب حقيقي مستقل غير تابع للسلطة التنفيذية، وأن يكون صوت الشعب الحقيقي وصخرة في وجه الفاسدين، و مستقلاً بقراراته بلا أي إملاءات من أي جهة.
وختم العلي حديثه بالقول: ” إن المرحلة المقبلة تتطلب من أعضاء مجلس الشعب الاضطلاع بمسؤولياتهم وواجباتهم الوطنية، والعمل بجدية وإخلاص ليكون البرلمان منصة للتغيير الإيجابي، وصوتاً حقيقياً للشعب السوري في مسيرته نحو الحرية والعدالة والتنمية “.
وكانت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب السوري، قد أصدرت الاسبوع الماضي، مدونة قواعد السلوك الخاصة بالمرشحين المشاركين في انتخاب أعضاء مجلس الشعب من خلال الهيئات الناخبة، والتي تحدد ما يجب الالتزام به، وما يجب الامتناع عنه فيما يتعلق بإجراءات الترشح، إذ يقرّ المترشح ويلتزم بقواعد السلوك التنافسي أثناء العملية الانتخابية.
وأوضحت اللجنة عبر قناتها على التلغرام أن المدونة تُعد من ضمن المستندات المطلوبة للترشح وملزمة للمرشحين للاطلاع والتوقيع عليها، مبينةً أن المترشح يقر بموجبها بتحمله كامل المسؤولية القانونية، الأمر الذي يخول اللجنة العليا للانتخابات اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه في حال الإخلال بأي من بنودها.
وبيّنت اللجنة أن إصدار المدونة يأتي في إطار تعزيز النزاهة والشفافية في العملية الانتخابية، إذ يلتزم المترشحون لمجلس الشعب بالتقيد بهذه المدونة الأخلاقية التي تهدف إلى ضمان منافسة عادلة وتحقيق المصلحة العامة، مع الالتزام باللوائح المنظمة للانتخابات، مشيرةً إلى أن المدونة تشكل إطاراً أخلاقياً وقانونياً لضمان انتخابات حرة ونزيهة، ويلتزم المترشح بتوقيعها كإقرار منه باحترام مبادئها.
وأبرز ما جاء في المدونة: التزام المترشح بالإعلان الدستوري المؤقت واللوائح المنظمة للانتخابات، بما في ذلك النظام الانتخابي المؤقت للجنة العليا للانتخابات، إذ يمتنع عن أي فعل يعتبر مخالفاً للقانون أو من شأنه التأثير على نزاهة العملية الانتخابية، والقبول بالقرارات النهائية الصادرة عن اللجنة العليا للانتخابات، كما يتجنب المترشح استخدام الموارد العامة أو النفوذ الوظيفي لتحقيق مكاسب انتخابية، وأن يلتزم بقواعد وضوابط وشروط الدعاية الانتخابية للمرشحين وفق ما نصت عليه لائحة الدعاية الانتخابية، وأن يقدم برنامجه الانتخابي بوضوح ومحدد أصولاً، ويتجنب الوعود الكاذبة أو غير الواقعية، واحترام مبدأ المنافسة العادلة، إذ يتوجب على المرشح الامتناع عن التشهير أو الإساءة إلى المترشحين الآخرين أو استخدام الخطاب التحريضي أو الطائفي، كما يجب على المرشح أن يحترم حق الناخبين في الاختيار الحر دون ضغوط أو ترهيب، وألا يستخدم العنف أو التحريض عليه بأي شكل من الأشكال، كما يجب على المرشحين الحفاظ على الوحدة الوطنية من خلال تجنب أي خطاب يثير الفرقة أو التمييز على أساس الدين أو العرق أو الجنس أو المناطقية، ويجب عليه تعزيز قيم التسامح والتعايش السلمي بين مكونات المجتمع.
وكان الرئيس الشرع قد أصدر في يونيو (حزيران) 2025 المرسوم رقم 66، الذي قضى بتشكيل اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب استناداً إلى المادة 24 من الإعلان الدستوري، التي تمنح رئيس الجمهورية صلاحية تشكيل اللجنة العليا للإشراف على العملية الانتخابية.
ووفق المادة 30 من الإعلان الدستوري، يتولى مجلس الشعب صلاحيات تشريعية واسعة، تشمل اقتراح القوانين وإقرارها، وتعديل أو إلغاء التشريعات السابقة، والمصادقة على المعاهدات الدولية، فضلاً عن إقرار الموازنة العامة، وقد حددت ولاية المجلس بثلاثين شهراً قابلة للتمديد، ما يمنح السلطة التنفيذية مرونة في ضبط الإيقاع السياسي خلال المرحلة الانتقالية.