ثورة أون لاين – فؤاد الوادي:
تَهزمنا الكلمات وتَذوب معانيها في حضرة قائد كبير كان بحجم أمة، قائد حمل لواء الدفاع عن الوطن وسخر حياته حارساً أميناً للأجيال والتاريخ والمستقبل.
على وقع الحلم يوقظنا مجدداً صهيل الغياب، بعد أن دفعتنا الذاكرة بعيداً إلى أعماقها، حيث الجنوح إلى الهروب من هذا الواقع العربي المأزوم والمتفكك، بات طموحاً وهدفاً مشروعاً للكثيرين.
في استحضار ذكرى الرحيل، على العهد نبقى حيث الأحرار في كل بقعة من هذا العالم سيبقون يحيون ويعيشون ويقاومون ويستنهضون المستحيل والإعجاز ويترجمونه حقيقة ساطعة على الأرض.
لم يحصل من قبل ومنذ وفاة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر أن بكت الجماهير العربية قائداً فذاً وزعيماً عظيماً، كما بكت بهذه الحرقة والوجع القائد المؤسس حافظ الأسد الذي كان حارساً أمينا لأحلامها وهويتها وقوميتها ومدافعاً صلباً عن حقوقها وقضاياها.
لقد سخر القائد المؤسس حافظ الأسد حياته كلها مدافعا عن الأمة ومناصرا لقضاياها وداعما وحاضنا لكل الأحرار والمقاومين ضد الاحتلال الإسرائيلي والاستعمار بكافة أشكاله وأوجهه وأقنعته، وهذا ما ضاعف من صدمة الغياب والوجع لدى الشارع العربي الذي شعر بخسارة كبيرة ليقينه المطلق أن غياب هذا القائد الكبير سيؤدي إلى ضياع القضايا العربية التي لطالما حاولت إسرائيل ودول الاستعمار ومعها الأنظمة العميلة والتابعة لها اغتيالها وتغييبها عن العقل والفعل العربي الذي أحيا فيه القائد الراحل كل القيم النبيلة والمقاومة التي تتشبث بالحقوق والقضايا العربية والتي تأبى الخنوع والخضوع والاستسلام.
في استحضار الذكرى، تظللنا طهارة المبادئ وصدقية النهج وصوابية الاستشراف والاستراتيجية، وحكمة المواقف والسياسات التي زرعها القائد الراحل في هذا الوطن، لتتجلى مع كل لحظة مفصلية واستثنائية حقائق ودروسا وعبر وأساطير ترجمتها الدولة السورية بكامل منظومتها واقعاً على الأرض، لاسيما خلال سنوات الحرب الماضية والتي أثبتت فيها الدولة السورية (الدولة التي أظهرت مؤسساتها تماسكا وترابطا متينا برغم الاستهدافات المتكررة والممنهجة من أطراف الإرهاب وأدواته – والشعب الذي أظهر نسيجه تلاحما وتماسكا وطنيا راسخاً تُرجم بالصمود الأسطوري والدفاع جنبا إلى جنب مع جيشه الوطني – والجيش العقائدي الذي أثبت وطنيته وعقيدته الأخلاقية وقدرته على الدفاع عن تراب هذا الوطن وتكبيد الأعداء خسائر فادحة وتحقيق انجازات وانتصارات ساحقة مهما استشرس وتعاظم وتكاثر الأعداء- والسيد الرئيس بشار الأسد الذي كان في الصف الأول مدافعا ومقاوما عن وحدة وتراب وكرامة سورية)،الذي اثبت كل ذلك ، ليس قدرتها على التماسك والصمود والمواجهة والدفاع فحسب، بل قدرتها على التحدي ورد العدوان وصنع الانجازات وتحقيق الانتصارات الصادمة والمفاجئة للعدو وفي التوقيت الذي تشاء وتريد.
لقد أثبتت السنوات التي أعقبت رحيل القائد المؤسس حافظ الأسد صلابة ومتانة أركان البيت الوطني الذي عُززت دعائمه مع وجود قائد كبير كالرئيس بشار الأسد الذي أبى إلا أن يكمل مسيرة البناء والنضال والدفاع عن الحقوق والقضايا العربية، وهذا الأمر كان السبب الأساسي وراء استهداف سورية المتواصل حتى اللحظة من قبل أميركا والكيان الصهيوني وأدواتهما وعملائهما في المنطقة، الذين أيقنوا أن سياسة دمشق وبوصلتها تبقى الوطنية والقومية والعروبة والصلابة والتمسك أكثر بالحقوق والقضايا العربية والدفاع عنها حتى أخر رمق، وكذلك دعم واحتضان كل الأحرار والمقاومين ضد الصهيونية والاستعمار بكافة أشكاله وألوانه.