ثورة أون لاين – عبد الحميد غانم:
جاء مشروع القرار الأخير أمام مجلس الأمن الدولي حول المساعدات الإنسانية إلى سورية، والذي سعت بعض الدول الأوروبية مؤخراً إلى تمريره، واستخدمت كل من الصين وروسيا (الفيتو) ضده، ليؤكد من جديد السياسات الغربية العدوانية ضد سورية والمنطقة عموماً.
خطورة المشروع أنه يجيز نقل مواد تحت مسمى المساعدات الإنسانية عبر نقاط الحدود دون موافقة الحكومة السورية المعنية الأولى بإدارة العملية الإنسانية والتنمية في البلاد.
فمشروع القرار يطرح الكثير من المغالطات السياسية التي يدعيها الغرب في تعامله مع قضايا المنطقة والعالم.. هذه المغالطات ترفع شعارات حق يراد بها باطل.
فهو يأتي تحت غطاء وشعارات (الإنسانية ورفع المعاناة عن المدنيين السوريين)، لكنه لا يعمل في ذات الوقت على الحد من وطأة الحصار الاقتصادي الذي تفرضه الحكومات الغربية منذ عقود على سورية، وخصوصاً الإجراءات الاقتصادية الأمريكية والأوروبية القسرية أحادية الجانب، والتي كان آخرها ما يسمى قانون قيصر الأمريكي، والتي تزيد من معاناة المواطنين السوريين.
إن من يدعي الحرص على حقوق الإنسان في سياق القرارات الدولية، ومن يهمه مصلحة السوريين حقيقة، لا يستغل الأوضاع الإنسانية في سورية، ولا ينتهك سيادة الدولة.. ومن يريد الحرص، عليه أن يتعامل مع الحكومة السورية، التي مكنت الجهات الدولية الإنسانية خلال سنوات الأزمة والحرب العدوانية من القيام بدورها وتحقيق أهدافها الإنسانية.
لقد سجلت بعض المنظمات الدولية، ووفقاً للإعلام العالمي نفسه، الممارسات الفظة، وكيف كانت تقوم العصابات الإرهابية المسلحة بتوزيع المساعدات على المناطق التي كانت تحت سيطرتها، واتسمت ممارساتها بالتجويع واستغلال حاجات الأفراد.
لقد تجاهل مشروع القرار تعديلات الصين العضو الدائم في مجلس الأمن لاسيما التنسيق مع الحكومة السورية صاحبة المسؤولية الأولى لتحسين الوضع الإنساني في البلاد واحترام سيادة سورية وسلامة أراضيها، كما لم يراع القرار إرادة روسيا العضو الدائم في المجلس لتحسين مشروع القرار، لذلك كان من الطبيعي، أن تعترض الصين وروسيا عليه، باستخدام حق النقض(الفيتو).
السؤال هنا ما الغاية وراء تغييب الحكومة السورية كشرط لتقديم المساعدات.
لاشك أن محركي مشروع القرار من الدول الأوروبية، الذي يتناغم مع السياسات الأمريكية الاقتصادية والسياسية والعسكرية الجارية حالياً، أرادوا مآرب أخرى، ولم ينووا العمل الإنساني، فهم أرادوا استهداف سورية كعادتهم، سورية الشعب، سورية الدولة بكل مؤسساتها، لاسيما المؤسسة العسكرية، الجيش العربي السوري الذي أثبت ببطولات بواسله أنه بحق سياج الوطن الحصين، إذ شكلت انتصاراته المرتكز الأساس في تحقيق الأمن والاستقرار في ربوع الوطن وإفشال مخططات الغرب.
لقد أردوا تعطيل عمل الحكومة السورية ودورها، الذي أثبتت التجربة، أهميته في المحافظة على المكتسبات التي حققها الجيش ووضوح السياسة السورية الثابتة والحكيمة للسيد الرئيس بشار الأسد، وعملها في تنظيم ورعاية العملية الإنسانية والتنمية البشرية في البلاد، وفي تمكين المنظمات الدولية من تحقيق الأهداف الإنسانية.
لقد كان مشروع القرار المذكور مشروعاً مسيساً، يهدف إلى إعطاء أعداء سورية فرصة جديدة لتحقيق مآربهم الخطيرة في المنطقة، بجعل حدودها مستباحة دون رقيب أو حسيب بيد الإرهابيين ومشغليهم لتهريب الأسلحة وسرقة ثروات البلد، للنيل من صمود سورية وشعبها المقاوم، وفرض المخطط الغربي، الذي تعمل عليه دوائر السياسات الأمريكية منذ منتصف القرن الماضي لتحقيق الأطماع الصهيونية في المنطقة.