ثورة أون لاين – ترجمة ختام أحمد:
تشير العديد من العلامات إلى أزمة في النظام العالمي لأن الاستجابة الدولية غير المنسقة لوباء COVID-19، والانكماش الاقتصادي الناتج، وعودة السياسة القومية لكل بلد، وإغلاق حدود الدول، كلها تنذر بظهور نظام دولي أقل تعاونية وأكثر هشاشة وفقًا لكثير من المراقبين، وهذه التطورات تؤكد مخاطر سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “أمريكا أولاً” وتراجعه عن القيادة العالمية.
حتى قبل الوباء، انتقد ترامب بشكل مباشر التحالفات والمؤسسات مثل حلف شمال الأطلسي، ودَعمَ تفكك الاتحاد الأوروبي، وانسحب من مجموعة من الاتفاقيات والمنظمات الدولية وقد شكك في مزايا القيم الليبرالية مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان، ودعم سياسة ” المعاملات الصفرية “، وهي فكرة أن الولايات المتحدة تتخلى عن التزامها بتعزيز نظام دولي ليبرالي.
يعتقد بعض المحللين أن الولايات المتحدة لا تزال قادرة على تغيير هذا الوضع، من خلال استعادة الاستراتيجيات التي قامت من خلالها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية إلى ما بعد الحرب الباردة ببناء نظام دولي ناجح.
طبعاً هذا ” إذا ” تمكنت الولايات المتحدة بعد ترامب من استعادة مسؤوليات القوة العالمية لأن تنبؤات الانحدار الأمريكي والتحول في النظام الدولي ليست بجديدة.
في منتصف الثمانينيات اعتقد العديد من المحللين أن القيادة الأمريكية كانت في طريقها للخروج، وقد انهار نظام بريتون وودز في السبعينيات، وواجهت الولايات المتحدة منافسة متزايدة من اقتصاديات أوروبا وشرق آسيا، ولاسيما ألمانيا الغربية واليابان، وكان الاتحاد السوفييتي يشبه السمة الثابتة للسياسة العالمية بحلول نهاية عام 1991، ومع ذلك كان قد حل بشكل رسمي، وكانت اليابان تدخل “عقدها الضائع” من الركود الاقتصادي، واستهلكت مهمة التكامل الباهظة ألمانيا الموحدة، و شهدت الولايات المتحدة عقدًا من الابتكار التكنولوجي المزدهر والنمو الاقتصادي المرتفع بشكل غير متوقع، وكانت النتيجة ما اعتبره الكثيرون “لحظة أحادية القطب” للهيمنة الأمريكية.
لكن هذه المرة مختلفة حقا لأن القوى التي جعلت الهيمنة الأمريكية متينة للغاية من قبل، هي نفسها التي تقود تفككها اليوم.
ثلاثة أحداث هامة جرت مكنت وثبتت الهيمنة الأمريكية بعد الحرب الباردة.
أولاً: هزيمة الشيوعية، “لم تواجه الولايات المتحدة أي مشروع أيديولوجي عالمي كبير يمكن أن ينافسها”.
ثانيًا: مع تفكك الاتحاد السوفييتي والبنية التحتية المرافقة للمؤسسات والشراكات، كانت الدول الضعيفة تفتقر إلى البدائل فلا يوجد سوى الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين عندما يتعلق الأمر بتأمين الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي.
وثالثًا: كان الناشطون والحركات عبر الوطنية ينشرون القيم والمعايير الليبرالية التي عززت النظام الليبرالي.
اليوم، انقلبت هذه الديناميكيات نفسها ضد الولايات المتحدة، ووقعت في حلقة مفرغة تؤدي إلى تآكل قوة الولايات المتحدة وستحل محلها القوى التي عززتها ذات مرة.
ومع صعود القوى العظمى مثل الصين وروسيا التي تنافس المشاريع الاستبدادية وغير الليبرالية النظام الدولي الليبرالي بقيادة الولايات المتحدة، يمكن للبلدان النامية – وحتى العديد من البلدان المتقدمة – أن تبحث عن مساعدة وتطلب الدعم من القوة الجديدة ( روسيا والصين ) بدلاً من أن تظل تعتمد على الدعم الأمريكي والغربي.
باختصار إن القيادة العالمية للولايات المتحدة ليست في حالة تراجع فقط، بل إنها في حالة تفككك وانهيار.
بقلم: ألكسندر كولي