تحت قبة البرلمان.. حكاية الاستقلال السوري

ثورة أون لاين – زينب العيسى:

من أرضها بدأت الحضارات الإنسانية، ومن رحمها خُلقت المقاومة وعلى حجارتها نقشت أول القوانين، هي سورية موطن التشريع الأول وأم الدساتير، ومنها شعت وبزغت الحياة البرلمانية والحزبية، فكانت أول دولة عربية تحتضن أول برلمان عربي، هي سورية مهد الحضارة ونبع الثقافة.
قبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى، عمل رواد النهضة والثقافة، وقادة الرأي في سورية على بث روح التحرّر والاستقلال في بلاد العرب، فكان الصراع بين السوريين والسلطات العثمانية التركية على أشدّه، ولم تكن طموحات الشعب وآماله وتوقه للحرية تعني شيئاً للعثمانيين المتطرفين، حيث قابلوا النشاطات الثقافية والسياسية في سورية بالقمع والسجن والتّشريد، فتنادى ممثلو الجمعيات السياسية العربية، وزعماء النهضة، وقادة التيارات السياسية والثقافية في سورية إلى باريس عام 1913 وعقدوا مؤتمراً كان هدفه المطالبة بإصلاح أحوال بلاد الشام عامة على أساس الحكم اللا مركزي، والقيام بإصلاحات إدارية وماليّة وسياسية، وتطوير البلاد في مختلف المجالات، والاعتراف باللغة العربية لغة رسمية في الدولة.
وما إن وضعت الحرب أوزارها، ورحل الاحتلال العثماني عن بلادنا، حتى قامت المؤسسة التشريعية بشقّ طريقها باسم جماهير الشعب السوري، حيث انعقد المؤتمر السوري الأول عام 1919 فكان أول صيغة تشريعية تمثيلية للشعب عرفتها بلادنا، وفي 8 آذار 1920 أعلن المؤتمر السوري استقلال سورية بحدودها الطبيعية، تعبيراً عن إرادة الشعب والحركة القومية العربية، ورفض المؤتمر التدخل الأجنبي ووعد بلفور والانتداب، ووضع دستوراً مؤقتاً لسورية سمّي القانون الأساسي.
ولكن فرنسا وبريطانيا اقتسمتا بلاد الشام بموجب اتفاقية سايكس- بيكو، فهاجمت الجيوش الفرنسية سورية ولبنان واحتلتهما، ودخلت دمشق بعد معركة ميسلون في 14 تموز 1920، وبالطبع تم إجهاض تلك التجربة التشريعية الأولى وحل المؤتمر السوري.
وبدأ الفصل الدامي للصراع بين الشعب العربي السوري وسلطات الانتداب الفرنسي، فاندلعت الثورات الشعبية في كل أنحاء سورية، وتحت ضربات قوات المقاومة للاستعمار سنة 1925، اضطرت السلطة الفرنسية المحتلة للاستجابة لمطالب الشعب بإجراء انتخابات عامة في نيسان 1928 وإنشاء المجلس التأسيسي الذي انعقد في حزيران 1928، وقام بوضع دستور للبلاد، لكنّ المندوب السامي اعترض على مضمون هذا الدستور وعطّل المجلس، وفي عام 1931 جرت انتخابات لتشكيل مجلس نيابي، ثم ألغيت بسبب تدخّل سلطة الانتداب الفرنسي في حرية الانتخاب، وفي سنة 1932 أجريت انتخابات أخرى وعقد المجلس النيابي، فعرضت عليه فرنسا معاهدة سياسية، رفضها المجلس فعطّله المندوب السامي سنة 1933.
وجرت انتخابات سنة 1936 ولكن لم يدم المجلس المنبثق عنها إلّا إلى سنة 1939 حيث عطّله المندوب السامي بسبب رفض واحتجاج المجلس على سلخ لواء اسكندرون المحتل وتسليمه لتركيا.
وفي سنة 1943 جرت انتخابات تشريعية نتج عنها مجلس نيابي دام حتى 29 أيار 1945، حيث هاجم الفرنسيون مبنى المجلس النيابي السوري بدمشق، واستشهد أفراد حاميته خلال الدفاع عنه، بعدما قصف المحتل الفرنسي دمشق والمدن السورية بالمدافع.
ومع استمرار الغليان والثورة الشعبية ضدّ سلطات الاحتلال الفرنسي وازدياد القمع الوحشي، قاوم السوريون الاستعمار الفرنسي بكل ما استطاعوا من قوة على الأرض، وفي المحافل الدولية أيضا، ووصل صوتهم إلى مجلس الأمن هناك، حيث عقد المجلس جلسة قرّر فيها وجوب جلاء قوات الاحتلال الفرنسي عن سورية، وقد تمّ فعلاً جلاء آخر جندي فرنسي في 17 نيسان 1946، ما مكن سورية في نهاية المطاف من تحقيق الاستقلال، وأن تمارس حياتها الطبيعية، فكانت الانتخابات العامة سنة 1947 وتشكّل المجلس النيابي، وبدأ عهد الحرية والسيادة الوطنية وبناء مؤسسات الشعب.
ولكن انقلاب حسني الزعيم عام 1949 جعل الحياة الديمقراطية في خطر وقلق دائم، وتتابعت الانقلابات العسكرية واستمرت المواجهة بين المجالس المنتخبة، وبين قادة الانقلابات، وبين عامي 1951 أجريت انتخابات، وتشكّل مجلس نيابي دام ثلاث سنوات وهو المجلس الذي أقرّ الوحدة العربية بين مصر وسورية عام 1958، وفي عام 1960 أجريت انتخابات لمجلس الأمة في الجمهورية العربية المتحدة، ولم يعمّر هذا المجلس طويلاً بسبب الانفصال في أيلول 1961، وأجريت في سورية بعد ذلك انتخابات عامّة في كانون الثاني 1961، وتشكّل المجلس النيابي الذي مارس عمله حتى قيام ثورة 8 آذار المجيدة عام 1963 حيث انتقل التشريع في البلاد إلى المجلس الوطني للثورة عام 1965.
ومنذ بداية الحركة التصحيحية المجيدة عام 1970 التي قادها القائد المؤسس حافظ الأسد، أصبح مفهوم الديمقراطية في سورية لا يأخذ بالصيغة التمثيلية القديمة، بل أصبح أكثر تطورا، ويعنى بمفهوم الديمقراطية الشعبية حيث يمارس الشعب الحكم بمختلف فئاته، وكان موقف الشعب العربي السوري من المجلس التشريعي ثابتاً ومتطابقاً مع موقف القائد المؤسس والقيادة، بضرورة وجود السلطة التشريعية في بلدنا الذي ينشد الحرية والتّقدم، لأنّها تمثل الشعب وتساهم في تطوير حياته وتحقيق أهدافه.

وقد قام مجلس الشعب فعلاً بإنجاز الدستور الدائم وأقرّه عام 1973 إضافة إلى إقراره لقانون الانتخابات في العام نفسه، كما أنجز المجلس في دوراته التشريعية المتتالية وصولاً إلى الدور السابع، العديد من القوانين المهمّة، كقانون الإدارة المحلّية وغيره من القوانين التي تخدم مصلحة الشعب والوطن.
وكان أول مجلس تشريعي منتخب انتخاباً مباشراً من الشعب في عام 1973 إنجازاً ونصراً كبيراً عن طريق الديمقراطية الشعبية

آخر الأخبار
خطوة "الخارجية" بداية لمرحلة تعافي الدبلوماسية السورية  الشرع يترأس الاجتماع الأول للحكومة.. جولة أفق للأولويات والخطط المستقبلية تشليك: الرئيس الشرع سيزور تركيا في الـ11 الجاري ويشارك في منتدى أنطاليا بعد قرارات ترامب.. الجنيه المصري يتراجع إلى أدنى مستوياته الأمم المتحدة تحذر من انعدام الأمن الغذائي في سوريا.. وخبير لـ" الثورة": الكلام غير دقيق The Hill: إدارة ترامب منقسمة حول الوجود العسكري الروسي في سوريا أهالٍ من حيي الأشرفيّة والشّيخ مقصود: الاتفاق منطلق لبناء الإنسان تحت راية الوطن نقل دمشق تستأنف عملها.. تحسينات في الإجراءات والتقنيات وتبسيط الإجراءات وتخفيض الرسوم نظراً للإقبال.. "أسواق الخير" باللاذقية تستمر بعروضها "التوعية وتمكين الذات" خطوة نحو حياة أفضل للسّيدات تساؤلات بالجملة حول فرض الرسوم الجمركية الأمريكية الخوذ البيضاء: 453 منطقة ملوثة بمخلّفات خطرة في سوريا تراكم القمامة في حي الوحدة بجرمانا يثير المخاوف من الأمراض والأوبئة رئيس وزراء ماليزيا يهنِّئ الرئيس الشرع بتشكيل الحكومة ويؤكِّد حرص بلاده على توطيد العلاقات مصير الاعتداءات على سوريا.. هل يحسمها لقاء ترامب نتنياهو غداً إعلام أميركي: إسرائيل تتوغل وتسرق أراض... Middle East Eye: أنقرة لا تريد صراعا مع إسرائيل في سوريا "كهرباء طرطوس".. متابعة الصيانة وإصلاح الشبكة واستقرارها إصلاح عطل محطة عين التنور لمياه الشرب بحمص علاوي لـ"الثورة": العقوبات الأميركية تعرقل المساعدات الأوروبية السّورية لحقوق الإنسان": الاعتداءات الإسرائيليّة على سوريا انتهاك للقانون الدّولي الإنساني