على مدار العقود الماضية لعب القطاع العام دوراً بارزاً كحامل حقيقي للاقتصاد الوطني وكذراع حقيقية للدولة, وبرزت أهميته أكثر في ظل الحرب التي تعرضت لها سورية حيث كان ضامناً كبيراً للوضع الاقتصادي والاجتماعي في الوقت الذي اتجهت فيه الكثير من شركات ومؤسسات القطاع الخاص لتهريب أموالها للخارج وتسريح المئات من العاملين لديها والتهرب من مسؤولياتها تجاههم.
مؤسسات القطاع العام كانت ولا تزال رافداً للتنمية نظراً لما تملكه من إمكانيات بشرية ومادية وبنى تحتية كبيرة يجب تطويرها والعمل على استثمارها، ووجود هذا القطاع أمر لا غنى عنه مهما كانت درجة العداء له من قبل بعض المتحاملين عليه، والدليل أن القطاع العام مازال موجوداً حتى اليوم في الكثير من الدول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان و دول أوروبا وغيرها.
إصلاح القطاع العام ومؤسساته وشركاته وتخليصه من مشاكله ومعوقاته، يجب أن تكون أولوية في أي خطة عمل قادمة, ونقطة الانطلاق في عملية الإصلاح والتطوير تكمن في تشخيص واقع تلك الشركات والتأكيد على استقلالها المالي والإداري ومنحها المرونة الكافية بعد إعادة هيكلتها وتعزيز إنتاجيتها بما يمكنها من التنافسية, والبحث عن إدارات كفوءة وفاعلة تتصف بالنزاهة والإيمان بموضوعية وأهمية دور القطاع العام ولاسيما خلال مرحلة إعادة الإعمار وإبقاء ملكيتة للدولة، والمضي في مكافحة الفساد والفاسدين، والاستفادة من التشاركية لتشغيل المؤسسات المتوقفة عن العمل وليس الشراكة بالمؤسسات الرابحة.
القطاع العام نشأ تحت شعار الإحلال محل الواردات، وتلبية احتياجات السوق المحلي، وفي البداية تم تطبيق سياسة حماية شديدة له، ولكنه لم يوفق بإدارات ناجحة بسبب ثقافة اللامبالاة وعدم وجود مساءلة حقيقة مما انعكس سلباً على أدائه وحوّله من قطاع رابح الى قطاع خاسر إضافة إلى الترهل والفساد و تفاقم المشاكل الداخلية وتعقدها في الكثير من شركاته ومؤسساته والافتقار للتقييم الحقيقي لأداء الموظفين وعدم وجود أسس ناجحة في إدارة الموارد البشرية في مؤسسات الدولة.
القرارات المتأخرة دائماً تكلف الكثير لأنها ستكون أساساً لقرارات أخرى تبنى عليها، لذا يجب المباشرة بموضوع الإصلاح الذي يتم تدويره من خطة لأخرى و وضعه على السكة الصحيحة والبدء بإجراء دراسة تشخيصية لكل شركة أو مؤسسة و وضع خطط الإصلاح التي تتناسب وحاجة كل مؤسسة وإعطاء المرونة والصلاحيات اللازمة لإدارة هذا القطاع لتنظيم موارده واستثمارها بالشكل الأمثل واستكمال الدراسات والإجراءات التي بدأت سابقا والاستفادة من توصياتها ووضع الممكن منها موضع التنفيذ.
أروقة محلية – بسام زيود