عجيب أمر المواطن السوري لا يعجبه العجب كما يقال، تذمر وانتقاد ونقّ على أي خطوة تتخذها الجهات المعنية تجاهه لتأمين مستلزماته الأساسية منها وما يندرج تحت بند الرفاهية، ومؤخراً زفت له الخبر المفرح بأن عمليات الاستيراد وصلت للإكوادور فقط كي تؤمن له مادة الموز التي باتت خلال الأشهر الماضية حلماً بالنسبة له ولأبنائه بعد أن وصل سعر الكيلو منه لأرقام كبيرة جداً.
نعم تركت الجهات التنفيذية كل خيارات دعم الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني بعد وصول العديد من قطاعاته ومنها الدواجن لمرحلة خطيرة باتت تهدد وجوده وباتت عبارات الاستيراد لمواد ومنتجات كان لسورية موقع متقدم فيها لجهة تصديرها، كالبيض على سبيل المثال، تمر مرور الكرام باعتبارها الخيار الأسهل أمام صاحب القرار الذي لم يترك فرصة للحديث عن القطاع الزراعي وفتح سقف دعمه ورعايته وأنه المحرك الأساس لعجلة الصناعة، ومع كل ذلك يتراجع الأداء والإنتاجية للعديد من منتجاته بالسوق، وترتفع أسعاره بشكل غير مسبوق، فقط كي نصل لمرحلة تمرير قرارات الاستيراد لمصلحة قلة من المستوردين والمحتكرين الذين اعتادوا التربص بمثل هذه الأوضاع لاقتناص فرصتهم بالإثراء السريع.
تجربة استيراد المنتجات المجمدة ولاسيما الفروج واللحوم أثبتت بكثير من المرات التي تمت بها في سنوات سابقة عدم جدواها وخاصة بعد عزوف المستهلك السوري عنها لاعتياده عادات استهلاكية ليس من السهل تغييرها، لذلك تحولت بمجملها للمطاعم والعودة لأسطوانة استيرادها مجدداً دليل آخر على عجز الجهات المعنية على تجاوز الصعوبات الكثيرة التي تواجه القطاع منذ سنوات، ومع كل هذا الواقع وتواجد الكوادر العلمية والبحثية بمختلف المجالات وما يعلن على منابرها وفي وسائل الإعلام الوطني أو حتى على مواقع التواصل الاجتماعي من مبادرات وأفكار ومقترحات تطويرية قادرة على المساعدة والنهوض بواقع العديد من القطاعات، إلا أن التجاهل والتغاضي عن الأخذ بها والاستفادة منها هو السياسة المتبعة.
إن نماء القطاع الزراعي والصناعي والاقتصادي لن يتم أبداً بالشعارات والعناوين البراقة التي لا تجد مضموناً جيداً وتنفيذياً، وإنما بتكاتف جهود وطاقات وأفكار الجميع.
الكنز- هناء ديب