ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها السيد الرئيس بشار الأسد عن الخلل في التشريعات والقوانين من خلال الثغرات الكثيرة التي تؤدي إلى الفساد بأشكاله المختلفة كونها تضرّ بالمؤسسات وبالمسؤول عنها مهما كان جاداً ومخلصاً بعمله، فذلك الخلل سيشرعن ويوسع دائرة الفساد من خلال التلاعب بالقانون ذاته وخلق بيئة خصبة تعزز ثقافة الفساد نتيجة غياب المراجعة القانونية لسد تلك الثغرات.
فما نراه في الآونة الأخيرة من إصدار العديد من القوانين والتشريعات دون دراسة كافية للواقع الراهن يتناسب ومقاسات معينة تزيد من المركزية بدلاً من معالجة المشكلات، وتطوير الواقع التشريعي والحد من الأخطاء التي تقع بها بعض التشريعات والتي يضطر فيما بعد إلى تعديل هذا القانون أو ذاك بعد صدوره بفترة قليلة.
ورغم تأسيس هيئة عليا منذ ثلاث سنوات تُعنى بمختلف التشريعات والقوانين الحديثة بهدف إعطاء المزيد من المرونة والاستقلالية عند إصدار أي تشريع بدون أي تدخلات من هنا وهناك لصالح جهات محددة، إلا أن ما ترجم على أرض الواقع المزيد من الأخطاء والمخالفات للعديد من مشاريع القوانين التي تم طرحها خلال الفترة الماضية لدرجة اعتبار بعضها مخالفاً للدستور، والأمثلة كثيرة.
فالتشريعات والقوانين أساس النمو الاقتصادي الذي يمكن لأي بلد تحقيقه، فلا يمكن تصور ازدهار اقتصادي في ظلّ جمود تشريعي لا يتماشى وتطلعات النمو المستهدف، لذلك لابدّ من العمل بصورة دائمة على تطوير القوانين بمختلف أشكالها ولاسيما الاقتصادية لمنحها المزيد من الحيوية والقدرة على تحقيق أعلى مردودية اقتصادية ممكنة للقطاعات التي تغطيها.
فالتغيير في البنى التشريعية لا يعني الاستهتار ولا العبث بل يعني أن ثمة حاجات حيوية للناس لم يعد بمقدور القوانين الحالية تلبيتها، لذلك هي بحاجة لتدوير زواياها لتغدو أكثر قابلية على تقديم الخدمة المثلى للناس بعيداً عن الروتين وشكل التشريع لا جوهره.
لذلك لابدّ أن تكون تلك القوانين والتشريعات عرضة للمساءلة والمراجعة والاختبار لمعرفة إمكانياتها الذاتية في تلبية حاجات الناس، وتحديداً تلك التي على تماس مباشر بحياتهم اليومية، فقياس الرضا الشعبي عنها والمحاسبة الفعلية لآلية تنفيذها هو معيار نجاحها.
لذلك نحن بأمس الحاجة إلى وضع جدول زمني يحدد من خلاله القوانين والتشريعات المطلوب تعديلها أو تغييرها وفق الأولويات لردم الفجوة الحالية، ومناقشتها بشكل علني للوصول إلى قانون يخدم المواطن والبلد على السواء.
الكنز – ميساء العلي