الثورة أون لاين – عبد الحميد غانم:
من جديد تتصدّر الحرب السيبرانية التي تشنّها الولايات المتحدة الأميركيّة الاهتمام الدوليّ، وهذه المرة تؤكّد المعلومات أنّ الولايات المتحدة تشنّ حرباً جديدة ضدّ العالم.
فقد أكد نائب سكرتير مجلس الأمن الروسي أوليغ خراموف أن نحو 75 في المئة من الهجمات الالكترونية في العالم تتم من داخل الولايات المتحدة.
وقال: “يتصدّر الأميركيون الإحصاءات المتعلقة بالأنشطة الالكترونية الضارة بحجم كبير ففي الفترة الممتدة من 2016 إلى 2019 وصل حجم الهجمات التي مصدرها الولايات المتحدة إلى ما بين 40 و70 بالمئة”.
وكانت شركة الأمن السيبراني الروسي كاسبرسكي لاب أعلنت في وقت سابق أنها حددت مجموعة من المتسللين تدعى القبيلة الشفافة نفذت في الفترة من حزيران عام 2019 وحتى الشهر نفسه من عام 2020 حملة تجسس على أكثر من ألف هدف بينهم موظفو حكومات ومنظمات عسكرية في 27 دولة.
ويقصد بالحرب السيبرانية المتداولة حديثاً بالعمليات التي تجري في الفضاء الإلكتروني، وتستخدم وسائل وأساليب قتال ترقى إلى مستوى النزاع المسلح أو تجري في سياقه، فالحرب السيبرانية هي حرب تتمّ عبر الشابكة (الإنترنت)، وتعدّ شكلاً من أشكال الحرب الإلكترونية كإجراء عسكري يتضمّن استخدام الطاقة الكهرومغناطيسية للتحكّم في المجال الذي يتميّز باستخدام الإلكترونيات والطائف الكهرومغناطيسي لاستخدام بيانات التبادل عبر الأنظمة الشبكية والبنى التحتية المرتبطة بها.
أما معظم أهداف الحرب السبرينية الأميركيّة فتتركز في أفغانستان وباكستان والهند وإيران وألمانيا، كما تشنّ الولايات المتحدة حملة ضدّ الصين ولاسيما شركة إنتاج أجهزة المحمول هاواوي وشركة التيك توك، وتستهدف دولاً ومجتمعات مثل روسيا وفنزويلا ودولاً عربية.
وتستخدم المجموعة الأميركيّة في هجومها برمجية حصان طروادة الخبيثة للتحكم عن بعد وهي من أخطر أنواع التطبيقات الخطيرة، والتي تتسلل إلى أجهزة الكمبيوتر متخفية في صورة برامج شرعية للقيام بحملات تجسس وتدمير.
لذلك أصبح الأمن السيبراني من أهم مجالات الأمن في القرن الحادي والعشرين، ومن المعروف أن الهيمنة السيبرانية ترسم ملامح الحروب في القرن القادم ما يستلزم تغيير الاستراتيجية في اتجاه التصعيد مع قوى أخرى معادية نشطة في ساحة الحرب السيبرانية التي تحارب عليها منذ أكثر من عشرة أعوام فرق من القوات الأميركيّة الخاصة ومجموعات موالية من قراصنة الانترنت المرتزقة المجندين حسب اللزوم.
وقد ظهرت الحرب السيبرانية كأداة من أدوات الجيل الخامس للحروب الأميركيّة، بدءاً من الحرب التقليدية التي مثّلت الجيل الأول من الحروب والتي كان طرفاها واضحين معلومين تكون النتيجة بانتصار طرف وخسارة الآخر ، ثم الجيل الثاني من الحروب الذي تمثل في الحروب الشاملة فكل موارد الدولة السياسيّة والاقتصاديّة والديمغرافيّة والثقافيّة والدعائيّة مسخّرة للمجهود الحربي، أما الجيل الثالث من الحروب هو الذي أعقب الحرب العالمية الثانية، تميّز بالحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي سابقا والولايات المتحدة الأميركيّة ،مسرحها العالم بأسره وطابعها حرب الوكالة (كوريا –فيتنام-أفغانستان) وحروب التجسس الشاملة والدعاية العقائدية الشاملة والحرب الاقتصاديّة والانقلابات العسكريّة والدوران في فلك إحدى الكتلتين.
أما حروب الجيل الرابع فقد سادت منذ تسعينيات القرن العشرين وسقوط الاتحاد السوفيتي وتمثلت في اختلال الموازين العسكرية، وأنتجت حروب الصدمة والترويع التي تدمّر كل شيء كما في حرب أميركا ضدّ صربيا وأفغانستان ثم العراق، تعتمد أساليب خاصة كالاغتيالات والتفجيرات والاختطاف والسطو إضافة إلى ظهور الحرب الأهلية في دول العالم الثالث .
أما الجيل الخامس فهو حرب اللا عنف لإسقاط الأنظمة بلا سلاح مباشر وبأقل التكاليف عبر تأجيج المظاهرات والاضرابات والاعتصامات والعصيان المدني ودعم مجموعات تخريبية وجلب الإرهابيين من بقاع مختلفة ووضعهم في تنظيمات إرهابية تحت مسميات مختلفة من خلال الحرب السبراينية وهو ما حدث في المنطقة العربية منذ سنة 2011.
لقد عملت الحرب السيبرانية على اختراق مواقع التواصل الاجتماعي لتنظيم “داعش” الإرهابي ما أسهم في التعتيم على القنوات المذاعة النشطة في تجنيد الإرهابيين المحتملين .
وفي إطار ما قام به البنتاغون بزيادة صلاحيات القيادة السيبرانية للفرقة العسكرية التي أنشئت خصيصاً للحرب السيبرانية بهدف السماح لها باتباع نهج أكثر عدوانية والقيام بعمليات ذات طابع هجومي وهو خيار يدل على استراتيجية واشنطن الجديدة.
خطورة هذه الحرب أن الولايات المتحدة تلتقي مع الكيان الصهيوني في استهداف المجتمعات العربية.
تستهدف الإمكانات والقدرات العربية، ليس فقط مؤسسات الدولة فحسب، بل الأفراد ومؤسسات المجتمع كلها.
ما يتطلّب تعزيز جبهة المواجهة المجتمعية والوطنية باعتبارها قضية وطنية وقضية مواطنين، وتعزيز طاقات المواجهة الجمعية والذاتية بامتلاك ناصية العلم والمعرفة وتوظيفها في خدمة الأهداف.