مستقبل الانتعاش الاقتصادي العالمي في ظل الجشع الأميركي

الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
لم يوقف انتشار وباء COVID-19، الحمائية الأمريكية كما لم يؤثر على نزاعاتها التجارية مع بقية دول العالم، خاصة مع الصين والاتحاد الأوروبي. في الواقع أدى هذا إلى تعميق الصراع الذي سوف يؤدي إلى تجارة دولية معقدة للغاية في مرحلة ما بعد الجائحة، وهذا بدوره سيؤدي إلى تفاقم الميول الحمائية للاقتصادات المتقدمة، ما يؤثر سلباً على الانتعاش العالمي.
حسب تقديرات منظمة التجارة العالمية (WTO) الآن فقد تم تسجيل انخفاض يصل إلى 18.5٪ في تبادل السلع والخدمات لهذا العام. وبدلاً من وضع إطار للتعاون والتنسيق لمعالجة الأزمة العالمية الناجمة عن COVID-19 ، تسعى الولايات المتحدة إلى تعقيد آليات التعاون بين القوى العالمية.
انخفضت التجارة العالمية بشكل حاد في النصف الأول من العام الحالي بسبب تأثير الوباء على الاقتصاد العالمي، ويقدر الاقتصاديون في منظمة التجارة العالمية أن حجم التجارة سينخفض بشكل كبير في عام 2020، ووفقا للإحصائيات في المنظمة فقد انخفض حجم التجارة السلعية بنسبة 3٪ في الربع الأول، وتشير التقديرات الأولية للربع الثاني إلى انخفاض بنسبة 18.5٪ على أساس سنوي.
يقول المدير العام لمنظمة التجارة العالمية روبرتو أزيفيدو:” إن الانهيار في التجارة العالمية الذي نشهده حاليا يصل إلى مستويات تاريخية، ولكن هناك جانب إيجابي مهم لهذه الظاهرة، وهو أنه كان يمكن أن يكون أسوأ بكثير”.
أدى الانخفاض الحاد للغاية في الناتج المحلي الإجمالي لمعظم البلدان بسبب انتشار كوفيد-19 إلى انخفاض كبير في التجارة الدولية، وقد كتب الخبير الاقتصادي الأرجنتيني برونو سوساني المقيم في فرنسا أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تسعى إلى تنظيم التجارة العالمية بناءً على احتياجات الحفاظ على هيمنتها الاقتصادية.
تعتبر الولايات المتحدة الدولة الأكثر تطلبًا في منظمة التجارة العالمية والمخالف الرئيسي للوائح المنظمة، فهي تنشر مجموعة واسعة من الحواجز غير المشروعة لعرقلة دخول بعض المنتجات المستوردة التي يمكن أن تنافس إنتاجها المحلي.
ومن جهة أخرى فإن الولايات المتحدة تتمتع بأكبر قدر من الخبرة في تطبيق الحواجز الحمائية وتستخدم مجموعة واسعة من التدابير التي تشوه النظام والقانون التجاري، مثل وضع الحدود القصوى للتعريفات الجمركية على بعض المنتجات الأولية، والحصص الجمركية، ودعم الصادرات، والحواجز التقنية، وغيرها من الأمور، كما تقوم الولايات المتحدة بتطبيق إجراءات حمائية لأسواقها المحلية في المنتديات الدولية على الرغم من فرض التجارة الحرة في هذه المنتديات.
في العامين الماضيين، كانت أكثر من نصف الشكاوى المقدمة إلى منظمة التجارة العالمية تخص إدارة ترامب. كما تلقت الولايات المتحدة أكبر عدد من الدعاوى القضائية في تاريخ منظمة التجارة العالمية، بما يعادل 121 اتهاما”، بالإضافة إلى أنها خسرت معظم القضايا في منظمة التجارة العالمية، فقد تمت إدانة واشنطن في 75٪ من القضايا، وهذا لم يمنعها من القيام بسلسلة من الأعمال والاجراءات الانتقامية التجارية تجاه العديد من دول العالم.
كما أن حروب الولايات المتحدة التجارية لم تقتصر على الصين فقط ، فقد فرضت واشنطن أيضا قيودا تجارية مع الدول الأوروبية وكوريا الجنوبية والبرازيل ودول أخرى يُفترض أنها من الدول الحليفة لها.
ومن ناحية أخرى فقد اعتبر الاتحاد الأوروبي أن قرار ترامب برفع الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم، بالإضافة إلى السلع الأمريكية الأخرى، خرقا لقواعد التعايش في التجارة الدولية بين الحلفاء. حيث تعمد الولايات المتحدة إلى وضع تدابير الحماية كلما واجهت مصالح الشركات الخاصة بها وضعا صعبا وذلك من أجل الحفاظ على مكانتها في السوق المحلية وللحفاظ على هيمنتها في الأسواق الدولية.
أوضح الخبير الاقتصادي سيلفيو جويتا أن الولايات المتحدة تمثل 25٪ من إجمالي الناتج العالمي، وهذه النسبة ممكن أن ترتفع إذا تم احتساب إنتاج شركاتها والشركات متعددة الجنسيات التابعة لها في بلدان أخرى. اقتصاد الولايات المتحدة مهم ولكنه لم يعد المحرك الاقتصادي الوحيد للعالم منذ أن أصبحت الصين، ومنطقة نفوذها في آسيا، أيضا محركا مهما” للاقتصاد الدولي. وهذا هو السبب في أن السياسة الحمائية والحرب التجارية التي تشنها الولايات المتحدة يمكن أن تسبب تباطؤ الخروج من الأزمة العالمية الحالية.
وفقاً لمجلة فوربس، يوجد فعلياً من بين أكبر 500 شركة في العالم، عدد من الشركات الصينية تضاهي الشركات الأمريكية. أما من الناحية العملية، فمن الواضح أن الصين تلعب اليوم دورا أكثر أهمية في أسواق الإنتاج والتجارة والسياحة والسلع العالمية مقارنة بالولايات المتحدة.
زادت الولايات المتحدة منذ عام 2018، من وتيرة نزاعاتها التجارية مع دول العالم وخاصة مع الصين. في بداية هذا العام، وقبل انتشار وباء COVID-19 توصل البلدان إلى اتفاق كان يتضمن شروطا مهمة جداً بالنسبة للصين. ولكن بعد تلك الصفقة اتهمت إدارة ترامب الصين، دون أي دليل، بالتسبب بانتشار فيروس كورونا. ولكن استراتيجية المواجهة هذه لم تتوقف عند هذا السبب بل كان لها جبهة أخرى مهمة جداً وهي التكنولوجيا والاتصالات. فقد قام ترامب بتقييد شركة الاتصالات الصينية Huawei التي تتقدم بشكل كبير في تطوير تقنية 5G مقارنة بالشركات الأمريكية. وقد ادعى البيت الأبيض بأن هذا القرار كان لحماية “أمنه القومي”.

في خضم الخلافات الكبيرة بين هاتين القوتين العظميين، ليس بإمكان منظمة التجارة العالمية ولا حتى أي هيئة دولية أخرى لها صلاحيات، أن تتدخل لوقف التصعيد بينهما، الأمر الذي يعرض استقرار الاقتصاد العالمي للخطر. فالولايات المتحدة ومن خلال الحفاظ على مثل هذه السياسة العدوانية ، تعمل على إعاقة الانتعاش الاقتصادي العالمي في الوقت الذي يبدأ به العالم بالاقتراب من نهاية جائحة COVID-19.
المصدر The Duran

آخر الأخبار
الرئيس الأسد يصدر قانون إحداث وزارة “التربية والتعليم” تحل بدلاً من الوزارة المحدثة عام 1944 هل ثمة وجه لاستنجاد نتنياهو بـ "دريفوس"؟ القوات الروسية تدمر معقلاً أوكرانياً في دونيتسك وتسقط 39 مسيرة الاستخبارات الروسية: الأنغلوسكسونيون يدفعون كييف للإرهاب النووي ناريشكين: قاعدة التنف تحولت إلى مصنع لإنتاج المسلحين الخاضعين للغرب الصين رداً على تهديدات ترامب: لا يوجد رابح في الحروب التجارية "ذا انترسبت": يجب محاكمة الولايات المتحدة على جرائمها أفضل عرض سريري بمؤتمر الجمعية الأمريكية للقدم السكرية في لوس أنجلوس لمستشفى دمشق الوزير المنجد: قانون التجارة الداخلية نقطة الانطلاق لتعديل بقية القوانين 7455 طناً الأقطان المستلمة  في محلجي العاصي ومحردة هطولات مطرية متفرقة في أغلب المحافظات إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم السوداني يعلن النتائج الأولية للتعداد العام للسكان في العراق المتحدث باسم الجنائية الدولية: ضرورة تعاون الدول الأعضاء بشأن اعتقال نتنياهو وغالانت 16 قتيلاً جراء الفيضانات والانهيارات الأرضية في سومطرة الأندونيسية الدفاعات الجوية الروسية تسقط 23 مسيرة أوكرانية خسائر كبيرة لكييف في خاركوف الأرصاد الجوية الصينية تصدر إنذاراً لمواجهة العواصف الثلجية النيجر تطلب رسمياً من الاتحاد الأوروبي تغيير سفيره لديها