الثورة أون لاين – عبد الحليم سعود:
يعمل عناصر ميليشيا “قسد” ومتزعموها بصفة مرتزقة عند المحتل الأميركي في الجزيرة السورية، ومن جهة ثانية يزعم النظام التركي أن رأس هذه الميليشيا مطلوب لقواته المحتلة في حين أنها تتربص طمعاً بالشمال السوري.
ويدعي رأس النظام التركي زوراً وبهتاناً دفاعه عن الأمن القومي الخاص ببلاده كذريعة لاستمرار احتلاله للأراضي السورية، لكن اللافت أن هؤلاء العملاء يتصرفون بنفس الأسلوب والطريقة التي سلكها المحتلون الأتراك مع أهالي منطقة الجزيرة وبعض مناطق شمال حلب، إذ لم يغادروا موبقة أو سلوكاً شائناً قام به الأتراك ومرتزقتهم من المجموعات الإرهابية الأخرى في الفترة الماضية إلا وقاموا بتكراره وزادوا عليه كي يصبحوا قوة إرهاب واحتلال وقوة أمر واقع تتماهى مع نوايا وأهداف الاحتلال الأميركي بأطماعه ومشاريعه الدخيلة، ظناً منهم أن ما يقومون به سيمكنهم من بناء كيانهم الانفصالي غير الشرعي بعد إخضاع أصحاب الأرض وتطويعهم في خدمة هذا المشروع المرفوض من قبل أهلنا في الجزيرة والسوريين عموماً.
فبعد التنكيل بأهالي الجزيرة السورية ــ بأوامر وإيعازات من المحتل الأميركي ــ ومحاصرتهم بلقمة عيشهم وإلحاق الأذى بأمانهم الاجتماعي وسرقة ونهب ثرواتهم وحرق محاصيلهم الزراعية والاستيلاء على مؤسسات الدولة الرسمية التي تقوم بخدمتهم، ومحاولة فرض سياسة الأمر الواقع، ها هم ينتقلون مجدداً إلى ما هو أخطر من ذلك عبر محاولتهم تغيير هوية أبناء المنطقة وثقافتها بفرض مناهج تدريس خاصة بهم في المدارس، مناهج مختلفة عن مناهج وزارة التربية السورية، بعد استيلائهم على العديد منها في ريف القامشلي والبلدات الأخرى، ما يشبه تماماً سياسة التتريك التي انتهجها العثمانيون إبان احتلالهم سابقاً لسورية والوطن العربي.
من الملاحظ أن هؤلاء المرتزقة لا يقرؤون التاريخ ولا يكلفون أنفسهم عناء البحث فيه لاستخلاص العبر والدروس المناسبة، فقد حاول الأتراك خلال أربعة قرون من احتلالهم لمنطقتنا تغيير ثقافتها ولغتها بفرض لغتهم ومناهجهم لكنهم فشلوا بسبب تمسك أبنائها بها ودفاعهم عن هويتهم القومية، وها هم نفس أبناء الجزيرة الذين رفض أجدادهم سياسة التتريك العثمانية يرفضون مناهج “قسد” وثقافتها، ويقاومونها ويحتجون عليها بشكل متواصل لأنها سلوك محتل وليست سلوك مظلوم يطالب بحقوقه، لأن المظلوم لا يظلم ولا يعتدي على حرية وحقوق الآخرين.
إن قيام مرتزقة “قسد” بهذا السلوك غير القانوني بحق أبناء الجزيرة يجعلهم أشبه بالجماعات الإرهابية التي حاولت في السابق منع التعليم في المدارس التي سيطروا عليها وحولوها إلى معاقل للإرهاب ومستودعات للسلاح، وصورة طبق الأصل عن تنظيم داعش الإرهابي الذي حاول تطبيق مناهجه المتخلفة قبل أن ينهزم ويندحر مشروعه التدميري.
إن خطورة ما يقدم عليه مرتزقة “قسد” تنبع من أنهم يقدمون للتركي مبررات إضافية لمهاجمة المناطق التي يسيطرون عليها في الجزيرة السورية بحجة مخاوفه من نقل مشروعهم إلى داخل المناطق التركية ذات الأغلبية الكردية، وبالتالي الدفع بالمنطقة للمزيد من التأزيم بدل تبريد الأجواء بحثاً عن حل سلمي يضمن انسحاب المحتلين ومعالجة كل الأمور العالقة بينهم وبين الدولة السورية.
ربما لم يدرك هؤلاء المرتزقة بعد، أن المحتل الأميركي سينسحب من هذه المنطقة مرغماً أو من تلقاء نفسه، وسيتركهم لمصير أسود ينتظرهم بسبب ما يرتكبونه من جرائم وأفعال مدانة بحق أهلهم ووطنهم، لأن مصائر العملاء معروفة، ولا يمكن للشرفاء من أبناء الجزيرة أن يسمحوا لعملاء ومرتزقة أن يلعبوا بالجغرافيا والتاريخ، أو يجبروا أهل الجزيرة على التخلي عن أصالتهم وعروبتهم، وهم المشهورون بإيمانهم بقوميتهم ولغتهم وتمسكهم بوطنهم الأم سورية، وسيدفع هؤلاء المرتزقة أثماناً باهظة لقاء تهورهم وحماقتهم ومسهم بخطوط حمرٍ لا تقبل المساس بها.
[4:55:32 PM]