الثورة أون لاين – فؤاد مسعد:
خرجت الأدوار النسائية من قمقم الدور السائد إلى حيز أكثر رحابة لتحتل مكان البطولة في العديد من الأعمال ، هذه الأعمال التي كانت حاضرة حتى أيام الأبيض والأسود وإن بشكل خجول ، لكن في السنوات الأخيرة بات لها حضوراً أكبر وفردت لها المحطات مساحة أوسع ، كما أثبتت المرأة نفسها على صعيدي الكتابة التلفزيونية والإخراج عبر أعمال حاكى العديد منها مكنوناتها وعالمها الخاص فتركت بصمة لا يمكن إنكارها ، ولكن لدى الحديث بلغة الأرقام ونسبة الأعمال التي تناولت في محورها الرئيسي موضوع المرأة إلى المجموعة العام مما يتم إنتاجه نرى أن الرقم لايزال متواضعاً .
الأمر الذي يفرض مجموعة من التساؤلات : فكيف قدمت هذه الأعمال المرأة ؟ و إلى أي مدى عكست همومها وقضاياها ؟ وهل اقتربت من واقعها بشكل حقيقي أم بقيت على السطح في فلك ما يسمى بالأعمال التجارية ؟ .. مما لا شك فيه أن هناك بوناً شاسعاً بين إنجاز عمل بدافع الاستعراض والتسويق ، وبين إنجازه بهدف طرح مشكلات وهموم وحياة ينبغي تسليط الضوء عليها ، ولا يمكننا إنكار قدرة عدد من النصوص (رغم قلتها) على ملامسة عالم المرأة فعلاً ، ولكن كثيراً ما تم تناول هذا الموضوع بشكل سياحي دون الغوص إلى العمق والدخول في التفاصيل من الناحية الإنسانية ، وللأسف اليوم أحد أشكال الانتقاص من المرأة الصورة المشوهة التي تقدمها بعض الأعمال عنها ، ما يدعو للقول إن المرأة لم تأخذ حقها كاملاً في الدراما ، وغالبية ما قُدم يعتبر محاولات أولى للولوج أعمق فأعمق في عوالم تحتاج إلى الكثير من الدقة والمعرفة لقراءة التفاصيل والأحاسيس وإيصالها إلى المشاهد بشكل صحيح .
تعاني المرأة العربية عموماً الكثير من المشكلات ، فعالمها مليء بالمتناقضات والتعب النفسي وكثيراً ما يُنظر إليها من المنظار الضيق للعادات والتقاليد البالية، فمن الضروري تسليط الضوء على مشكلاتها ليتم فهم عالمها بشكل أكبر ، لذلك نحن مطالبون اليوم بفتح الباب أمام الكثير من الموضوعات التي تمس المجتمع وتتعلق بالمرأة ، ومنها (التعنيف النفسي والجسدي ، العنوسة ، الطلاق ، المساواة ، الفقد ..) وتداعيات ذلك كله عليها ، وعندما نحكي عن واقعنا اليوم نرى أن الصعوبات والتحديات قد ازدادت أمامها ، خاصة خلال الحرب التي شنت على سورية ، فقد ظهر جلياً الدور الهام والريادي للمرأة في المجتمع وأتى إيجابياً فاعلاً ومؤثراً على مختلف الأصعدة (العام والعائلة والمحيط) وحتى على صعيد النضال والمقاومة ، وعلى سبيل المثال من ينسى دور الإعلاميات على الجبهة واشتراك المرأة بشكل مباشر في الحرب وحمل السلاح وصد آلة العدوان ، كما أن هناك من استشهد ابنها ، ومن فُقد زوجها ، وبترت رجلا أخيها ، وهناك من حملت مسؤولية عائلة بكاملها دون أن تشتكي .. فكثيرة هي النماذج الحاضرة والماثلة أمامنا ، والسؤل الحار : ألا يستحق ذلك كله أن يُترجم ضمن أعمال درامية ويكون زاداً لها ومحوراً أساسياً يمكن النسج منه الكثير من الأعمال ؟..
هناك الكثير من الشرائح التي ينبغي التوجه إليها ، وهنا للإعلام دوره في بث رسائل تحمل التنوير عبر حكايات تتسلل إلى ذهن المتلقي حاملة معها بذور التغيير نحو نشر التوعية وتمكين المرأة وإدماجها في المجتمع بشكل أكثر فاعلية ، خاصة في عصر التحولات الكبيرة ، فهناك أهمية كبيرة للدراما ضمن المجتمع لما تلعبه من دور في التأثير الذي يصل حد تكريس المفاهيم . وضمن هذا الإطار لا بد من التوجه لمعالجة مشكلات وقضايا المجتمع بحد ذاته فهو بطبيعة الحال يتألف من امرأة ورجل ، فنحن أحوج ما نكون إلى عمل درامي اجتماعي يعكس المكانة الحقيقية للرجل والمرأة ويظهر مشكلاتهما وطموحاتهما وآلامهما معاً