الثورة أون لاين – عبد الحميد غانم:
نشأت الأمم المتحدة عام 1945 لضمان السلم والأمن الدوليين على أنقاض عصبة الأمم بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية، وسعت الدول الأعضاء إلى إنجاز أهداف المنظمة الدولية بعيداً عن الهيمنة والمصالح الخاصة للدول الكبرى القوية.
وقد أدّى انهيار الاتحاد السوفييتي وتفكك حلف وارسو وبروز القطب الواحد بزعامة الولايات المتحدة الأميركيّة في عقد التسعينيات من القرن الماضي إلى هيمنة الأخيرة على السياسة العالمية وإلى إضعاف دور الأمم المتحدة في حفظ الأمن والسلم الدوليين.
واستخدمت أميركا أنماطاً مختلفة على المنظمة الدولية لتعطيل دورها أو توظيفه بما يتناسب مع سياساتها العدوانية الإرهابية تجاه قضايا المنطقة والعالم.
منها النمط الاستبعادي، أي إلغاء دور الأمم المتحدة في حل قضية لا ترغب أميركا بمشاركتها، كي تنفرد في تسويقها بما ينسجم مع مصالحها، كحال قضية فلسطين والصراع العربي الصهيوني، إذ عطّلت كلّ القرارات الدولية بشأن فلسطين والصراع في منطقتنا واستخدمت الفيتو ضد أي قرار يدين الكيان الصهيوني.
واليوم تحاول الإدارة الأميركيٍة كسب ودّ الصهيونية لمصلحتها في الانتخابات الرئاسية الأميركيّة القادمة عبر تصفية القضية الفلسطينية من خلال ما دعته بصفقة القرن.
النمط الآخر هو النمط الافتعالي، أي إقحام منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن في إحداث وإصدار قرارات لا تتناسب مع طبيعة الأزمة وحجمها، مثلما فعلت مع الأزمة اللبنانية والعلاقات السورية اللبنانية والقرار 1680.
النمط الثالث هو نمط المشاركة المحسوبة، وهنا يتحدد دور المنظمة الدولية في حجم ما يتوافر من إرادة سياسية للولايات المتحدة أولاً والدول الغربية الكبرى بريطانيا وفرنسا ثانياً، كما فعلت مع التدخل في ليبيا القرار 1973، وقبل ذلك في غزو العراق واحتلاله.
وإلى جانب الإرهاب السياسي والعسكري الذي تستخدمه أميركا، تستخدم الإرهاب الاقتصادي والعقوبات والحصار الاقتصادي ضد الدول المناهضة لسياساتها في الهيمنة والسيطرة على مقدرات الشعوب وثرواتها.
لقد أكدت دول العالم في رسائلها وفي المحافل الدولية والأمم المتحدة على تفعيل دور المنظمة الدولية التي تحاول الولايات المتحدة وأدها ونشر ثقافة السلام، وهو ما يتطلب تكافلاً دولياً أكدته تطورات أزمة كورونا التي اجتاحت العالم بشكل مرعب دون أن تستثني أحداً.
في الوقت الذي لا تزال هناك محاولات من قبل بعض الدول لاستخدام الوضع الحالي لتعزيز المصالح ضيقة الأفق لتسوية الحسابات مع الحكومات غير المرغوب فيها أو المنافسين الجيوسياسيين.. وعلى الرغم من كل شيء تتواصل ممارسة تطبيق عقوبات أحادية الجانب غير المشروعة وتقويض مصداقية وصلاحيات مجلس الأمن الدولي.
وهنا تأتي دعوات الدول الكبرى روسيا والصين ودول أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي وسورية ودول المنطقة إلى التضامن الدولي وتفعيل دور المنظمة الدولية بعيداً عن الهيمنة والسيطرة، والالتزام بالدفاع عن أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والتمسك بالنظام الدولي القائم على القانون.