الحرب التي أعادت للعرب كرامتهم وألقت الرعب في قلوب الصهاينة

الثورة أون لاين – فؤاد الوادي:

شكّلت حرب تشرين التحريرية مرحلة فاصلة في تاريخ الأمة العربية، فالفعل العربي ما قبل حرب تشرين ليس كما بعدها، وكذلك بالنسبة للكيان الصهيوني، حيث طالت تداعيات ونتائج الهزيمة التي لحقت بجيشه الغاصب المحتل كل مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والنفسية والاقتصادية والاستراتيجية في كيان الاحتلال، وقد لخص وزير الخارجية الفرنسي الأسبق ميشيل جوبير هذه التداعيات بقوله: «لقد انتهى عصر ألف ليلة وليلة في “إسرائيل”، وعلينا أن نتعامل مع العرب بعد اليوم على أساس جديد».
لقد كان أثر الانتصار في حرب تشرين أبعد من منطقتنا، بل تجاوزها ليصل إلى العالم بأسره، وهو ما ضاعف من أهمية الحرب لجهة صياغتها لقواعد ومعادلات جديدة في الصراع مع العدو الصهيوني وداعميه وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية التي فعلت كل ما بوسعها لإنقاذ الكيان الغاصب من محنته غير المسبوقة.
على الداخل الإسرائيلي كانت نتائج انتصار تشرين كارثية، حيث أدخلت الرعب في نفوس الإسرائيليين بعد ست سنوات من التغني بأكذوبة “الجيش الذي لا يقهر” حيث كان صعباً عليهم أن يروا ذلك الجيش المتورم وهو يتلقى الضربات العسكرية، ويخلي مواقعه ونقاطه، مع شعور بالذل والانكسار بعد أن قطعت ذراعه الطويلة وأصبحت المعركة نوعاً من المواجهة المباشرة، حيث أثبت الجندي العربي قدرته الفائقة على استخدام السلاح المتطور وتنفيذ الخطط العسكرية الحديثة، وهو ما أحدث انقلاباً في فهم ومقاربة دول الاستعمار الكبرى للفعل العربي، حيث كانت المرة الأولى التي ينتزع فيها العرب زمام المبادرة من العدو الإسرائيلي الذي كان يشن الحروب ويعتدي ويرتكب المجازر والانتهاكات باستمرار ويتفاخر بما يفعله، بينما كان العرب دائماً في موقف الدفاع عن النفس.
فالقرار التاريخي الذي اتخذته سورية ومصر يوم السادس من تشرين أول عام 1973 كان القرار الأعظم شأناً في تاريخ العرب المعاصر، فالأمة العربية التي ما فتئت تتلقى الضربات منذ مطلع القرن العشرين وتنتقل من محنة إلى أخرى ومن نكبة إلى نكسة، وجهت للكيان الصهيوني المدعوم من الغرب بكل وسائل الدعم الممكنة مالياً وتسليحياً وسياسياً، ضربتان قاسيتان في وقت واحد، إحداهما على الجبهة السورية والثانية على الجبهة المصرية، لتنبه الرأي العام العالمي إلى أن العرب أصحاب الحق والأرض قد بادروا لانتزاع حقوقهم بأنفسهم بعد أن خذلتهم الدول الكبرى والمنظمات الدولية، وعلى العالم أن يقف إلى جانب الحق.
من أهم نتائج حرب تشرين التحريرية التي سرعان ما ظهرت في الشارع العربي كحقيقة وواقع ملموس، هي تعزيز واستعادة قيمة وكرامة الإنسان العربي، ذلك أن اقتحام ودك حصون العدو الإسرائيلي بهذا الشكل البطولي قد برهن للعالم أجمع أن إرادة الحق هي الأقوى وأن مزاعم أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر هي «كذبة صهيونية كبرى» سوقتها حكومة العدو وأعوانها ومرتزقتها لإرهاب العرب.
لقد أثبتت حرب تشرين قدرة المقاتل العربي على التعامل مع مختلف صنوف الأسلحة المتطورة لتنتهي معها عقدة «التكنولوجيا» التي حاولت «إسرائيل» بكل أجهزة الإعلام التي تملكها وتوجهها الصهيونية العالمية، غرسها في النفوس، حيث بدد الجيش العربي السوري ذلك الوهم عندما استخدم صواريخ (سام 6) أرض ـ جو، وصواريخ (ساجر) م/د، وصواريخ (فروغ) أرض ـ أرض، وصواريخ (كومار) بحر ـ بحر، وطائرات الميغ 21(م) وسوخوي 20، والدبابة ت 62 وعربة القتال المدرعة “ب م ب”، بكل فعالية محققاً الانجازات العسكرية المدوية.
من أهم ما قيل في وصف حرب تشرين وقدرة الجندي السوري على هزيمة العدو الصهيوني هو ما قاله قائد تشرين القائد المؤسس حافظ الأسد عندما وصف إحدى صور الحرب بقوله :« تصوروا جبهة جبلية عرضها سبعون كيلو متراً وعمقها أقل من ذلك بكثير، يحتشد فيها ألفان وخمسمئة دبابة وآلاف المدافع وعشرات الألوف من الجنود المجهزين بأحدث الأسلحة وأشدها فتكاً، ابتداءً بالبندقية والرشاش، ومروراً بالقنابل المحرقة والمدمرة، وباصقات اللهب، وانتهاءً بمئات الطائرات القاذفة والمقاتلة وطائرات الهيلوكبتر التي كان لها الدور البارز في المعركة.. تصوروا قتالاً شرساً يدور في هذه الجبهة الضيقة ويستمر نهاراً وليلاً طوال أيام، وسط بركان يتفجر بكل أنواع الحمم، وتتساقط عليه حمم الطائرات، فلا يبقى شبر من الأرض بلا نار وحطام وضحايا، ولا فسحة من الفضاء، لا تغطيها طائرة مغيرة أو مجموعة قنابل في طريقها إلى الانفجار. ثم ينكشف ذلك كله عن أرض غُطيت كلها بالحديد والدم، هذه هي معركة الجولان التي خاضها الجيش العربي السوري، وسجل فيها أروع ما في تاريخ الحروب، قديمها وحديثها من بطولات وتضحيات.. لا نتعدى الواقع إذا قلنا إنها أشبه بالأساطير».

ل، وأيقنوا أن هذه الأمة مازالت قادرة على العطاء والنهوض واستعادة الحقوق، وكان من أهم النتائج التي حققتها حرب تشرين التحريرية على صعيد الأمة، هي تحرير الإرادة العربية وتخليص الشعب العربي من شوائب الضعف واليأس التي علقت به في فترة سابقة، ونستذكر في هذا السياق ما قاله القائد المؤسس حافظ الأسد: لقد أعادت حرب تشرين الثقة إلى الإنسان العربي وأعادت إليه اعتزازه بشخصه وأمته وارتباطه بأمسه ويومه وغده، وحلت عقدة الذنب والشعور بمرارة الهزيمة والتقصير، وأحيت في أعماقه الأمل والرجاء، وبعثت فيه القوة والجرأة، والقدرة على الصمود والتحدي والفعل».
لقد كان من مكاسب معركة تشرين استعمال العرب النفط سلاحاً فعالاً في المعركة، وكان للتدابير التي اتخذتها بعض الدول العربية المصدّرة للنفط دور بارز في دفع المجتمع الدولي للتحرك، وعليه فقد كشفت حرب تشرين النقاب عن أن ثمة إمكانات واسعة، على العرب أن يولوها اهتمامهم، على صعيد الثروات الطبيعية الضخمة، وعلى رأسها الثروة النفطية التي تملكها الكثير من الدول العربية التي للأسف خضعت أنظمتها اليوم لأميركا والكيان الصهيوني وباعت قضايا وقيم الأمة وحقوقها، مستعيدة زمن الخضوع والارتهان والتبعية، متخلية عن روح تشرين العظيمة التي صنعت لها مجداً لا يمحى من الذاكرة وصفحات التاريخ.
وضمن هذا السياق أسست حرب تشرين التحريرية لفعل المقاومة على قاعدة (إن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة)، وهذا ما أثبتته الأيام والسنون انطلاقاً من أن العدو الصهيوني لا يفهم إلا لغة القوة، وهو ما دأبت سورية على القيام به منذ ذلك الوقت وحافظت على العمل به بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد، وما سقوط المؤامرات والمخططات التي حاولت النيل من سورية وعزلها، وانتصارات المقاومة المتواصلة في لبنان وفلسطين إلا دليل على نجاح سياسة المقاومة التي أسست لها حرب تشرين.‌‏
على الصعيد الدولي كان لحرب تشرين التحريرية تأثيرات وتداعيات بارزة على كافة الأصعدة لا سيما السياسية منها حيث أحدثت تغييرات أساسية في مواقف الكثير من دول العالم بحيث صارت تنظر باهتمام إلى قضية العرب المركزية بعد أن أعادت حرب تشرين لها ألقها وهو ما تم التعبير عنه بقرارات ومواقف تم اتخاذها من قبل العديد من الدول والمنظمات الدولية دعماً للحق العربي.
لقد أسست حرب تشرين المجيدة لعصر من الانتصارات العربية، ولزمن من الهزائم الإسرائيلية، وهذا ما حدث على الأرض في أكثر من مناسبة وخاصة على أرض لبنان، حيث استطاعت المقاومة الوطنية اللبنانية بإمكاناتها المتواضعة أن تهزم جيش الاحتلال في أكثر من حرب، وأن تفرض عليه معادلات ردع جديدة لم يكن بالإمكان فرضها في ظل التغيرات التي شهدها الوضع العربي والدولي في السنوات الأخيرة، بحيث بات الكيان الصهيوني يهدد بالحرب ولا يجرؤ على خوضها، ويخشى على جبهته الداخلية التي أثبتت أنها أوهن من بيت العنكبوت عندما تتعرض للضغط أو الخطر، أو تخوض حرباً مصيرية.

آخر الأخبار
مركز التلاسيميا بدمشق ضغط في المرضى وقلة في الدم الظاهر: نستقبل أكثر من ٦٠ حالة والمركز لا يتسع لأك... استمرار حملة إزالة البسطات العشوائية في شوارع حلب الأونروا: لم تدخل أي إمدادات إلى قطاع غزة منذ أكثر من 7 أسابيع صحة حلب تتابع سير حملة لقاح الأطفال في منبج هل سيضع فوز الليبراليين في انتخابات كندا حداً لتهديدات ترامب؟  بمبادرات أهلية تركيب 60 جهاز إنارة لشوارع دير الزور غرق عبارتين تحملان شاحنات بنهر الفرات الثورة" على محيط جرمانا.. هدوء عام واتصالات تجري لإعادة الأمن العفو الدولية": إسرائيل ترتكب جرائم إبادة جماعية في غزة ويجب محاسبتها   العراق تدعو لتسوية تضمن وحدة سوريا واستقراها 90 ألف غرسة مثمرة والخطة لإنتاج 69 ألف غرسة أخرى في القنيطرة ثانوية جديدة للعلوم الشرعية في طفس تعاون هولندي ومشاريع قادمة لمياه حلب بحث احتياجات حلب الخدمية مع منظمة UNOPS   المخابز تباشر عملها في درعا بعد وصول الطحين خليل لـ "الثورة": ندرس إعادة التأمين الصحي والمفصولين إلى عملهم لجنة لدراسة إعادة المفصولين من عملهم في شركة كهرباء اللاذقية   سرقة طحين ونقص بوزن الخبز أكثر ضبوط ريف دمشق وطرطوس الارتقاء بالتعليم في جبلة نقاش في تربية اللاذقية مياه الشرب" طاقة شمسية وأعمال صيانة وتأهيل للخدمات في الريف