الثورة أو لاين – فاتن حسن عادله:
مع سيطرة رجب أردوغان بحكمه الشمولي المنفرد على جميع مفاصل المؤسسات في تركيا، بات الاستبداد والإرهاب يتغلغل بشكل عميق في كل تلك المفاصل، حتى حول تركيا إلى سجون ليست حديدية فقط، بل ونفسية بحق مواطنيه ومعارضيه وخاصة كاشفي علاقته وصلاته بالإرهاب ودوره في دعم فصائله وميليشياته وممارساته الإرهابية في سورية وعليها، فبات مصير كل صحفي يوثق تلك الصلات في غياهب السجون.
فضائح دعم اللص أردوغان للإرهاب على سورية لا تنتهي ولن تنتهي في القريب العاجل، حيث المزيد من أسرار دعمه المتواصل تتكشف وفي حلقات متتالية، وتوثقها صور ودلائل وقرائن، وهو ما تبرز أحداثه وتفاصيله الصحافة التركية التي تراقب بدقة تصرفات أردوغان وسلوكياته الداعمة للإرهاب.
ومن عمليات فضح الصحافة لهذا الدعم اللا محدود الذي ينظمه هذا اللص عبر أوامر مباشرة لجهاز استخباراته بنقل أسلحة الإجرام للإرهابيين وفصائلهم وميليشياتهم في شمال سورية، نفسر لماذا يحاول أردوغان قمع حرية الصحافة وإغلاق صفحاتها وأبوابها وكتم أنفاس محرريها والمسؤولين عنها وملاحقتهم داخل تركيا وخارجها، الأمر الذي يؤكد أن أردوغان يخاف من افتضاح المزيد من دوره في الحرب الإرهابية على سورية أمام الرأي العام من ناحية، ومن وصول الصحافة لاحقاً إلى ما هو أخطر في سلة عمالته، وفيما تخفيه الأدراج من دوره الوظيفي هذا، والذي باتت صورته واضحة.
هذه الاستبدادية والغطرسة الممزوجة بالخوف تظهر مجدداً مع سيطرة أردوغان على القضاء، وتجلت مؤخراً بقيام محكمة تابعة للنظام التركي بمصادرة جميع ممتلكات الصحفي التركي جان دوندار رئيس تحرير صحيفة جمهورييت السابق والمقيم حالياً في ألمانيا والمحكوم عليه بالسجن مدة 5 سنوات و10 أشهر في أيار 2016م، باتهامه بمزاعم ما أسمته التجسس وكشف أسرار الدولة، بعد أن نشر لقطات مصورة تكشف نقل شاحنات جهاز الاستخبارات التركي أسلحة إلى التنظيمات الإرهابية في سورية عندما كان يشغل منصب رئيس تحرير الصحيفة، والتي على إثر هذا النشر هدده أردوغان بأنه “سيدفع ثمناً باهظاً” ليتم اعتقاله فوراً.
ووفق ما وذكرت صحيفة زمان التركية أنه بموجب قرار المحكمة الجنائية في اسطنبول ستستولي السلطات التركية على ثلاثة عقارات لدوندار في اسطنبول وأنقرة ومقاطعة موغلا الجنوبية إضافة إلى مصادرة حساباته المصرفية.
ومع تحويل نظام أردوغان تركيا إلى سجن كبير للصحفيين ومعتقلي الرأي الذين يفضحون فساده وينتقدون تصرفاته وأداءه، تشير مصادر مطلعة إلى أن أردوغان يكنّ عداوة شخصية للكاتب دوندار بسبب فيلمه الوثائقي الذي يحمل عنوان “أطول يوم في حياة أردوغان” ويكشف فيه كل التفاصيل الدقيقة لتحركات أردوغان المضطربة في ليلة الـ 17 من كانون الأول 2013م عندما شنت القوات الأمنية عملية ضد أبناء وزراء في حكومته ورجال أعمال مقربين منه فيما عرف بتحقيقات الفساد والرشوة إلى جانب فضح دوندار قضية شاحنات المخابرات وتسليمها للإرهابيين في سورية.
الصحفيون والناشطون السياسيون المدافعون عن حريات الرأي والتعبير باتوا أكثر المستهدفين داخل تركيا، لأن أصواتهم الحرة تزلزل كيان النظام التركي الذي يرى في الحقيقة خطراً داهماً يهدده بالزوال سياسياً.