أمير الشعراء… وتجليات دمشقية

الثورة أون لاين -هناء الدويري:

“وللحرية الحمراء بابٌ… بكلّ يدٍ مُضّرجة يُدقّ”
يكاد لا يخلو بيت في سورية إلا وتجد فيه من يردّد هذا البيت الشعري لأمير الشعراء أحمد شوقي، فمنذ ما يقارب ال 94 عاماً انقضت على قصيدة شوقي “نكبة دمشق” والتي آلمه فيها القصف الفرنسي لمدينة دمشق واستباحة البشر والحجر والاعتداء على كلّ ما فيها من مقدسات وآثار ومقاومين للمستعمر الفرنسي، أبطال مجاهدون من كلّ حدب وصوب، وإذ نستذكر هذه القصيدة اليوم في ذكرى رحيل أمير الشعراء أحمد شوقى الثامن والثمانين، فبعد كل تلك السنوات التاريخ يعيد نفسه، فالعدو المتربص بنا يطل بلبوس جديد.. وقصيدة شوقي التي ألقاها عام ١٩٢٦ تصلح لزماننا ومكاننا هذا، وكأن براثن العدو لن ولم يكفها دم السوريين مدى الدهر يقول شوقي:
سلامٌ من صبا بردى أرقّ
ودمع لا يكفكف يا دمشق
ومعذرة اليراعة والقوافي
جلال الزرء عن وصف يَدّق
وذكرى عن خواطرها لقلبي
إليك تلّفُتٌ أبداً وخفق
دمشق التي أحرقتها فرنسا ونهبت آثارها وهدمت بيوتها وأسواقها ينتفض أهلها مقاومين أشاوس وبسرعة البرق كما اليوم يستمر النضال في الذود عنها، وكل شهيد يعطي بدمه حياة لغيره، وكل أسير يحرّر غيره من الأحياء من بطش المستعمرين الطغاة، يقول شوقي:
دم الثوار تعرفه فرنسا
وتعلم أنه نور وحق
وللأوطان في دم كلّ حرِّ
يد سلفت ودين مستحق
ومن يسقي ويشرب بالمنايا
إذا الأحرار لم يُسقوا ويَسقوا
ففي القتلى للأجيال حياة
وفي الأسرى فدى لهم وعتق
ديوان (الشوقيات) الذي تنتمي إليه قصيدة نكبة دمشق مؤلف من أربعة أجزاء، يقدم خبرة الشاعر في طبائع الناس والنوازع البشرية في مختلف المستويات والطبقات.
أحمد شوقى يأخذ من التاريخ والتراث صوره الشعرية ومن القرآن الكريم الذي حفظه صغيراً ما زاد في فصاحته وبلاغته
يذكر شوقي دمشق بأكثر من قصيدة، ويخبر العالم بأهميتها التاريخية فتارة يسميها (جلق) وتارة (الفيحاء) ويصفها (بالشمّاء)، يقول في خالديته:
قم ناج جلّق وأنشد رسم من بانوا
مشت على الرسم أحداث وأزمان
هذا الأديم كتاب لا كفاء له
رث الصحائف باق منه عنوان
بنو أمية للأنباء ما فتحوا
وللأحاديث ما سادوا وما دانوا
كانوا ملوكاً سرير الشرق تحتهم
فهل سألت سرير الغرب ما كانوا
دراسته في فرنسا ومنفاه في إسبانيا، وعيشه بهدوء استطاع أن يطلع على الآداب الأوروبية ويجمع بين ثقافاتها والثقافة العربية، ومشاهداته للمسارح (فيكتور هوغو، لامرتين، دي موسيه) واطلاعه على الثقافة الأندلسية دفعت به للعودة إلى المسرح فكتب (مصرع كليوباترا، قمبيز، عنترة، الست هدى، أميرة الأندلس، مجنون ليلى)
علامات التجديد الشعري تلك بدت واضحة في تلك الأعمال، ويصف طه حسين هذا التجديد وتجوّل شوقي في شعره بالقول ” إنه كان خطيراً حقاً، ولا نكاد نعرف له نظيراً عن غيره من الشعراء الذين سبقوه في أدبنا العربي، إن شعره التقليدي قد تحرّر من التقيّد بظروف السياسة واستكشاف نفسه، وإذا هو شاعر خلق ليكون مجدّداً.
للأطفال نصيبهم عند شوقي حيث نظم ٥٦ قصيدة موجهة للناشئة بلغة سهلة، سلسة، ملونة، ومتفردة في مجال الحوار على ألسنة الحيوانات.
انتقل شوقي من مدح السلطان إلى هموم ومشكلات الناس وخاض في شعره غمار الحياة الاجتماعية والإنسانية والوطنية والقومية والدينية في مختلف مراحل حياته الإبداعية، وإلى اليوم يردّد أشعاره مختلف الناس وفي مختلف المناسبات، فشعره يحبّ الحياة كما أحبّها الشاعر
نستذكره بعد ما يقارب القرن من الزمن على الرحيل ويبقى الشعر يبحث عن الحقيقة ويبثّ الأحاسيس والعواطف من جهة أخرى ويجسّد تراكم الألم فينا كبشر
جزاكم ذو الجلال بني دمشق
وعزّ الشرق أوله دمشق
له بالشام أعلام وعرس
بشائره بأندلس تدق..

آخر الأخبار
قطرة دم.. شريان حياة  الدفاع المدني يجسد أسمى معاني الإنسانية  وزير السياحة يشارك في مؤتمر “FMOVE”  التحول الرقمي في النقل: إجماع حكومي وخاص على مستقبل واعد  وزير النقل لـ"الثورة": "موف" منصة لتشبيك الأفكار الريادية وتحويلها لمشاريع      تنظيم شركات المعلوماتية السورية  ناشطو "أسطول الصمود" المحتجزين يبدؤون إضراباً جماعياً عن الطعام حوار مستفيض في اتحاد العمال لإصلاح قوانين العمل الحكومي مناقشات استراتيجية حول التمويل الزراعي في اجتماع المالية و"IFAD" الشرع يبحث مع باراك وكوبر دعم العملية السياسية وتعزيز الأمن والاستقرار العميد حمادة: استهداف "الأمن العام" بحلب يزعزع الاستقرار وينسف مصداقية "قسد" خطاب يبحث في الأردن تعزيز التعاون.. و وفد من "الداخلية" يشارك بمؤتمر في تونس حضور خافت يحتاج إلى إنصاف.. تحييد غير مقصود للنساء عن المشهد الانتخابي دعم جودة التعليم وتوزيع المنهاج الدراسي اتفاق على وقف شامل لإطلاق النار بكل المحاور شمال وشمال شرقي سوريا تمثيل المرأة المحدود .. نظرة قاصرة حول عدم مقدرتها لاتخاذ قرارات سياسية "الإغاثة الإسلامية" في سوريا.. التحول إلى التعافي والتنمية المستدامة تراكم القمامة في مخيم جرمانا.. واستجابة من مديرية النظافة مستقبل النقل الرقمي في سوريا.. بين الطموح والتحديات المجتمعية بعد سنوات من التهجير.. عودة الحياة إلى مدرسة شهداء سراقب اتفاقية لتأسيس "جامعة الصداقة التركية - السورية" في دمشق قريباً