الثورة أون لاين – رشا سلوم:
يحتفي العالم بالكثير من المحطات التي يمرّ بها المبدعون العظماء، ولادة ورحيلاً، أو فوزاً بجوائز أو غيرها، ولا نظن أن أمة من أمم الأرض لديها مثل ما لدينا من مبدعين، لكننا مقصرون في الحديث عنهم، وعن الاحتفاء بمحطات في حياتهم، وتذكير الأجيال بهم، من هؤلاء المبدعين العرب، ميخائيل نعيمة، المفكر والفيلسوف، والإنسان أولاً قبل كل شيء، وهو الشاعر الذي طبع مرحلة من الإبداع باسمه، وبما قدمه، تمر هذه الأيام ذكرى ولادته 131، وكم هو جميل أن نستعيد بعضاً من محطات حياته، وأقواله، ولا سيما قوله المشهور : كل ما في الوجود ثمين جميل , لكن أثمنه واجمله الانسان ,
محطات
تتداول المواقع والموسوعات الكثير من محطات حياته , ومن هذا الكثير نقتطف تذكيرا من موقع بايو قوله :ولد ميخائيل نعيمة في جبل صنين- لبنان؛ في 17-تشرين الأول-1889. نشأ نعيمة في مكان ولادته، ودرس المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية فيمدرسة الجمعية الفلسطينية في بلدة بسكنتا. سافر بعد ذلك في عام 1905 لإتمام دراسته في أوكرانيا حيث أمضى فيها خمس سنوات في جامعة بولتافيا.
اطلع خلال هذه الفترة على الأدب الروسي وأتقن اللغة الروسية. وفي العام 1911 انتقل لإتمام دراسة الحقوق في الولايات المتحدة الأمريكية.
بعد أن أنهى ميخائيل نعيمة دراسته في الولايات المتحدة الأمريكية لم يعد إلى وطنه لبنان، بل استقر فيها لما يقارب العشرين عامًا وحصل خلالها على الجنسية الأمريكية.
كما انضم للرابطة القلمية التي أسسها الأديب جبران خليل جبران وكان مقرها مدينة نيويورك وضمت الكثير من أدباء وشعراء المهجر الذين هاجروا من بلاد الشام عمومًا ومن لبنان خصوصًا. وكان ميخائيل نعيمة نائبًا لجبل خليل جبران في الرابطة القلمية.
في العام 1932 عاد ميخائيل نعيمة إلى لبنان واستقر في بلدة الشخروب والتي جذبه إليها طبيعتها الساحرة وحبه للتأمل، فكان يجاور الشلال فيها أثناء تأملاته وكتاباته وبقي في الشخروب حتى عام وفاته 1988.
أما عن تجربة ميخائيل نعيمة الأدبية فكانت تجربة غنية جدًا ، وكان واحدًا من أهم الأدباء العرب الذين ساهموا في النهضة الأدبية والفكرية العربية في النصف الأول من القرن العشرين. تنوعت الكتابات التي قدمها ميخائيل نعيمة بين القصص والروايات والأشعار والمقالات والمسرح والنقد.
ففي العام 1914 أصدر نعيمة مجموعته القصصية الأولى والتي كانت بعنوان “سنتها الجديدة”.
وفي العام 1915 أصدر مجموعته القصصية الثانية “العاقر”؛ وتلاها العديد من المؤلفات التي كان بعضها باللغة الانكليزية أو الروسية.
وفي العام 1917 أصدر نعيمة رواية “الأباء والبنون” وجاءت كرواية مسرحية سرد من خلالها الحياة في الشرق والصدامات بين الأباء والأبناء بسبب اختلاف الفكر والجيل بينهم وصدرت الرواية لأول مرة في مدينة نيويورك؛ وكتب بعدها بفترة مسرحية جديدة بعنوان “أيوب”.
كما جمع نعيمة الأمثال والأقوال المأثورة له في كتاب “كرم على الدرب” والذي عبر من خلاله عن رؤية ثاقبة للحياة فكان للكتاب تأثير كبير على القراء.
أما في العام 1923 فقد أصدر نعيمة كتابه “الغربال” وكان عبارة عن كتاب نقدي عبر فيه عن وجهة نظره النقدية المعاصرة وتجاوزه لأسلوب النقد القديم.
أطلق ميخائيل نعيمة في العام 1949 روايته الأشهر “الأرقش” والتي أراد من خلالها إيصال أفكاره وآرائه في الحياة، فقد دارت أحداث الرواية حول شاب يعمل صامتًا في مقهى ويراقب الناس والأحداث من حوله عبر روحه النقية وخياله الواسع، ليعود ويدون كل ذلك في مذكراته.
امتازت رواية الأرقش بالأسلوب الرائع وجمالية القصة وسرد الأحداث، وفي العام 1952 أصدر كتابه الهام والشهير “مرداد”، وفي العام 1956 أصدر كتاب “الأكابر” وكان عبارة عن مجموعة قصصية ضخمة.
أما في العام 1960 نشر ميخائيل نعيمة مسيرته الذاتية ضمن مذكرات وزعها على ثلاثة أجزاء وأطلق على كتابه هذا اسم “سبعون” ظنًا أن الحياة قاربت على النهاية، ولكنه عاش بعدها طويلًا حتى قارب المئة عام.
أما في مجال الشعر قدم ميخائيل العديد من الكتابات الشهيرة وأشهرها القصائد التي جمعت في ديوان “همس الجنون”. ومن القصائد المنفردة التي نالت شهرة كبيرة: قصيدة “أخي”، وقصيدة “النهر المتجمد”، وقصيدة “إلى دودة”.
تكريمًا لمسيرة ميخائيل نعيمة وحياته في منطقة الشخروب تم جعلها من أهم المعالم السياحية في لبنان وقام النحات اللبناني عساف عساف بنحت مجسم لميخائيل نعيمة في الصخر تكريمًا لشخصه وأدبه.
لم يتزوج ميخائيل نعيمة خلال حياته، ولكنه أحب فتاة روسية أثناء فترة سفره خارج لبنان ولم يتمكن من الزواج بها.
توفي الأديب ميخائيل نعيمة في 29-شباط-1988 عن عمر ناهز 100 عام في قرية الشخروب التي عاش فيها معظم حياته؛ وكان سبب الوفاة إصابته بالالتهاب الرئوي الحاد.
من وصاياه
من وصايا ميخائيل نعيمة الأخيرة أن يترك باب ضريحه مفتوح للأبد؛ لعل الفتاة الروسية التي أحبها تأتي إليه في يوم ما.