(الصين تزيح الولايات المتحدة عن عرش الاقتصاد العالمي).. ليست شائعة مدسوسة أملتها الخصومة والتنافس بين الدولتين العظيمتين، بل هي نتيجة توصّل إليها صندوق النقد الدولي مؤخراً، والأكثر أهمية هنا أن مجلة الايكونوميست الأميركية ووكالة الاستخبارات المركزية(سي آي إيه) أكدتا نفس النتيجة، الأمر الذي سيخلط حسابات الرئيس الأميركي دونالد ترامب على بعد أسبوعين من الانتخابات الرئاسية، ويقلبها رأساً على عقب، ولاسيما أن الأخير يرتكز في حملته الانتخابية على رصيده من ( الإنجازات الاقتصادية) المزعومة في السنوات الماضية، فهل سيتحمل ترامب هذه النتيجة وهو الذي فعل كلّ ما من شأنه تشويه صورة الصين لمحاصرتها، وإضعاف اقتصادها بحرب تجارية استخدم فيها كلّ أسلحته المحرمة بما في ذلك اتهامها بنشر وباء كورونا..؟!
الخبر اقتصادي بحت إلا أن مفاعيله السياسية على الساحة العالمية لن تقل عنه، فتقدم الصين اقتصادياً إلى المركز الأول له مدلولات عديدة يدركها جيداً المهتمون بالشأن السياسي، فالصين لن ترضى بدور عالمي هامشي بعد أن حققت كلّ هذه الإنجازات في ظلّ ركود اقتصادي عالمي نتيجة كورونا، وهذا سيضعها مجدداً في عين العاصفة الأميركية، إذ لن تقبل واشنطن التنازل عن مكانتها لبكين، وقد تسعّر وطيس الحرب التجارية معها أكثر فأكثر، ما يفضي إلى مواجهات أكثر سخونة، ولا سيما أن نقاط الخلاف بينهما متعددة ومتنوعة.
وبالرغم من أن الدولتين شريكان تجاريان بارزان على الساحة العالمية، إلا أن العجز التجاري الأميركي تجاه الصين يقترب من 320 مليار دولار، فصادرات الصين للولايات المتحدة في العام الماضي بلغت نحو 418 مليار دولار مقابل 98 ملياراً كصادرات أميركية، وهذا ما دفع ترامب لشن حملة غير مسبوقة من الرسوم الجمركية والتهديدات بالحظر والعقوبات على شركات التكنولوجيا الصينية وخاصة العملاق هواوي.
من المسلم به أن ترامب الذي يستشعر خطر الهزيمة في الثالث من تشرين الثاني القادم لن يعترف بهذه النتيجة، ولاسيما أن الصين تربعت على العرش الاقتصادي العالمي في ظلّ تفشي وباء كورونا، بينما كان الوباء كارثياً على أميركا بسبب سياسة ترامب، وبالتالي لن يوفر خصومه الديمقراطيين هذا المعطى لتوجيه ضربتهم القاضية له، وخاصة أن سياسته في ملفات عديدة عززت التفاوت الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، وأدت إلى تدهور مؤشرات التعليم والصحة والتنمية البشرية، وزيادة مظاهر الاستقطاب الاجتماعي بسبب الجرائم العنصرية المتكررة، بحيث أصبح الحلم الأميركي الذي يتغنى به ترامب بعيد المنال رغم تكراره لشعار (أميركا أولاً).
البقعة الساخنة- عبد الحليم سعود