الثورة أون لاين – حسين صقر:
مرض التوحد أو الذاتوية هو أحد الاضطرابات الحاصلة في مجموعة الطيف الذاتوي كما تسمى طبياً، و يظهر في سن الرضاعة، قبل بلوغ الطفل سن الثلاث سنوات، على الأغلب، حيث يرتبط اضطراب طيف التوحد بنمو الدماغ و يؤثر على كيفية تمييز الشخص للآخرين والتعامل معهم، وهو ما يتسبب بحدوث مشكلات في التفاعل والتواصل الاجتماعي.
وبالرغم من اختلاف خطورة وأعراض مرض التوحد من حالة إلى أخرى، إلا أن جميع اضطرابات الذاتوية تؤثر على قدرة الطفل على الاتصال مع المحيطين به وتطوير علاقات متبادلة معهم.
ولاسيما أن اضطراب طيف التوحد يبدأ في مرحلة الطفولة المبكرة ويتسبب في نهاية المطاف في حدوث تلك المشكلات في المدرسة والعمل، خاصة وأن أعراض التوحد تظهر على الأطفال خلال السنة الأولى، بينما النمو يحدث بصورة طبيعية، ثم يمرون بفترة من الارتداد بين الشهرين الثامن عشر والرابع والعشرين من العمر عندما تظهر عليهم أعراض التوحد.
وبالتالي فطيف التوحد يشكل تحدياً خاصاً، إذ يفتقر المصابون فيه إلى ملكة التواصل خاصة مع الغرباء، فهم يعانون عادة من صعوبة في التعرف على الإشارات غير اللفظية، مثل معرفة تعبيرات الوجه للأشخاص، أو وضعية أجزاء الجسم أو نبرة الصوت ولهجته، ما يعوق تفاعلاتهم الاجتماعية، وهو ما يقودهم إلى قلة الاهتمام بالحديث مع هؤلاء أو التواصل البصري معهم.
وفي هذا السياق أكدت الاختصاصية في إعادة التأهيل النفسي والحركي ومعالجة الأذيات العصبية والعضلية سمر محمود أنه لم يتوصل العلم حتى الآن إلى سبب واضح يفسر عدم قدرة الأطفال الذين يعانون من التوحد على قراءة المعلومات العاطفية من وجوه الغرباء والتعرف عليها، لكن من المرجح أن يرجع ذلك إلى عجز حقيقي في قدرتهم على معالجة المعلومات، أو الطبيعة غير المبالية للمشاعر السلبية، أو بسبب نمط عام من عدم الاهتمام في عرض المشاعر السلبية، خاصة بالنسبة للأشخاص غير المألوفين لهم، وهذا ما توصلت إليه من خلال الحالات التي قمت بمعالجتها.
وأوضحت محمود أنه بنظرة واحدة إلى وجوههم يمكنك ببساطة أن تقرأ المشاعر الإنسانية التي يكنوها للآخرين، حيث ما يشعرون به يظهر بوضوح على تلك الوجوه، ولاسيما تعبيرات الفرح و الحزن وحتى الخوف والغضب، وتعد هذه العملية نقطة محورية في تعاملاتنا معهم أثناء العلاج و المحادثات المباشرة.
وأضافت من هذا المنطلق أستطيع القول: إن الأطفال الذين يعانون من التوحد يمتلكون مهارات معالجة عاطفية بارعة في التعرف على تعبيرات وجوه أمهاتهم، وأنهم متناغمون تماماً مع مشاعرهم، مثلهم مثل الأطفال غير المصابين بالتوحد، حيث هناك الكثير من الدراسات التي أجريت لاختبار المهارات الاجتماعية و العاطفية عند مصابي التوحد من خلال استخدام وسيلة للتعرف على التعبيرات العاطفية للوجه، وما إذا كانت قادرة على التمييز بين الوجوه المألوفة وغير المألوفة، مقارنة بنظرائهم من الأطفال الذين ينمون بشكل طبيعي، حيث تبين أن هؤلاء يملكون مهارت التمييز تلك.
وقالت الاختصاصية محمود: إن هناك مجموعة من العلاجات المتاحة لمواجهة التوحد، مثل تنمية المهارات اللغوية والسلوكية والحركية، والعلاج الوظيفي الذي يهدف إلى تحسين التكامل الحسي عند المصابين بالتوحد، وإكسابهم المهارات الحركية الدقيقة مثل استخدام المقص، والكتابة وارتداء الملابس، وتحسين جودة حياة المصاب وقدرته على المشاركة في الأنشطة اليومية.
وأوضحت محمود الى أن الأدوية التي يحددها الطبيب المعالج لهذه الحالة المرضية، تقتصر على علاج الأعراض الشديدة للمرض، وتخفيف التصرفات المضطربة، مثل فرط الحركة، والعنف والعدوانية، وإيذاء النفس أو الغير، وأشارت أن مرضى التوحد عادةً يحتاجون إلى التدخلات النفسية والاجتماعية، التي تجرى على يد متخصصين، بهدف الحد من المصاعب التي تواجه الأطفال في التواصل والسلوك الاجتماعي