الثورة أون لاين:
استطاع محمد الحوراني أن يكون مختلفاً في الكثير من القضايا، شخصية ثقافية مرموقة، قدمت الكثير وما زالت تسعى نحو حراك ثقافي متميز، لم يصنع مكانته هذه من خلال الضجيج الإعلامي المضلل، بل من القدرة على الفعل، ثمة أكثر من مناسبة تدعوك للحوار، واستكشاف الكثير من القضايا, أولها الجائزة التي أعلن عنها للرواية وعلى حسابه الشخصي, وثانياً اقتراب موعد المؤتمر الانتخابي لاتحاد الكتاب العرب، وربما ثالثها غير مباشر أنه خرج من معركة كانت من أجل العطاء الثقافي, وعاد إليه بقوة العطاء لا بغيره، وكونه الضيف الأول في سلسلة لقاءات نعتزم إجراءها مع الكتاب السوريين قبيل انعقاد مؤتمرهم السنوي, لنعرض الكثير مما يقولونه, ومن ثم تتوج بحوار مع السيد رئيس الاتحاد الأستاذ والمبدع مالك صقور, ليتاح الرد على كل ما يطرح, والغاية حراك ثقافي يصل بنا إلى محطات نأمل أن تكون خيراً للفعل الثقافي.
ماذا عن الجائزة التي أطلقتها؟
لم تكن الجائزة إطلاقاً باسم محمد الحوراني، لا بل إنني أرفض استحداث جوائز بأسماء أحياء، أو أناس على رأس عملهم، إلا إذا كان ثمة قامة ثقافة وفكرية أو معرفية، حققت إنجازاً باهراً في مجال من المجالات واستحدثت الدولة جائزة باسمه فهنا الأمر مختلف، أما فيما يتعلق بالجائزة المذكورة في السؤال، فهي جائزة في التكافل الإنساني وتعميق ثقافة المحبة في زمن الكورونا خصوصاً وفي زمن الأزمات والحروب والمصائب عموماً، وعندما أطلقتها بالتشاور مع بعض الأصدقاء، فإن الهدف الاساسي منها كان إضاءة شمعة في ظلام أزمة (كورونا)، التي أرخت بهمومها وسوداويتها على المشهد الثقافي والمعرفي فأصيب بركود وجفاف غير معهود. وهنا لا بد من التأكيد على أن هذه الأزمة كشفت عن أزمة أخرى أكثر عمقاً في المشهد الثقافي والإبداعي والعلمي وحتى الإعلامي، أزمة تجعلنا نفكر عميقاً وبشكل جدي في الاشتغال بهذه الحقول وخلق البدائل في ظل الأزمات التي يمكن أن تعصف بنا.
ثمة من يرى أن المحكمين أنفسهم يحكمون في الهيئة العامة للكتاب: يعني تكلسنا..
ج2…لا أوافق القول بأن لجان التحكيم التي حكمت الجائزة هي التي تحكم جوائز وزارة الثقافة، ربما يكون هناك اسم أو أكثر شارك في تحكيم بعض مسابقات الوزارة أو غيرها، ولكن هذا لا يعني أن الأسماء التي حكمت الجائزة هي نفسها التي تحكم جوائز وزارة الثقافة، هذا من جهة، من جهة أخرى فإن الأسماء المتخصصة بالنقد الروائي قليلة وهذا من شانه أن يجعل الخيارات محدودة، ولا أخفيكم بأنني تواصلت مع اسم أو اسمين من النقاد المهمين ولكن تم الاعتذار لانشغالهم بأمور امتحانية جامعية وغيرها. مهما يكن من أمر فأنا ضد تكريس أسماء بعينها في كل شيء.
لماذا تقتصر الجوائز فقط على الإبداع، أين جائزة الدراسات الاجتماعية, الفلسفية, الإعلامية؟.
ج3…حقيقة نحن يوجد عندنا أزمة فيما يتعلق بالجوائز وتشجيع الباحثين والأدباء والمشتغلين بالدراسات الفلسفية أو المجتمعية أو الإعلامية، بالرغم من أننا اليوم بأمس الحاجة إلى هكذا جوائز سواء أكانت على مستوى المدارس والمعاهد والجامعات، أم على مستوى الوزارات والاتحادات والنقابات والمؤسسات، هناك هدر كبير في المال الرسمي وشبه الرسمي على أمور لا يمكنها إلا أن تصيب هذه المؤسسات بمزيد من الترهل والبيروقراطية، أما استحداث جوائز من شأنها أن تضيء على مبدعين أو مبتكرين أو مهنيين حقيقين فهذا نادراً ما يحدث، لأنه إذا حدث سيكشف عقم البعض وفراغهم ممن هم في مراكز أعلى وهو ما من شأنه أن يسبب لهم الخوف والهلع، ويجعلهم يتحسسون مناصبهم وكراسيهم.
ثمة من يعمل في المؤسسات الثقافية ليكون الإعلام مجرد ظل وتابع, يصفق ولا يشير إلى أي خلل؟.
ج4…الإعلام هو العين التي تبصر حقائق الأمور وتسلط الضوء على الإيجابي منها لتنميته، وتدل على السلبي لتجاوزه، ولا يمكن للثقافة أن تحقق الدور المنشود دون وسائل إعلام ملتزمة بقضايا مجتمعها وأمتها، وحريصة على تعزيز الثقافة النهضوية الأصيلة للأمة، وعندما يعي أهل الثقافة دورها التنويري، فإنهم يدركون كل الإدراك أنه لا يمكنهم تحقيق هدفهم دون تكامل مع الإعلامي الوطني والهادف، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا عندما يقتنع المثقف، أو الحارس لهذا الحصن الثقافي أو ذاك، بأنه لا يمكن له أن يتطور إذا كان الإعلام مطبلاً له أو مسبحاً بحمده، بعيداً عن كشف الأخطاء والعمل عن النهوض الثقافي والمعرفي
نحن على مقربة من موعد مع المؤتمر الانتخابي لاتحاد الكتاب العرب, ماذا عن الدورة الحالية, كيف تنظر إليها؟.
ج5… بدون أي تردد وبعيداً عن أي مجاملات لا أجيدها ولا أرغب بتعلمها أقول: لقد كانت الدورة الحالية لاتحاد الكتاب العرب أسوأ دورة في تاريخ الاتحاد، فالمنجز الثقافي وحالة الحراك المعرفي التي يجب أن يقوم عليها ويرعاها الاتحاد كانت في أسوأ مراحلها وغير موجودة على الإطلاق، هذا فضلاً عن الندوات المركزية والفرعية التي كان على الاتحاد أن يقوم برعايتها والاهتمام بها، أضف إلى ذلك تلك الكيدية والعدوانية التي طغت على علاقات معظم أعضاء المكتب التنفيذي وكذلك مجلس الاتحاد، وهو ما أدى إلى عقم في الناتج الثقافي والمعرفي لاتحاد الكتاب العرب عموماً، وهذا لا يعني انعدام الفعل الثقافي والإبداعي إطلاقاً، فقد كان موجوداً في حدوده الدنيا، علماً أن الاتحاد يمكنه أن يقدم الكثير الكثير، ولا سيما أنه ليس مؤسسة ثقافية رسمية بكل ما للكلمة من معنى، وإنما هو نقابة شعبية أقرب إلى الجميع منها إلى فئة دون الأخرى..
يعلم البعض أن المؤتمر العام لاتحاد الكتاب العرب (الانتخابي) كان من المفترض أن يعقد قبل منتصف الشهر العاشر2020، إلا أنه كان ثمة محاولات لتعديل النظام الداخلي المعمول به حالياً، وإقرار نظام جديد، ولذلك تم تأجيل المؤتمر، كما أن الصراعات داخل المكتب التنفيذي ومجلس الاتحاد لعبت دوراً في تأجيل المؤتمر لبعض الوقت، ولكن المؤتمر الانتخابي سيعقد بدون أدنى شك قبل نهاية العام، ويجب أن يكون هناك استراتيجية ثقافية للمجلس والمكتب القادمين، استراتيجية ثقافية تقوم على بناء الهوية الوطنية التي تصدعت، أو كادت، خلال العشرية السوداء التي عصفت بسورية، والتي أرادت من خلالها المجاميع الإرهابية ورعاتها تدمير الثقافة والهوية العربية السورية الأصيلة، استراتيجية تقوم على أن جميع الخلص من أبناء سورية الوطنيين والملتزمين بقضايا أمتهم شركاء جميعاً في الفعل الثقافي من خلال عمل تربوي واجتماعي وثقافي وإعلامي متكامل يقوم على الشراكة في بناء جيل قادر على التصدي للمخططات الهادفة لضرب أسس المجتمع السوري وثقافته وإعلامه الوطني الصادق، عندها يمكن القول بأننا استطعنا الوصول إلى دورة جديدة لاتحاد الكتاب قادرة على تحقيق شيء على الأرض السورية يرقى إلى التضحيات التي قدمت دفاعاً عن البلد وأهله.
هل كان الكتاب على مستوى الحرب الإرهابية على سورية؟
ج7…لا شك أن الحرب التي شنت على سورية كشفت حقيقة بعض دعاة الثقافة والفكر، من انتهازيين لحقوا بركب العدو وأصبحوا منظرين لثقافة القتل والتدمير، إلا أن هذا لا ينفي وجود عدد لا بأس به من المثقفين المدافعين عن عزة بلدهم والمسطرين بأحرف من نور لتضحيات جنودنا البواسل، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عمق ثقافة الانتماء والأصالة والوطنية عند هؤلاء، إلا أن هذه الثقافة بأمس الحاجة إلى مزيد من التحصين والمنعة. إن الوطن هو الوحيد الذي لا يمكن أن يختلف عليه أحد، كما أن كشف المخططات التي تتربص به واجب على المثقفين جميعاً مهما اختلفت ثقافتهم وتنوعت أيديولوجياتهم.