الثورة أون لاين – سامر البوظة :
أيام قليلة تفصل بريطانيا عن الخروج نهائياً من الاتحاد الأوروبي ، وحتى الآن لم يتمكن الطرفان من التوصل إلى اتفاق يحدد صيغة للتعاون المستقبلي فيما بينهما لمرحلة ما بعد “بريكست” ، في ظل التعثر المستمر للمفاوضات ، وتعنت كل طرف بشروطه وسط تبادل الاتهامات فيما بينهما حول مسؤولية الدفع نحو مخاطر “عدم الاتفاق” ، وما لذلك من تبعات خطيرة وفوضى ستعصف بالاقتصادات المنهكة جراء أزمة “كورونا” ، فإلى أين ستتجه الأمور ؟.
نظرياً ، الطرفان أبديا رغبتهما بالتوصل إلى اتفاق قبل نهاية المهلة المحددة ، إلا أن المعطيات لا تنبئ بذلك ، فالمحادثات لم تحرز أي تقدم فعلي منذ أن بدأت ، فيما يقترب الموعد النهائي من نهايته ، ومع بدء أسبوع من المفاوضات الحاسمة في بروكسل ، تزداد الأمور تعقيداً في وجه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الذي يواجه تغييرات داخل حكومته التي تتخبط أساساً في التصدي للموجة الثانية من تفشي فيروس كورونا المستجد .
دبلوماسي بارز في الاتحاد الأوروبي حذَّر بالأمس من التأخر الخطير في إبرام اتفاق تجاري بين بريطانيا والكتلة لمرحلة ما بعد بريكست ، جاء ذلك عقب جولة جديدة من المباحثات التقى خلالها كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه ونظيره البريطاني ديفيد فروست مرة جديدة في بروكسل على أمل التوصل إلى اتفاق بعد ثمانية أشهر من المحادثات غير المثمرة .
وقال الدبلوماسي الأوروبي الذي تحدث شرط عدم الكشف عن اسمه : دعونا نرى ما إذا سيكون هناك اتفاق ، لا يمكننا أن نقول في هذه المرحلة ما إذا كان سيتم التوصل إلى اتفاق بحلول نهاية هذا الأسبوع ، أو في أي وقت ، أو على الإطلاق .
ومع انتهاء الموعد النهائي في أواخر تشرين الأول ، هناك حاجة إلى اتفاق لإتاحة الوقت للتدقيق القانوني والترجمة ثم أن يصادق عليه البرلمان الأوروبي الذي من المقرر أن يكون الاجتماع الأخير له هذا العام في 16 كانون الأول .
وحذّر الدبلوماسي من أن “الحلول الإبداعية” ستكون ضرورية إذا تم التوصل إلى اتفاق بعد فوات الأوان ، وسيتطلب أي اتفاق أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من العمل القانوني قبل تصويت أعضاء البرلمان الأوروبي .
وقال فروست لدى وصوله لحضور جلسة محادثات مع بارنييه نعمل بجد للتوصل إلى اتفاق ، لكن ما زال هناك الكثير من الأمور التي يجب القيام بها .
يقول مسؤولون من الطرفين إن المفاوضين ينتظرون الجانب الآخر لاتخاذ خطوة كبيرة بشأن أصعب القضايا المتبقية ، فبالنسبة إلى المملكة المتحدة ، على الاتحاد الأوروبي أن يتجاهل آماله في الحفاظ على وصول واسع ودائم للصيادين الأوروبيين إلى المياه البريطانية .
وفي غضون ذلك ، ينتظر الاتحاد الأوروبي أن تضع لندن ضمانات للمنافسة العادلة في قضايا مثل البيئة والصحة والمساعدات الحكومية .
وقال تييري بريتون ممثل فرنسا لدى المفوضية الأوروبية التي تقود محادثات الاتحاد الأوروبي : نحن صارمون للغاية بشأن شروطنا ، وهي مقبولة .
وأضاف لقناة “إل سي إي” التلفزيونية الفرنسية : إذا احترمها رئيس الوزراء بوريس جونسون ، فسيكون هناك اتفاق ، وإذا لم يحترمها ، فلن نتوصل إلى صفقة .
ودخلت المحادثات هذه المرحلة الحاسمة فيما تواجه حكومة جونسون تغييراً في عدد من الموظفين ، وقلّل ناطق باسم جونسون من شأن الضجة التي أثيرت عقب رحيل كبير المستشارين دومينيك كامينغز محذراً من المبالغة في الأمر .
يأتي ذلك في وقت لاتزال فيه “قضية اسكتلندا” من أبرز القضايا الشائكة التي تعيق التوصل إلى اتفاق ، وفيما يخص قرار نقل صلاحيات من الحكومة البريطانية لاسكتلندا الذي طبقه رئيس الوزراء السابق توني بلير في وقت سابق ، وصف جونسون القرار بأنه كان أكبر أخطائه وكان “كارثة”، وفق ما نقلت وسائل إعلام عن جونسون في مكالمة بالفيديو يوم الجمعة مع نواب من شمال انكلترا من حزب المحافظين ، في تعليق يعزز موقف الانفصاليين باسكتلندا المطالبين بإجراء استفتاء تشير استطلاعات الرأي أنه من الممكن أن يحققوا فيه هدفهم .
وأضاف جونسون أنه لا يرى داعياً لمنح حكومة اسكتلندا شبه الذاتية ، وبرلمانها الذي يسيطر عليه الحزب القومي الاسكتلندي المؤيد للاستقلال ، أي سلطات أخرى ، بالإضافة إلى ما لديها من صلاحيات الآن .
تصريحات جونسون أثارت استياء الحكومة الاسكتلندية ، حيث انتهزت نيكولا ستيرجن ، رئيسة الوزراء وزعيمة الحزب القومي الفرصة وقالت إن التصريحات العلنية من جانب المحافظين عن نقل الصلاحيات توحي بالازدواجية ، مؤكدة أن الاستقلال هو السبيل الوحيد لحماية البرلمان الاسكتلندي وتقويته