الثورة أون لاين- د. مازن سليم خضور:
ضمن سلسلة “الحرب الأخرى” نتعرف اليوم على ملف زادت صوره وأشكاله في فترة الحرب وهو.. السرقة.
تعرّف السرقة وفق قوانين وتشريعات كثيرة على أنها فعلٌ جُرّمي، يتمثل بأخذ مُلك الغير عن قصد من غير معرفة المالك أو بالقوة، وهي حرمان المالك من مُلكه، وتعتبر السرقة أحد المصطلحات التي تدل على الجرائم ضد الممتلكات الخاصة والعامة، مثل الاختلاس والنهب والسطو والاحتيال والاستيلاء، ويُسمى الشخص الذي يقوم بتنفيذ عملية السرقة باللص أو السارق، وقد يكون القائم بالجرم أي “السرقة” شخص أو مجموعة أو دولة وهذا ما سيتم الإضاءة عليه في هذه الدراسة.. وهي سرقة الدول لمقدرات وثروات الشعب السوري سواء من حيث الثروات الباطنية كالنفط والغاز أم من حيث سرقة المعامل كما فعل “النظام التركي” في حلب أو من حيث سرقة المياه وحرمان ملايين المواطنين منها.
الدولة السورية كانت في العام 2005 لا تعاني من ديون خارجية وقادرة على تأمين معظم متطلباتها واستطاعت دوماً أن توفر احتياجاتها بالاعتماد على الذات وخاصة في توفير مصادر الطاقة “المحروقات والكهرباء والأمن الغذائي” فلم تخضع للخارج أو تلجأ إلى الاستيراد، لكن في ظل الحرب عانى المواطن السوري الكثير من المشكلات الاقتصادية بسبب قلة موارد الحكومة السورية وبالتالي انعكس ذلك مباشرة على معيشة المواطن.
في عام 2014 استمرت الأوضاع الاقتصادية الصعبة، لكن القطاع الصناعي شهد نوعاً من التحسن النسبي مقارنة بالسنوات السابقة من عمر الأزمة، فقد عادت بعض الورش والمنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة إلى الإنتاج مع الآخذ بعين الاعتبار أثر ارتفاع أسعار الطاقة المازوت والفيول واستمرار سرقة حقول الثروات الباطنية.
الوضع الاقتصادي دفع الكثيرين إلى مغادرة البلاد من دون وجود خطر مباشر على حياتهم، نتيجة توقف حركة التجارة والاقتصاد بشكل عام والارتفاع الجنوني في الأسعار والارتفاع كبير في معدلات البطالة وارتفع منسوب الأضرار الفادحة التي لحقت بالبنية الاقتصادية والاجتماعية والثروة الطبيعية التي تقدر مجتمعة تقارير متطابقة إلى مئات المليارات من الدولارات ووصلت نسبة البطالة إلى نسب قياسية.
الحرب الدائرة في البلاد أدت إلى تهديم وتخريب البنية التحتية والصناعية ولا سيما في مناطق حيوية للاقتصاد السوري مثل حلب وريف دمشق أما في دير الزور والجزيرة السورية فسيطر تنظيم داعش الإرهابي وجماعات مسلحة أخرى على النفط السوري والمقدرات الأخرى في البلاد “خسائر الاقتصاد السوري حتى نهاية عام 2012 ب 48،4 مليار دولار أميركي بالأسعار الجارية، والذي يعادل 81،7 من الناتج المحلي الإجمالي لسورية في عام 2010 بالأسعار الثابتة لعام 2000 وتعتبر هذه الخسارة كبيرة مقارنة بالخسائر التي نتجت عن النزاعات الداخلية في دول أخرى هذا في ظل وجود تنظيم داعش الإرهابي ولكن بعد التنظيم الإرهابي أصبح النفط بيد الميليشيات الموجودة في أماكن النفط لا سيما ميليشيا “قسد” وهو ما أشار إليه السيد الرئيس بشار الأسد عندما قال “لتنظيم داعش الإرهابي شركاء في سرقة النفط السوري منذ العام 2014 وهما رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان وزمرته والأميركيون من خلال “السي آي ايه” أو أطراف أخرى”.
في ظل ذلك وبالإضافة إلى الحصار الاقتصادي جاء سوء القرارات التي اتخذت وفق خبراء اقتصاديين لتفاقم مشكلات الواقع المعيشي في بعض المراحل، من قبل الجهات المعنية بتوزيع المواد النفطية، حيث أصدرت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك وبناء على توصية اللجنة الاقتصادية وعلى كتاب وزارة النفط والثروة المعدنية قراراً يقضي برفع سعر ليتر المازوت الصناعي والتجاري الحر إلى 650 ليرة سورية وليتر البنزين أوكتان 95 إلى 1050 ليرة ويأتي هذا الارتفاع بعد ارتفاع غير مسبوق في أسعار المشتقات النفطية في سورية.
وأكدت الوزارة أن سعر ليتر مازوت التدفئة بقي دون أي تغيير أو تعديل بـ 180 ليرة سورية وكذلك بالنسبة لباقي القطاعات كالنقل والزراعة والقطاع العام كما لم يطرأ أي تعديل على سعر ليتر المازوت المخصص للأفران التموينية وبقي على سعره بـ 135 ليرة سورية.
ووفق الوزارة جاء تعديل سعر ليتر المازوت الصناعي والتجاري نظراً للتكاليف الكبيرة التي تتكبدها الحكومة، لتأمين المشتقات النفطية في ظل الحصار الجائر الذي تفرضه الإدارة الأميركية على الشعب السوري وبهدف تأمين حاجة الصناعيين الفعلية من المازوت والحد من عمليات تهريب المادة إلى دول الجوار، يشار إلى أن ميليشيا “قسد” وقوات الاحتلال الأميركي يسيطران على أغنى المناطق السورية بحقول النفط، و تتعاون ميليشيا “قسد” مع شركات أميركية لتستلم هذه الشركات إدارة الحقول السورية والتصرّف بإنتاجها، كما تعمد قوات الاحتلال الأميركي باستمرار إلى تهريب عشرات صهاريج النفط إلى الخارج.
هذا من جهة ومن جهة ثانية أعلن في وقت سابق رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية “فارس الشهابي” عن رفع دعوى قضائية دولية ضد حكومة النظام التركي بتهمة سرقة معامل مدينة حلب السورية التي تعرف بالعاصمة الاقتصادية لسورية. حيث بين الشهابي أن “الأضرار طالت كل معمل من خلال السرقة أو الدمار أو الخطف، وهي بنسبة 100% وبقيمة تفوق 50 مليار دولار.
لم يقف “النظام التركي” عند سرقة المعامل والنفط السوري بل أقدم على سرقة الزيتون والقمح السوري ولا سيما من منطقة عفرين بعد عدوان ما سمي “عملية غصن الزيتون” حيث لم تتوقف الأطماع التركية في سورية، ووصل الأمر إلى سرقة أجود أنواع القمح السوري حيث قامت السلطات التركية بالتعاون مع الهلال الأحمر القطري بسرقة 17 صنفاً من أصناف القمح السوري وزراعتها ضمن مشروع خاص بهذه الأقماح، في المناطق المحاذية للحدود السورية لتشابه خواص أراضيها الزراعية مع الأراضي السورية.
بعد هذه الإحاطة لا بد من تحرك قانوني بحق اللصوص ورفع دعاوى في المحاكم الدولية المختصة لناحية سرقة مقدرات الشعوب والعمل على إيجاد حلول وخطوات إضافية بظل سنوات الحرب الطويلة، كإيجاد أراضٍ بديلة لزراعة القمح والمحاصيل الأخرى التي تقع ضمن الأراضي التي يحتلها “الأميركي والتركي” ولتكون رديفة لتلك الأراضي عند تحريرها، والتركيز على الجانب الإعلامي في إظهار هذه الجرائم ولا سيما في تلك الدول ومخاطبة الجمهور في “الطرف الآخر” للتعريف بجرائم حكومات هذه الدول.