الثورة أون لاين – يونس خلف:
لقد أصبح من الصعب الآن أن ننظر للثقافة بمفهومها البسيط، الذي انحصر يوماً ما في الكتاب أو اللوحة أو الرواية أو قصيدة الشعر، فمفهوم الثقافة اتسع ليشمل معظم جوانب الحياة الفكرية والروحية والاجتماعية، وجوانب أخرى مادية كثيرة، وأصبح تعريف الثقافة في معظم دوائر المعارف الكبرى بلغاتها المختلفة، أنها أسلوب الحياة السائد في أي مجتمع بشري وأصبحت الثقافة تمثل حياة المجتمع ومستوى تطوره ونموه وانطلاقه ، إلا إن أهم ملامح ومؤشرات النجاح الكبير للحياة الثقافية بالحسكة انها لم تتوقف طيلة سنوات الحرب ، لا بل في أصعب الظروف التي عانت منها الحسكة عندما كانت عصابات داعش في بعض أحياء المدينة ، كانت الحياة الثقافية مستمرة ، من هنا يمكن التوقف اليوم عند مثال جديد عن استمرارها رغم الظروف الصعبة سواء لجهة الإمكانات أو الظروف الصعبة الناجمة عن وجود احتلالين الأمريكي والتركي والعصابات الإرهابية المرتهنة لهما والتي تصل تداعيات ممارساتها إلى درجة إيقاف عجلة الحياة كلها وليس الحياة الثقافية فقط تحت غطاء الحظر والوقاية من كورونا أو من خلال اختطاف الكوادر والرموز الثقافية والاجتماعية ، ورغم ذلك كله شهدت الحسكة قبل أيام نشاطات ثقافية وفنية ضمن فعاليات احتفالية أيام الثقافة السورية التي تقيمها مديرية الثقافة حيث افتتح محافظ الحسكة اللواء غسان خليل وقائع الاحتفالية بمعرض الأعمال اليدوية للمخلفات البيئية وهو من إنتاج ورشة عمل الأطفال وقدمت فرقة بارمايا للفنون الشعبية مشهداً فنياً راقصاً يصور العرس التراثي والأفراح التي ترافقه في الجزيرة السورية بكل مكوناتها الاجتماعية.
وشارك المسرح القومي بالمحافظة بعرض حمل عنوان “فرحة” من تأليف المخرج إسماعيل خلف وتمثيل باسل حريب .
وتضمنت وقائع الاحتفالية أيضاً معرضاً لتدوير المخلفات البيئية وتوالف الطبيعة من نتاج ورشة العمل التي أقامتها مديرية الثقافة مؤخرا بإشراف الفنان ثامر شميط ضمت أعمالا فنية ومجسدات خشبية تعكس أهمية الحفاظ على البيئة والاستفادة مما توفره من مواد مختلفة عبر تطويعها بأعمال يدوية جميلة، كما تم تقديم عرض مسرحي للأطفال ومعرض فن تشكيلي، إضافة إلى معرض لمطبوعات الهيئة السورية للكتاب وضمن فعاليات مهرجان أيام الثقافة السورية أقيم معرضان الأول للفن التشكيلي والثاني للكتاب في صالة المركز الثقافي العربي في مدينة القامشلي وضمن فعاليات الاحتفالية أيضاً استضاف المركزان الثقافيان في مدينتي الحسكة والقامشلي نشاطات فنية وعرضا مسرحيا وغنائياً تراثياً منوعاً.
وبالمحصلة يمكن القول إن تمتين الخندق الثقافي في مواجهة التحديات لقي اهتماماً كبيراً من المعنيين بالحياة الثقافية ونستطيع القول إن تعزيز هذا الاهتمام والجهد الدؤوب لاستمرار الحياة الثقافية يعكس إصرار الفعاليات الثقافية والأدبية والفنية على الاستمرار في النشاط الثقافي من جهة وكذلك الدعم والتسهيلات التي يقدمها أصحاب القرار بالمحافظة كما يحدث لباقي القطاعات الخدمية والاقتصادية والاجتماعية .