الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
في الأشهر الأولى من تفشي فيروس كورونا، كان صانعو السياسة يأملون في حدوث تعافٍ على شكل حرف V – بحيث يمكن القضاء على الوباء أو قمعه، ما يسمح للنشاط الاقتصادي بالانتعاش بسرعة.
اليوم بينما تواجه البلدان في جميع أنحاء العالم طفرة جديدة في الإصابات وتفكر في إمكانية حدوث عمليات إغلاق جديدة يتوقع العديد من الاقتصاديين أن تسوء الأمور قبل أن تتحسن.
قال ألبرت إدواردز، المحلل الاستراتيجي في قسم البنك الاستثماري في بنك سوسيتيه جنرال، الذي اشتهر بتوقع الأزمة المالية العالمية لعام 2008: “إنه بالتأكيد الكساد”.
ربما يكون الاقتصاد العالمي قد تعثر بشكل كبير مع عدم وجود لقاح أثبت فعاليته المطلقة حتى الآن للقضاء على الوباء، وبالتالي سيظل فيروس كورونا عبئاً على الاقتصادات حيث تغلق الشركات أبوابها، ويفقد العمال وظائفهم، وتواجه البنوك مستويات متزايدة من القروض المعدومة.
وقال إدواردز: “سوف يتلاشى الانتعاش، حتى لو لم نقع في ركود مباشر آخر بسبب البطالة”.
وفقاً لبنك الاستثمار الأميركي “جي بي مورجان تشيس”، تشير التقديرات إلى أن الناتج المحلي الإجمالي العالمي قد انخفض بنسبة 15.6 في المئة في الأشهر الستة الأولى من العام، وهو انخفاض أكبر بأربعة أضعاف مما كان عليه في عام 2008. تم تعويض بعض هذا التراجع بالفعل ، لكن صندوق النقد الدولي يتوقع أن ينكمش الاقتصاد العالمي بنسبة 4.9 في المئة خلال عام 2020، حتى عندما تبدأ الحكومات في سحب برامج الدعم. من المتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو والمملكة المتحدة بنسبة 10.2٪ هذا العام، بينما ينكمش الاقتصاد الأميركي بنسبة 8٪.
معظم الخبراء، بمن فيهم أولئك في بنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي، لا يتوقعون أن يتعافى الناتج العالمي إلى مستويات ما قبل الأزمة حتى نهاية عام 2021 – هذا إذا لم تكن هناك موجة ثانية خطيرة من الفيروس هذا الشتاء، وعندها ستتوقف كل الرهانات.
حذر منظمو السوق في الاتحاد الأوروبي منذ أشهر من أن المستثمرين قد يقللون من مخاطر خيبة الأمل الاقتصادية، حيث أكدت هيئة الأوراق المالية والأسواق الأوروبية أن الأسعار لم تكن مرتبطة بالواقع الاقتصادي.
وأشارت الوكالة إلى أن الأسهم الأوروبية قفزت بأكثر من 40 في المئة منذ هبوطها بسبب فيروس كورونا في آذار، على الرغم من أن بعض التوقعات تشير إلى أن اقتصاد القارة قد لا يتعافى بالكامل حتى عام 2023.
أما بالنسبة للرحلات الجوية، فإن حركة المرور في المطارات تتباطأ مع قيام المسافرين بإلغاء رحلاتهم، وهذا بدوره يؤدي إلى انخفاض النشاط التجاري في محلات المأكولات الجاهزة إلى الحد الذي لا يمكنها معه تغطية التكاليف.
بعد بضعة أشهر ، ومع عدم ظهور نهاية للمشكلة، يرى مالكو محلات الأطعمة الجاهزة إلى أنهم لا يستطيعون انتظار عودة الركاب، وعندها ستضطر الشركات إلى إعلان إفلاسها، وبالتالي سيتم فصل الكثير من الموظفين.
وهذا ينعكس سلباً على الاقتصاد في معظم بلدان العالم وخاصة تلك التي تعد فيها السياحة مصدراً رئيسياً للإيرادات، تُظهر بيانات التذاكر الأوروبية أن شركات الطيران باعت أقل من خُمس عدد رحلات الطيران في آب مقارنة بالعام الماضي، ففي اليابان، على سبيل المثال انخفض عدد الوافدين إليها بنسبة 99.9٪.
كما تسبب وباء كورونا بإلحاق أضرار جسيمة بالكثير من القطاعات الاقتصادية كالفنادق والمطاعم والصالات الرياضية وقاعات الحفلات الموسيقية ودور السينما والرحلات البحرية واستوديوهات الأفلام وشركات سيارات الأجرة ومراكز المؤتمرات والأماكن الرياضية والمتنزهات، ما يسبب ضغطاً كبيراً على الوضع الاقتصادي.
وفقاً لتحليل أجراه صندوق النقد الدولي فإن معدلات الإفلاس يمكن أن تتضاعف لتصل إلى 12 في المئة في عام 2020 بمتوسط 4 في المئة للشركات الصغيرة والمتوسطة.
يشعر الاقتصاديون بالقلق من أن الشركات الكبيرة بدأت بالفعل بتسريح عمالها، وتشمل عمليات التسريح هذه العمال المدربين تدريباً عالياً وكذلك الموظفين الأقل مهارة. كما تشير التحركات إلى أن الشركات متعددة الجنسيات تعيد تقييم حاجتها من الموظفين بعد انحسار الوباء، وعندها ستسيطر حالة من عدم اليقين والكآبة على العمال والموظفين بشكل عام.
قال جون رايث الخبير الاقتصادي في بنك UBS السويسري: “تعتقد بعض الشركات أن برنامج أعمالها قد تضرر بشكل دائم بسبب هذا ولن يتعافى العديد من الضحايا حتى لو كان هناك اختراق طبي”، وهو يشير هنا إلى إمكانية اكتشاف لقاح فعّال للوباء.
كما شهدت منطقة اليورو خسارة حوالي 4.5 ملايين شخص لفرص العمل لأشهر عديدة حيث يكون انتشار الوباء في ذروته.
وشهدت الولايات المتحدة ذروة البطالة في نيسان حيث بلغت 14.7٪ ، أما في المملكة المتحدة فقد بلغت 10.2٪ في تموز، وقد أعلنت الشركات الكبرى عن تخفيض أكثر من 120 ألف وظيفة منذ بداية الأزمة، وكان قطاع التجزئة والطيران أكثر القطاعات تضرراً.
قال جيرارد ليونز، الخبير الاقتصادي بشركة Netwealth، من المتوقع أن يكون هناك المزيد من الأضرار التي قد تستمر لأعوام قادمة.
المصدر Politico