الثورة أون لاين – ترجمة ليندا سكوتي:
لا ريب أن ما اتخذته الحكومة الأميركية من إجراءات للحجر الصحي الذي فرضته بغية الحيلولة دون انتشار كوفيد -19 قد انعكس سلبا على الاقتصاد الأميركي، إلا أن التكلفة التي تكبدتها من جراء هذا الحجر لم تتوضح تماما حتى هذا اليوم.
وتوصل باحثون من جامعة قصر أوتس للدراسات التجارية (إتش إي سي) وجامعة بوسوني في ميلانو إلى حسابات واقعية مفادها أن الإغلاق تسبب مابين شهر آذار إلى أيار بتكلفة بلغت 169 مليار دولار بدعوى إنقاذ حياة ٢٩ ألف شخص من الوباء .
وفي هذا السياق، ذكر الأستاذ في جامعة إتش إي سي والعضو في الجمعية الوطنية الفرنسية جان-نويل باروت لوكالة فرانس بريس: ” أنقذ حكام الولايات في أميركا حياة الشعب من جهة، غير أنهم تسببوا بتراجع النشاط الاقتصادي من جهة أخرى”
لقد أصبحت مسألة معالجة انتشار فيروس كورونا في العالم قضية مؤرقة سياسيا في الولايات المتحدة ولاسيما إثر إصابة 12,2 مليون شخص و وفاة قرابة 257000 شخص، كما أن تزايد حالات الإصابة بالفيروس في جميع أنحاء البلاد دفع بولايات عدة لفرض قيود على الشركات التجارية مرة أخرى.
وقد حذر باروت من أن أي تغيير في سلوك الأميركيين سيجعل القيود التجارية المتجددة أقل فعالية، وقال: “ربما يصبح الأشخاص أكثر مسؤولية، وذلك من خلال الالتزام بارتداء أقنعة الوجه وغيرها من الإجراءات، وتأثير العدوى الذي نراه اليوم قد يتراجع مع مرور الوقت”.
لاريب بأن الإجراءات التي تم اتباعها في شهر آذار كانت على نحو غير متساو من قبل الدولة والحكومات المحلية مما تسبب باضطرابات غير مسبوقة لأكبر اقتصاد في العالم، الأمر الذي أثار نقاشا يتعلق بدور الحكومة في إرغام الأشخاص على تغيير أنماط حياتهم تحت مسمى الصحة العامة، ورأى معارضون أن هذه القيود (التي جرى تخفيفها بدرجات متفاوتة في فصلي الربيع والصيف) قيدت الحرية الشخصية، في حين رأى مؤيدون بأنها إحدى الطرق التي تمكّن من احتواء الفيروس الخارج عن السيطرة.
نشرت مجلة نيشتر دراسة في شهر حزيران تبين منها أنه لولا التباعد المكاني وقيود الحركة التجارية لشهدت الولايات المتحدة عددا في الإصابات يبلغ 5.2 ملايين في مطلع شهر نيسان بدلا من المستوى الفعلي الذي وصلته والبالغ حوالي 365000. بالإضافة لما ذكر، وجد باحثون في جامعة كولومبيا أنه كان من الممكن إنقاذ حياة ما ينوف عن 35000 شخص لو تم اتخاذ مثل هذه الإجراءات قبل أسبوع واحد فقط من فرضها في منتصف آذار. وعلى الرغم من أنها لم تكن إجراءات صارمة كما هو الحال في دول أخرى اتبعت تطبيق حظر التجوال بصرامة وشدة ومعاقبة منتهكي تلك الإجراءات، إلا أنّ تداعيات القيود المفروضة على الاقتصاد الأميركي برزت على نحو جلي وبصورة فورية، فقد تزايدت الطلبات الأسبوعية لمساعدة العاطلين عن العمل إذ بلغت قرابة 6,9 ملايين طلب في آخر أسبوع من شهر آذار، بينما ارتفع معدل البطالة إلى 14,7% في شهر نيسان بعد أن كان أدنى مستوى له في شهر شباط 3,5%.
عقب اطلاع باروت على بيانات أصدرتها جامعة جونز هوبكنز ومكتب الإحصاء الأميركي رأى أن قيود الإغلاق المختلفة في الولايات المتحدة كلفت حوالي 0.8% من إجمالي الناتج المحلي للولايات المتحدة.
غير أن الخطوات التي اتخذتها الولايات لتخفيف القيود والإنفاق الهائل لتحفيز الاقتصاد على التعافي ساهمت قليلا بانخفاض معدل البطالة في شهر تشرين الأول، كما انخفض عدد طلبات الإعانة المقدمة أسبوعيا إلى حوالي 750000، وهو أعلى من أسوأ أسبوع شهدته الأزمة المالية العالمية بين عامي 2008-2010، وفي هذا السياق، قال باروت: “قد لا تكون القيود الشاملة الجديدة ذات فعالية في الحيلولة دون تزايد عدد الوفيات، لكنها في مختلف الأحوال ستكون ذات تكلفة عالية”.
وفي الختام، قال باروت: “إن ما نحتاج للتفكير به في الوقت الراهن يتمثل بإعداد خطط طوارئ تمكننا من تجنب الاضطرار إلى إتلاف كثير من ثرواتنا الجماعية بغية الاستمرار في البقاء على قيد الحياة”.
بقلم: كريس شتاين
إيران ديلي