الملحق الثقافي:صلاح أبو لاوي شاعر فلسطيني:
مثقلٌ بالخسارات قلبي
وقلبي سراجٌ أعلّقهُ للسراةِ
إذا أظلمَ الآخرونْ
غابةٌ للظلالِ
إليها العصافير تأوي
نشيدٌ لأعشاشها
جدولٌ للصباحِ الحرونْ
غيمةٌ لم أخنها
ولا هي خائنةٌ
والندى لا يخونْ
مثقلاً جئتُ من آخر الحرب مثل نشيد قديمٍ
لأزرع داليةً في بوار الجنونْ
ربما
كان لا بدّ من طعنةٍ
والحروب غرابيل يسقط منها الزوانْ
ربما
كان هذا الزمانْ
لعبةً للشياطينِ تلهو بنا
ثم تقذف أرواحنا في سحيق السكونْ
أيهذا الزمانُ الغبارُ
صنعناك من ياسمينٍ
وقلنا لأحلامِ روحك كوني
فكان لنا بردى والفراتُ
وتمتمةُ العشبِ كلَّ صلاةٍ على الياسمينْ
كيف نمحوك من دمعةٍ لم تصدّقْ خطاك إليها
وكيف نفسّر للماءِ
هذا الإله الغريب الذي صرتهُ
كل شيءٍ يفسّرُ
إلا الخيانة والخائنونْ
ربما
كنتُ نقشاً على قاع بئرٍ
يمرُّ به الغارقونْ:
إنْ وصلت الجدار الأخير ليأسكَ
حدقْ ملياً
فثمة شرخٌ صغير لتعبرَ
لم يره اليائسونْ
ربما كنتُ بعلاً
وقافيتي واحةٌ للنخيلْ
ربما كنتُ فخاً
لاصطاد هذا الجنونَ العميلْ
ربما كنت لا
والذي قال: لا
بلغ المستحيلْ
ربما جئت أفتحُ
نافذة للهواء الطريِّ
وأرسل أجنحتي وأغني ليافا:
“ سنرجع يوماً الى حيّنا”*
ويافا الأمدْ
ما لها من سندْ
إنْ كبا قاسيونْ
مثقلٌ بالخسارات قلبي
فهل كنت أحلمُ
حين وقفت وحيداً لأسند دبابةً في طريق حلبْ؟.
ولماذا “العريضةُ” حين صعدتُ غريباً لطرطوسَ
حمّلني سلة الورد للشهداءِ
وحمَّلني للقلوب الندية كَرْمَ عِنَبْ؟..
ولماذا بكى عسكريٌّ على حاجزٍ في دمشقَ يفتشني
إذْ رأى في عيوني شهيداً، فمالَ لصاحبهِ وانتحبْ؟..
ولماذا نبيٌّ قرأت له في حراءٍ “يدور الكلام تعالى”*
فقبلني وانسحبْ؟.
ولماذا أنا
صرت عبد طريقي إلى الشامِ
لولا الذي فتح الفاتحونْ
أيها النصرُ
يا شاهداً بالرصاص شَهدْ؟.
سقط الساقطونْ
وعلا من وعدْ
وارتقى قاسيونْ
في نشيد الأبدْ
قمراً في العيونْ
عابداً ما سجدْ
* سنرجع يوماً…مقطع من قصيدة للشاعر العربي الفلسطيني الكبير هارون هاشم رشيد.
*يدور الكلام تعالى ، قصيدة لي، وعنوان إحدى مجموعاتي الشعرية.
التاريخ: الثلاثاء1-12-2020
رقم العدد :1022