الثورة اون لاين:
كان الأدب وما زال وسيبقى الرؤيا التي تشي بالقادم، ومن غيرهم الشعراء قادرون على ذلك ألم يقل أدونيس ذات يوم : الشعر رؤيا والرؤيا قفز خارج حدود الزمان والمكان، الشاعر والمناضل الإفريقي وول سونيكا واحد من هؤلاء، ملأ الساحة الإبداعية بما قدمه من شعر ومسرح، وقد ترجمت أعماله إلى اللغة العربية، بعضها عن وزارة الثقافة السورية وبعضها الآخر عن دار التكوين بدمشق، وسونيكا كاتبٌ إفريقيٌّ بامتياز، ومناضلٌ وسياسيّ، ومدافعٌ بشراسةٍ عن حقوق الإنسان أيّاً كان، وهو السجين والهارب والمنفيّ، والروائيّ والشاعر الذي سعى إلى نحت هويةٍ حديثةٍ لإفريقيا، إفريقيا الحروب والاضطراب والجوع، له مكانةً متميزةً للغاية، بوصفه أوّل إفريقيٍّ يفوز بجائزة نوبل للآداب، عام 1986 عن روايته ” موسم الفوضى” فهي رواية العالم الإفريقي الزاخر بالغرائب و العجائب والأساطير و الحب و الأمل.
أما روايته الأولى “التراجمة” الصادرة عام ١٩٧٩، تجسد بانوراما معينة عن المجتمع النيجيري، من خلال خمسة مثقفين شبّان، يحاولون أن يمنحوا حياتهم ومواهبهم معنى، ضمن ظروف غير مواتية، حيث الفساد، والوصولية، والمشكلات المعقدة لمجتمع ما بعد الاستقلال الذي لم يجد طريقه الأفضل بعد.
ورواية “مات الرجل” تمثل بامتيازٍ تراجيديا إفريقيةً وليستْ مأساةً شخصية، وإن بدتْ للوهلة الأولى وكأنها تسجيل مذكراتٍ شخصيةٍ لأيامٍ حالكة السواد، إنها صرخةٌ تمثل دعوةً إلى الحياة رغم قسوة الظروف وبشاعة تفاصيلها.
استطاع “سوينكا” أن يقدّم نفسه كأحد أهمّ كتاب القارة الإفريقية في العصر الحاليّ، إضافةً إلى كونه، في الأساس، واحداً من أكثر المناصرين والمقاتلين الشرسين من أجل قضية الهوية والثقافة الإفريقية والنظام الاجتماعيّ الإفريقيّ وحمايته من ثقافة المستعمر.
ووفق موقع العرب فقد كانت مجلة لوبوان”قد أجرت حواراً مع الكاتب النيجيري وول سوينكا، صاحب جائزة نوبل، تحدث فيه عن الوضع الراهن في بلاده، وفي القارة الإفريقية، وفي العالم.
يتحدّث وول سوينكا في بداية الحوار مع الأسبوعية الفرنسية “لوبوان”، عن مسرحيته الموسومة بـ”أوبرا فونيسكي”، التي يتمحور موضوعها حول الأنظمة الدكتاتورية في القارة الإفريقية قائلاً «في الفترة التي كتبت فيها مسرحيّتي المذكورة، كان من الطبيعي تقريباً أن تكون هناك أنظمة دكتاتورية في القارة الإفريقية مثلما كان الحال في نيجيريا، وفي إفريقيا الوسطى، وفي الكونغو».
يشير وول سوينكا، في الحوار ذاته، إلى أن أخطر تهديد تواجهه نيجيريا يتمثل في “بوكو حرام”؛ الأصولية المتطرفة التي اقترفت على مدى السنوات القليلة الماضية جرائم فظيعة، ومجازر في القرى النائية.
يعترف سوينكا أنه حرم من النوم ليالٍ عدة عندما قامت “بوكو حرام” باختطاف فتيات، وأضاف وول سوينكا قائلاً بأن التنظيمات الأصولية التي تتستر وراء الدين أدخلت العالم بأسره في سرداب مظلم، ناشرة الرعب والخوف في كل مكان، فلم تعد البلاد في مأمن من شرها.
ويرى وول سوينكا أن الكتابة تظل بالنسبة إليه الوسيلة المثلى للمقاومة، يقول في ذلك «حسب رأيي، أعتقد أن ما يحرض أحداً ما على الكتابة، هو أن يجد نفسه أمام شيء يعجز عن فهمه، أو أن يرغب في الاختفاء وراء حدث إيجابي للغاية يجعلنا نحس أننا ننتمي إلى الجنس البشري، وهذا الفرح هو الذي نسعى إلى التعبير عنه من خلال الكتابة.
لكن للأسف، أرى أن الأحداث السلبية والمأساوية، هي التي تهيمن على القارة الإفريقية، البعض يقول إن الكتابة يمكن أن تكون نوعاً من العلاج الذي يبقي على صفائنا الذهني في قلب التناقضات التي تحاصرنا، وآخرون يرون أنها تساعدنا على الانتقام من الذين يرغبون في تنغيص حياتنا لجعلها مستحيلة.
وفي عام ، 2014، احتفل الكاتب النيجيري الكبير وول سوينكا الحاصل على جائزة نوبل للآداب لعام 1986، بعيد ميلاده الثمانين، وهو مولود في الرابع عشر من شهر يوليو 1934 في المنطقة الغربية من نيجيريا.
وبعد استكمال تعليمه في العاصمة لاغوس، انتقل إلى بريطانيا، وتحديداً إلى مدينة “ليدس” حيث حصل على شهادات جامعية مرموقة، بعدها عاد إلى بلاده ليكتب مسرحية بعنوان “الأسد والجوهرة”، بطلها شاب متكبر، ومعتز بثقافته الأوروبية يعود إلى قريته ليعيش مواجهة حادة مع شيخ القرية الذي تمكن بسلاسة لسانه من أن يستحوذ على قلب الفتاة الجميلة التي كان يعشقها.
غير أن شهرة وول سوينكا تحققت على مستوى القارة الإفريقية خلال مهرجان الفنون الإفريقية الذي انتظم عام 1966 في العاصمة السنغالية داكار، وعند اندلاع الحرب الأهلية عام 1967، والتي استمرت حتى عام 1970، انتقد وول سوينكا المنشقين في بيافرا، فكان ردّ هؤلاء سجنه لمدة عام ونصف العام، ومن وحي تجربة السجن المريعة، استوحى موضوع روايته التي حملت عنوان “هذا الرجل ميّت”.
وكتب وول سوينكا المسرح والرواية والشعر، ومنذ حصوله على جائزة نوبل للآداب، يعيش وول سوينكا سفراً دائماً بين بلاده وبلدان مختلفة من جميع أنحاء العالم، وكثيراً ما يتدخل في الصراعات والنزاعات الإفريقية والعالمية للتعبير عن أفكاره وآرائه بخصوصها، وبخصوص القضايا الحارقة التي يعيشها عالمنا اليوم.