الترجمة وجهة نظر بين العقل البشري والذكاء الاصطناعي

الثورة – رانيا حكمت صقر:

في ظل التطور الهائل الذي يشهده الذكاء الاصطناعي في مجالات متعددة، برز سؤال جوهري يتردد في أروقة المختصين: هل أصبح الذكاء الاصطناعي يشكل تهديداً لدور المترجم الإنساني، خصوصاً مع تزايد تداخله في عملية الترجمة؟

في يوم الترجمة العالمي، نسلط الضوء على هذه القضية من خلال رؤية مترجمة خبيرة في المجال الأدبي، لودميلا ندّه، التي تقدم تقييمها الواقعي لصحيفة الثورة للفوائد والتحديات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي على مهنة الترجمة، مع التأكيد على الأبعاد الإنسانية والفكرية التي لا يمكن لأي تقنية أن تغطيها بالكامل.

تعتبر ندّه الذكاء الاصطناعي أداة ثريّة وفعّالة في مجال الترجمة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بترجمة نصوص طويلة الحجم تتطلب اختصار الوقت والجهد.

كما تشير ندّه إلى أن الذكاء الاصطناعي “مفيد ومجدي في أمور الترجمة حتماً”، لكن فائدته تتوقف على نوعية المحتوى وضرورة وجود رقابة بشرية دقيقة تعزز من جودة الترجمة، وتصحح الأخطاء التي قد تتسبب في سوء الفهم.

تقول ندّه، التي تخصصت في الترجمة الأدبية الخالصة: إن طبيعة عملها “تتطلب جهداً مكثفاً وصبراً كبيراً في صياغة الجمل والتأكد من إيصال الفكرة المقصودة بدقة تامة”.

هذه الخصوصية تجعل الترجمة الأدبية بعيدة في أغلب الأحيان عن أتمتة الذكاء الاصطناعي، حيث تحتاج إلى ذائقة فنية عالية وفهم عميق للنصوص الأدبية كي تصل إلى قرّاء محبي الأدب والمطالعة.

وعلى الرغم من اعتمادها الطبيعي على القواميس الإلكترونية، تنأى ندّه بنفسها عن الاعتماد الكلّي أو الأساسي على الذكاء الاصطناعي في ترجمتها، معتبرة أن “المترجم ما زال الأساس، ولا يمكن إلغاء دوره أو الاستغناء عن جهوده الفكرية، إذ أن الترجمة في جوهرها جسر للتواصل اللغوي والفكري الإنساني الذي لا يمكن لأي تكنولوجيا تحقيقه بمفردها مهما بلغت تطورها”.

هذه الرؤية تعكس مزيجاً من التقدير للتقنيات الحديثة والاحتفاء بالدور الإنساني الرفيع الذي يؤديه المترجم.

ففي الوقت الذي يمثل فيه الذكاء الاصطناعي وسيلة لتسريع العمل وتقليل الجهد، يبقى المترجم الإنساني هو الذي يحمل على عاتقه مهمة الحفاظ على حساسيّة النص وروحه، بشكل لا يمكن استنساخه آلياً.

تجربة ندّه تبرز أهمية الإنسان في صلب عمليّة الترجمة، وضرورة تعاون التكنولوجيا مع القدرات البشرية لتقديم نسخ مترجمة تعكس الجوهر الثقافي والأدبي للنصوص، مع إدراكها للتحديات التي تفرضها سرعة تطور الذكاء الاصطناعي، تؤمن ندّه بأن “الترجمة الهجينة” يمكن أن تكون حلاً وسطاً، لكنها دائماً ما تؤكد مكانة المترجم كمبدع ومستشار لا غنى عنه.

بينما يواصل الذكاء الاصطناعي تطوره السريع، يبقى السؤال الأهم ليس عن وجوده أو عدمه، بل عن كيفية تعايشه الذكي مع القدرات البشرية ليخدم الترجمة والفكر والثقافة.

تجربة ندّه كمترجمة تلقي الضوء على هذا التوازن الحاسم، باعتباره ضمانة للحفاظ على روح النصوص وقيمتها تحت أي ظرف من الظروف.

وبذلك، لا تزال الترجمة الحية والعقل البشري هما الركيزتان الأساسيتان في عالم التواصل اللغوي والفكري الإنساني.

لودميلا ندّه درست الأدب الإنجليزي في جامعة اللاذقية، وهي تترجم القصة والشعر منذ فترة طويلة، ولها إصدارات عديدة في مجال الترجمة الأدبية مثل مجموعة “قلب بطل” للأطفال، و”ساحة الدار” التي تضم مختارات من كتّاب عالميّين، إضافة إلى ترجمتها لمجموعة قصصيّة عراقيّة إلى اللغة الإنجليزيّة.

كما تواصل نشاطها في ترجمة الشعر العالمي على صفحات التواصل الاجتماعي.

آخر الأخبار
في يومه العالمي ..الرقم الاحصائي جرس إنذار حملة تشجير في كشكول.. ودعوات لتوسيع نطاقها هل تتجه المنطقة نحو مرحلة إعادة تموضع سياسي وأمني؟ ماذا وراء تحذير واشنطن من احتمال خرق "حماس" الاتفاق؟ البنك الدولي يقدم دعماً فنياً شاملاً لسوريا في قطاعات حيوية الدلال المفرط.. حين يتحول الحب إلى عبء نفسي واجتماعي من "تكسبو لاند".. شركة تركية تعلن عن إنشاء مدن صناعية في سوريا وزير المالية السعودي: نقف مع سوريا ومن واجب المجتمع الدولي دعمها البدء بإزالة الأنقاض في غزة وتحذيرات من خطر الذخائر غير المنفجرة نقطة تحوّل استراتيجية في مسار سياسة سوريا الخارجية العمل الأهلي على طاولة البحث.. محاولات النفس الأخير لتجاوز الإشكاليات آلام الرقبة.. وأثر التكنولوجيا على صحة الإنسان منذر الأسعد: المكاشفة والمصارحة نجاح إضافي للدبلوماسية السورية سوريا الجديدة.. دبلوماسية منفتحة تصون مصلحة الدولة إصدار صكوك إسلامية.. حل لتغطية عجز الموازنة طرق الموت .. الإهمال والتقصير وراء استمرار النزيف انضمام سوريا إلى "بُنى".. محاولةٌ لإعادة التموضع المصرفي عربياً تجربة البوسنة والهرسك .. دروس لسوريا في طريق العدالة والمصالحة المبعوث الأميركي إلى سوريا: "سوريا عادت إلى صفنا" إصدار اللوحات الدائمة للمركبات في دير الزور