الثورة أون لاين – حسين صقر:
بعد أن كان جليساً وونيساً، أضحى وحيداً وقلة من يسألون عنه، هذا ما آل إليه حال الكتاب هذه الأيام بعد أن تراجع منسوب القراءة والمطالعة إلى أدنى مستوياته.
فعندما نتجول في شوارع دمشق، أول ما يلفت الانتباه وضع الكتاب الحزين الذي إما يقبع في المكتبة على الرفوف وفي الأدراج يكسوه الغبار، أو يفترش وبائعه الأرض، متخذين من ظل شجرة هنا وأخرى هناك مأوى من حر الصيف وقرِّ الشتاء.
القراءة تراجعت إلى أدنى مستوياتها حقاً، بعد أن كان الطلب على الكتب كبيراً، وكان هاوي المطالعة، يبحث دون كلل أو ملل عن روايته أو قصته وكتابه العلمي أو الفني، حتى يجد ما يريد، بينما اليوم قد يجد هذا الطلب بكبسة زر على لوحة هاتفه أو حاسبه الشخصي، فتلك أسباب منعته من ممارسة هوايته تلك، فضلاً عن ضغوطات الحياة اليومية، المادية منها والنفسية، والتي عرقلت طريقه إلى ذلك.
السيد محمود حسن والملقب بأبي مؤيد يبيع الكتب تحت جسر السيد الرئيس قال: أعمل بييع الكتب منذ أكثر من عشرين عاماً، وكان معظم من يشتري الكتاب من المثقفين، لكن بسبب الأزمة في سورية والحرب الإرهابية الظالمة عليها، خسرنا كثيراً من هؤلاء، في وقت اختلف اهتمام الناس بالكتب، فالشباب مثلاً يطلبون الروايات الحديثة، حتى أن الأسماء والعناوين التراثية التي كانت مطلوبة لم تعد في الأذهان، أو قلَّ الطلب عليها مثلاً كتب نجيب محفوظ وإحسان. عبد القدوس ويوسف السباعي وغيرها،
وأضاف محمود حتى الشعراء أيضاً أصبح الطلب عليهم قليلاً، ويعود السبب للظروف التي تمر بها البلاد اقتصادياً ومعيشياً ونفسياً، وفقدان عدد كبير من الناس المهتمين بالحركة الثقافية، سواء بسبب الهجرة أم الموت والتشرد نتيجة الحرب الوحشية، بالإضافة لفقد ملّاك المكتبات لمجموعة كبيرة ومهمة من الكتب المتنوعة والتي تصل لمئات الآلاف، وأوضح أن هناك سبباً آخر وهو وجود منافس قوي للكتاب الورقي، وهو الإلكتروني، والذي لا ينفس الكتاب فقط، بل والصحف أيضاً، لأن هناك من يحصلون على النسخة الإلكترونية بتكاليف بسيطة جداً.
وحول الصعوبات التي يواجهها باعة الكتب على الرصيف قال حسن: إننا لا نواجه صعوبات تذكر، سوى أننا كنا مشتتين على الأرصفة، حتى تكرمت المحافظة وسمحت لنا بالتجمع في هذا المكان الذي تراه، وبتنا نمارس عملنا بشكل أسهل مما كان، لكن حبذا لو كان المكان مغلقاً، وله باب وتتوسطه طاولة حتى تسنح الفرصة للهواة بالقراءة والمطالعة، ولحماية الكتب من الأمطار، وبعض المارة الذين يقضون حوائجهم بمنظر غير حضاري وهو ما يتسبب بتوسيخ الكتب.
بدوره قال بائع آخر سليم عليان: نحن كباعة كتب مسرورون لأن بعض الناس ما زالوا يسألون عن الكتب ويهتمون فيها، وتربطهم علاقة جيدة معها، ولا يقتصر هؤلاء على جيل الكبار، بينما على الشبان أيضاً، وهؤلاء يبحثون عن الجذور والتراث وأصول الثقافة، وأشار إلى أن الروايات بشكل عام مطلوبة أكثر من غيرها، ولا سيما الرويات الحديثة، وأذكر منها أحلام مستغانمي، باولو كويلو وبعض الأسماء الأخرى، وهذه الكتب لها دعايات كبيرة بين الشباب أنفسهم، وهي أكثر الكتب مبيعاً علماً بأن أسعارها مرتفعة، لأنها تأتي من الخارج، بالإضافة لأسعار الورق والأحبار، وأوضح أن الإقبال تقريباً على الكتب المؤلفة والمترجمة متقارب، بينما المترجم مرغوب أكثر كأدب عالمي، بالإضافة للإقبال الكبير على الأدب الروسي حتى من الشباب، علماً أن تلك باتت نادرة كأعمال تولوستوي مثلاً، علماً بأن الأعمال الكاملة له كانت متوافرة، فهي كتب مرغوبة وهناك استعداد من سواد أعظم أن يدفع ثمنها مقابل الحصول عليها، رغم غلائها، مثل تولستوي و مكسيم غوركي و ديستوفسكي، ومعظم الأدباء الروس، وهذا ما يطلبه القراء في الداخل ومن الخارج.
من ناحيته السيد إحسان حب الرمان الملقب أبو أسامة قال: اعمل بييع الكتب المستعملة والجديدة كالروايات والكتب العلمية والأدبية، منوهاً بأنه رغم الأسعار المناسبة، إلا أن الإقبال على الشراء قليل بسبب الأوضاع المعيشية وتوافر الشبكة العنكبوتية، وسهولة الحصول على الكتاب عن طريقها.
من ناحيته قال الطالب علي بكر: جئت من أجل السؤال عن كتاب جامعي، ولا أرغب بالشراء، وذلك لتوافر الكتب على النت من ناحية، والحالة النفسية التي نعيشها من ناحية أخرى، حيث هناك أولويات باتت في حياتنا أهم من المطالعة والقراءة، لأنني كطالب أخرج من الجامعة لمتابعة عملي كي أساعد أسرتي في مصروف المنزل من ناحية، وتأمين احتياجاتي من ناحية أخرى.