الثورة أون لاين – لميس علي:
في البداية، كانت القصة محصورة بدبلجة أعمال أجنبية، أياً كانت جنسيتها، إلى العربية. ثم بدأت موضة جديدة تعتمد نقل تلك الأعمال غير العربية إلى نسخة كاملة بالعربي، صوتاً وصورة، وهو ما عبّر عنه مسلسل الدراما المشترك السوري اللبناني “عروس بيروت” الذي أُنتج منه جزء أول العام الماضي ويعرض حالياً جزؤه الثاني.
من الطبيعي أن تنمو الأحداث ومعها الشخصيات التي أخذت تتوضح صفاتها أكثر.. وكل ذلك في قالب اجتماعي محض.. يعكس أجواء عائلة “بيت الضاهر” التي تترأسها الوالدة “ليلى، تقلا شمعون”.. الصارمة الحازمة، غير المتهاونة فيما يخص شؤون العائلة وتقاليدها العريقة.. وهي الحجة التي تستخدمها دائماً في إحكام قبضتها على مختلف تفاصيل حياة من يقطن قصر بيت الضاهر، في جبيل، كمكان مقترح لعموم أحداث العمل.
كون “عروس بيروت” مأخوذاً عن أصل غير عربي باعتراف ذويه علانية، يمكن أن يكون ذلك سبباً في توجيه الكثير من الانتقادات سلفاً له.. وكلها أصبحت “كليشيهات” معروفة في ما يُقال عن هذه النوعية “المستعارة” كفكرة ومضمون..
ومع ذلك وبالإضافة إلى فخامة الصورة وبهرجتها المبالغ بها، هل تتوازى تلك الفخامة مع ما تأتي به الأحداث..؟
هل فعلياً ثمة “حدث” حقيقي يتم طرحه في العمل كنوع من فكرة جديدة تحرك اعتيادية الأفكار التي استهلكت في درامنا العربية الخام..؟
بمعنى: هل ثمة من قيمة مضافة في هذه النوعية المستحدثة؟!
بالعموم، وكما يلاحظ المتابع لنوعية الأعمال التي تتم دبلجتها، ثمة حالة استهلاك لكون “الحدث” غالباً ما يتم عن طريق “الصدفة”..
القدر هو الفاعل الأكبر في كثير من الأفعال والتصرفات التي نراها.. وهو ما كان ظاهراً في (عروس بيروت)، على سبيل المثال، الصدفة التي جعلت “فارس، ظافر عابدين” يستخدم (الولاعة) أمام “آدم، محمد الأحمد” الذي كانت والدته استخدمتها لإحراق مكان تواجدها مع ليلى الضاهر، لنكتشف أنها تعود لآدم وسؤاله لفارس عنها يجعل هذا الأخير يشك أن ثمة ما تخفيه والدته.
هو مثال عن كيفية توظيف الصدفة بطريقة رسّختها الأعمال المدبلجة ويبدو أنها ستنتقل لاشعورياً، إلى الأعمال العربية بما يكرس حالة من سذاجة الطرح.
يقف العمل في جزئه الثاني على فكرة تبدل شخصية ليلى الضاهر إلى إنسانة تظهر جانباً عاطفياً كان مخفياً في الجزء الأول.. أما الآن فهي العاشقة التي تحتفظ بقصة عشق امتدت لأكثر من أربعين عاماً.
يحسب للعمل طرحه مثل هكذا تفاصيل عائلية لا تحدث كثيراً في مجتمعاتنا..
فماذا عن الأم التي تحيا جزءاً كبيراً من عمرها وحيدة في سبيل تربية أبنائها..
أليس من حقها عيش حياتها الخاصة..؟
جزئية يثيرها “عروس بيروت” إلى جانب الكثير من التفاصيل المغرقة في شؤون اجتماعية وأسرية خالصة.
ولا ننسى تلك اللازمة التي تكررها ليلى الضاهر من أن العائلة هي الأهم دائماً.. ويكررها كذلك كل من ابنها الأكبر فارس وزوجته “ثريا، كارمن بصيبص”.. ويبدو تذكيراً لا بأس به في مجتمعات بدأت تتآكلها قيم مستوردة.. لا تُعنى بقيم الحياة ضمن مفهوم العائلة.
سوى هاتين النقطتين في تفاصيل يطرحها العمل اجتماعياً، ليس ثمة من ما يعول عليه في إنضاج الفكرة/الأفكار ضمن قالب الأسرة وتشعبات تفاصيل حياتها اليومية.. وهو ما يجعل فخامته تبقى منحازة لصالح بهرجة بصرية.. وترف صورة.. يبدو أنه يراد لها أن تسد مسد أي نقص لجهة فخامة القيمة/المضمون.