الثورة أون لاين – عبد الحليم سعود:
لم يكد يمضي سوى أسبوعين على الزيارة الاستفزازية التي قام بها وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية مايك بومبيو للجولان السوري المحتل ، وهي رسالة دعم متجددة للكيان الغاصب لأرض الجولان ، حتى باشرت سلطات الاحتلال الاسرائيلي بتركيب المراوح الهوائية الضخمة “التوربينات” على الأراضي الزراعية التي يملكها أبناء الجولان ، وذلك بهدف مصادرة أراضي الجولانيين بالقوة بذريعة توليد الطاقة الكهربائية عبر طاقة الرياح لمستوطنيه الغرباء ، وهو أحد المشاريع الضخمة التي باشر الاحتلال بإقامتها منذ تسعينات القرن الماضي للسيطرة على أراضي الجولان من ضمن مشروعه الاستيطاني للتضييق على الأهالي في عيشهم وأرزاقهم وأملاكهم ، ودفعهم لمغادرة أراضي أجدادهم ، والإتيان بالمستوطنين الصهاينة من شتى أصقاع الأرض للحلول مكانهم ، في محاولة يائسة لتكريس قرار الضم المشؤوم وتثبيت احتلاله لهذا الجزء الغالي من الأرض السورية .
في المقابل لم تتوقف مقاومة أبناء الجولان السوري المحتل وعمليات التصدي والرفض لمشاريع الاحتلال الاستيطانية منذ قرار الضم عام 1981 حتى اليوم ، حيث قاموا بسلسلة من الاحتجاجات الغاضبة والإضرابات العامة ضد الاحتلال ، وهم في كل عام وفي العديد من المناسبات يؤكدون تمسكهم بأرضهم وهويتهم ورفضهم أي إجراءات يقوم بها الاحتلال لتغيير الواقع ترهيباً أو ترغيباً ، ومنذ أن بدأ الاحتلال مخططه لتركيب هذه الكائنات البيضاء التي تبتلع الأرض عبّر أبناء الجولان عن رفضهم المطلق لتركيبها لعلمهم بأضرارها على صحتهم ومزروعاتهم ومستقبلهم ، ودرايتهم بالسبب الحقيقي لإقامتها على أراضيهم ، وهو الحيلولة دون قيامهم بزراعة أراضيهم والاستفادة من خيراتها، ففي شباط الماضي أعلن أهالي بلدات الجولان السوري المحتل عن إضراب عام وشامل ليوم واحد اعتراضاً على المشروع الإسرائيلي الذي يستولي على أراضيهم ، واعتبروا قرار الكيان بتركيب هذه التوربينات الضخمة “عدواناً جائراً وإعلان حرب للنيل منهم بهدف تهجيرهم وسلب ممتلكاتهم وأرضهم التي توارثوها عبر الزمن .
وقد جاء قرار الإضراب ، عقب اجتماع شارك فيه ممثلون عن جميع البلدات والفعاليات ، كخطوة تصعيدية ضمن خطوات احتجاجية على إقامة المشروع باعتباره تهديداً وجودياً لقرى مجدل شمس ، بقعاتا ، مسعدة ، عين قنيا ، إذ تستهدف هذه التوربينات مصادرة الأراضي الزراعية .
كما أكد بيان صادر عن اجتماع جماهيري عام لسكان الجولان ، على تمسك الجولانيين بأرض الآباء والأجداد وبهويتهم العربية السورية ، وحذروا حكومة الاحتلال من مغبّة الإقدام على تنفيذ قرارها العدواني هذا ، الأمر الذي يستدعي من أهالي الجولان كل جهد لمواجهة هذا القرار ميدانياً وبكل السبل والوسائل المتاحة .
كما أكد البيان على “تجديد الثقة بانتصار إرادة الحق والوطنية الصادقة دفاعاً عن الوجود التاريخي والأخلاقي والاستعداد لبذل كل الأثمان في سبيل كرامة الجولان العربي السوري المحتل والانتماء الأصيل لتاريخه ووطنه” .
واليوم مع بدء الاحتلال بإقامة مشروعه لتركيب هذه التوربينات جدد أبناء الجولان السوري المحتل رفضهم المطلق والقاطع لهذا المخطط الاستيطاني ، وانتفضوا ضده ، واحتشدوا على الطرقات المؤدية إلى مناطق تركيب التوربينات ، واعترضوا طريق عناصر الاحتلال المواكبين لهذا المشروع ، وكان أبناء الجولان العربي السوري المحتل أكدوا بالأمس رفضهم الخطط الإسرائيلية لنصب توربينات هوائية على أراضيهم وأكدوا خلال اجتماع في قرية مسعدة المحتلة أمس ، وجوب التصدي لهذا المخطط بكل الوسائل المتاحة واستمرارهم في محاربته على كل الصعد ، مشيرين إلى أنهم منذ الإعلان عن هذا المخطط عبَّروا عن رفضهم له ولإقامته على أراضيهم .
وشددوا ، على “مواصلة نضالهم ضد إسرائيل ودفاعهم عن أرضهم التي رويت بدماء الآباء والأجداد على مدار عقود طويلة ووقوفهم ضد هذه المخططات الاستيطانية”.
ومخطط التوربينات أو ما يعرف ب ـ”المراوح الهوائية” ، يتضمن تركيب نحو 52 مروحة هوائية عملاقة ومصادرة نحو 6000 دونم من الأراضي وتهجير سكانها من منازلهم ، وقد طرح الاحتلال مشروعه على الأهالي في محاولة لاستمالتهم وعرض عليهم في إطار الترغيب استئجار أراضيهم لخمسة وعشرين عاماً من أجل إقامة المشروع ولكنهم رفضوا .
وحسب المعلومات فإن هذه التوربينات هي الأضخم والأخطر عالمياً ، فهي موزعة في مناطق الحفاير وسحيتا والخواريط والمصنع وحمى المشيرفه ورعبنا في الجولان المحتل ، وعلى مساحة تقدر بستة آلاف دونم .
وتؤكد الأبحاث أن خطورة هذا المشروع كبيرة جدا ، فالمروحة الواحدة يمنع أن تكون قريبة من التجمعات السكانية لأقل من عشرة كم ، حيث تؤدي إلى أمراض كثيرة للسكان أهمها الطنين في الأذن وعدم التركيز بسبب الموجات التي تصدرها .
كما أن التوربينات الهوائية ستقضي على الزراعة في الجولان المحتل ، لكونها ستقام قرب ووسط بساتين التفاح والكرز ، مايعني ضرب العصب الاقتصادي لأبناء الأرض ، وتهجيرهم القسري من أراضيهم وبيوتهم لاحقاً خلال السنوات القادمة