الثورة أون لاين – سامر البوظة :
مع نفاذ الوقت واقتراب موعد انفصال المملكة المتحدة فعلياً عن الاتحاد الأوروبي ، تتواصل المفاوضات المتعثرة بين الطرفين في الوقت القليل المتبقي على أمل التوصل إلى اتفاق يؤطر العلاقة بينهما لمرحلة ما بعد “بريكست” ، وسط تصاعد المخاوف من إمكانية الخروج من دون اتفاق ، مع استمرار الخلاف بين الجانبين حول عدة نقاط جوهرية تتمحور منها حول حق سفن الصيد الأوروبية بدخول المياه البريطانية ، وشروط المنافسة العادلة ، والآلية المستقبلية لحل الخلافات ، الأمر الذي سيكون له تبعات سلبية على الاقتصاد البريطاني والأوروبي ، وسيخلق حالة من الإرباك والفوضى المؤسساتية والإجرائية على ضفتي المانش ، كما أن غياب الاتفاق التجاري سيشكل صدمة مزدوجة مع أزمة الوباء ، وسيترجم ذلك اعتباراً من الأول من كانون الثاني ، من خلال إعادة فرض قواعد منظمة التجارة العالمية مع رسوم جمركية تكون أحيانا باهظة على مجموعة كبير من المنتجات ، وقد تكون قاسية بشكل متفاوت حسب درجة التعاون التي ستحافظ عليها لندن وبروكسل .
رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ، الذي يسعى لرسم دور لبريطانيا كإحدى القوى الرئيسية في عصر ما بعد التعاون العالمي والتجارة الحرة ، يدعمها جيش حديث يمتلك أحدث العتاد والقدرات الإلكترونية رأى اليوم الثلاثاء أن مواقف لندن والاتحاد الأوروبي في المفاوضات حول مرحلة ما بعد “بريكست” ، لا تزال متباعدة جداً ، واصفاً المحادثات بأنها “صعبة للغاية” ، وأنه سيتعين على لندن في وقت ما أن تقرر ما إذا كانت تتجه نحو الخروج من صفقة عدم التجارة .
وسيتوجه رئيس الحكومة البريطانية إلى بروكسل هذا الأسبوع ، لمحاولة الوصول إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي ، وسيلتقي رئيسة المفوضية الأوروبية ، أورسولا فون دير لايين ، للبحث في المفاوضات .
إلى ذلك يتوقع خبراء أن يتسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مع اتفاق أو من دونه ، بمزيد من التأرجح في الاقتصاد البريطاني الذي تعصف به أصلاً الأزمة التاريخية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا المستجد ، ويبدو أن التحسن المأمول سيتطلب وقتاً ، وإذا كان حجم الأضرار يعتمد على نتيجة المفاوضات الجارية حالياً بين لندن وبروكسل ، فإن الخبراء الاقتصاديين يتوقعون أن يكون بريكست مؤلماً اقتصاديا .
ولم تخف الحكومة المحافظة السابقة تأثير بريكست في المستندات الرسمية التي كشف عنها أواخر العام 2018 ، وبحسب التقديرات آنذاك ، سيتسبب الانفصال “بدون اتفاق” بتراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 7,6بالمئة على مدى 15 عاماً ، وفي حال تم التوصل إلى اتفاق ، فسينخفض بنسبة 4,9 بالمئة ، وهو تأثير كبير إلى حد ما ، ويشكل مؤشراً للتحدي المتمثل بمغادرة الاتحاد الأوروبي .
ويتوقع بنك انكلترا المركزي تراجع الصادرات واضطراباً في سلاسل الإمدادات ، مع تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1بالمئة في الفصل الأول من العام 2021 .
ويأتي تنفيذ بريكست مع الخروج الفعلي في الأول من كانون الثاني في نهاية فترة انتقالية ، في أسوأ مرحلة يشهدها الاقتصاد البريطاني ، الذي يتعافى بالكاد من صدمة الوباء ومن ركود تاريخي تقدر الحكومة نسبته ب ـ 11,3 بالمئة للعام 2020 ، قبل انتعاش بنسبة 5,5 بالمئة عام 2021 .