الثورة أون لاين – أدمون الشدايدة :
تواصل الدول الأوروبية اتباع سياسة التبعية العمياء للولايات المتحدة الأميركية في قراراتها وإجراءاتها في مختلف المجالات ، حتى لو كان ذلك على حساب مصالحها الاستراتيحية فهي لا تستطيع الخروج من تحت العباءة الأميركية ، وهذه الدول تحاول اليوم تقليد السياسة الأميركية الهادفة للهيمنة والتفرد ، وتساعد الولايات المتحدة في مشروعها نحو تثبيت النظام أحادي القطب ، ولكن هناك دول كبرى لن ترضى بكل تأكيد بالسياسة الغربية ، وفرضها على شعوب العالم ، ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي أكد اليوم خلال مؤتمر لمجلس أمناء المجلس الروسي للشؤون الدولية أن ” الغرب يحاول بلا شك إحياء نظام أحادي القطب للنظام العالمي” شدد على أن أقطاباً مثل الصين وروسيا لن تخضع لهذا النظام بالتأكيد .
الدول الأوروبية تتماهى دوما مع سياسات الهيمنة الأميركية ، وتسير في ركب عدائها المتزايد تجاه كل من الصين وروسيا ، وتبنيها أمس نظام عقوبات جديد لإرضاء الولايات المتحدة دون الاتصال بهيئات الأمم المتحدة ، مؤشر قوي على سعيها لإيجاد دور لها على الصعيد الدولي ، ولكن من خارج إطار الشرعية الدولية والمواثيق الأممية ، ولعل ذلك هو ما دفع لافروف للسخرية من واقع تبعية هذه الدول لأميركا ، فقال : ” لقد حصل الاتحاد الأوروبي مرة أخرى على ثناء وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو من خلال الموافقة على حزمة آلية عامة لفرض عقوبات بذريعة حدوث انتهاكات حقوق الإنسان ” .
القرار الأوروبي يعكس في مضمونه حقيقة الخوف والقلق الكبير الذي يهيمن على عقلية الغرب من جراء التقدم الكبير الذي تسير عليه كلتا الدولتين روسيا والصين على صعيد السياسة والتكنولوجيا والتسليح والاقتصاد وغيرها الكثير ، الأمر الذي من شأنه أن يسحب البساط من تحت أقدام الدول الغربية ، ويلغي مفهوم القطبية الأحادية وينشئ النظام العالمي المتعدد .
روسيا والصين هما من الدول العظمى على مستوى العالم ، ويسعيان إلى مزيد من التقدم ، وقرارات الاتحاد الأوروبي أو العقوبات سواء الأميركية أم الأوروبية لن تغير في المعادلة شيئاً ، والواقع أكثر حقيقة من كل المراهنات ، فروسيا والصين ومعهما الكثير من الدول الرافضة لسياسة الهيمنة الغربية ، قطعت شوطاً كبيراً نحو بناء نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب يسوده العدل والاحترام والمساواة بين الشعوب ، فمتى سيدرك الغرب أن سياسة القطبية الأحادية قد ولت إلى غير رجعة .