الثورة أون لاين- ناصر منذر:
كل يوم يُسطر أهلنا الصامدون في الجولان المحتل صفحة جديدة في المقاومة والنضال، ومشاهد بطولاتهم الحية في معركتهم للدفاع عن أرضهم وهويتهم الوطنية تؤكد عمق انتمائهم لوطنهم الأم سورية، ورفضهم المطلق لكل ما يصدر عن سلطات الاحتلال الصهيوني من قرارات وإجراءات ضمٍّ باطلة، وتصديهم البطولي لقوات الاحتلال اليوم رفضاً لمشروع “التوربينات” الاستيطاني، يضاف إلى سجل ملاحمهم البطولية التي تتعاظم يوماً بعد يوم، وهي تنتقل من الآباء إلى الأبناء منذ أن دنَّس المحتل تراب الجولان عام 1967، وشكل الاضراب الوطني الكبير الذي أعلنوه قبل 38 عاماً واستمر ستة أشهر تحت شعار ” المنية والهوية” أبرز محطات نضالهم، عندما هبوا في الرابع عشر من شباط عام 1982 للتصدي لقرار الضم المشؤوم آنذاك.
وفي الحديث عن صمود أهلنا في الجولان المحتل، ومقاومتهم المتجذرة في عروقهم، تستحضر الذاكرة العديد من المحطات النضالية، والتي هي جزء من تاريخ السوريين النضالي في مقارعة قوى البغي والاستعمار والعدوان على مر العقود الماضية، فكانوا يضربون أروع الأمثلة في البطولة والفداء دفاعاً عن وطنهم، وعن سيادتهم، وعن قرارهم الحر المستقل، وما يسطرونه من ملاحم صمود وبطولة في تصديهم للحرب الإرهابية اليوم، يختزل تاريخهم المشرف، الذي أثبت على الدوام أنهم شعب مقاوم بطل لا ترهبه التحديات ولا تنال من عزمه الخطوب.
على مدى نحو 53 عاماً من الاحتلال، لم تخبُ جذوة المقاومة لدى أهلنا في الجولان المحتل، فأسقطوا بصدروهم العارية العديد من المشاريع والقرارات الرامية لتهويد الجولان وسلخه عن وطنه الأم سورية، حيث عمدت سلطات الاحتلال منذ الأيام الأولى لاحتلالها الجولان إلى تغيير معالمه التاريخية والحضارية والديموغرافية، ولكن الفشل لا يزال يلازمها، ولم تستطع محو أو تزييف هويته العربية السورية، ولا فرض مشيئتها وقوانينها العنصرية، بفضل قوة إرادة أهلنا الصامدين هناك، والتي يكون لها الغلبة والانتصار دائماً على قوة الاحتلال وجبروته، وتلك الإرادة الصلبة نابعة من ثقة أهالي الجولان ويقينهم المطلق بأن الدولة السورية لن تتوانى عن بذل الغالي والنفيس من أجل تحرير كل شبر من الجولان بنفس القوة والعزيمة والإرادة التي حررت الكثير من المناطق من رجس الإرهاب وداعميه، فهي لن تتخلى عن مقاومة المحتل وممارساته الإجرامية، ومحاولاته فرض إجراءاته وقوانينه الباطلة، وحقها الثابت باسترجاع كامل الجولان السوري المحتل حتى خط الرابع من حزيران لعام 1967 غير قابل للتصرف وغير خاضع للتقادم.
رغم كل حملات القمع والاعتقالات، وعمليات التنكيل التي تمارسها سلطات الاحتلال بحق أبناء الجولان المحتل، إلا أنهم يأبون الخضوع والخنوع لإرادة ومشيئة المحتل الصهيوني، ويؤكدون على الدوام بأن الجولان هو جزء لا يتجزأ من أرض سورية، وهذه الأرض ملكية مقدسة لا يجوز التنازل أو التخلي عن شبر منها، وبأن الهوية السورية صفة ملازمة لهم لا تزول، وهي تنتقل من الآباء إلى الأبناء، ليثبتوا بثوابتهم النضالية تلك أن رهانات حكام العدو على أن الكبار من أهل الجولان سيموتون والصغار سينسون، ما هي إلا مجرد أوهام وأضغاث أحلام، فالكبار وإن رحلوا جسداً لكنهم ورثوا حبّ الوطن والأرض لأبنائهم الذين حملوا الأمانة بأعناقهم، ولم تستطع آلة الجبروت الصهيونية إجبارهم على التخلي عن هويتهم الأصلية، وكلهم ثقة بأن الدماء التي تسيل في معركة الكرامة والسيادة ستكون مشعلاً لتحرير الأرض السورية من نير الاحتلال، كما هي اليوم مشعل في تطهيرها من رجس الإرهاب.