الإرهاب والعكاز الأميركي….

ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحرير: علي قاسم

مرت ذكرى أحداث الحادي عشر من أيلول على الأميركيين هذا العام دون أن يكون لدى البيت الأبيض متسع من الوقت لتذكرها، وأركانه ومستشاروه مشغولون بالتحضير والوعيد لخوض مقامرة تتشابك فيها أيدي الإدارة الأميركية بأيدي تنظيم القاعدة الذي كان وراء تلك الأحداث على ذمة الأميركيين.‏

فعكاز الإرهاب الذي اتكأت عليه إدارات البيت الأبيض المتعاقبة لاستلاب الأميركيين واستباحة العالم، تحيله إدارة الرئيس أوباما إلى التقاعد، ولا تخفي الرغبة في طمس الكثير من تفاصيل الذاكرة الجمعية المتعلقة بهذه الأحداث، باعتبار أنها ترتبط بشكل تلقائي بمحاربة الإرهاب الذي تشيح النظر عنه، وتوارب في التعامل مع داعميه ومموليه وحاضنيه.‏

المفارقة الكبرى أن تحيل السياسة الأميركية جانباً كل ما تراكم، وتدفع نحو تشكيل ذاكرة أخرى، تتعدد فيها النماذج والمصادر، لكنها لا تستطيع أن تحاكي الواقع القائم إلا بمنظور التراكمات التي تفرض حضورها في الذاكرة الأميركية وعلاقتها بالحروب التي شنتها على مدى العقود الماضية.‏

لذلك ورغم تجاهله التام لما تعنيه في الوجدان الأميركي، لم يستطع الرئيس أوباما أن يتجاوز الحيز الذي يتمترس فيه، وإن كان يريد أن يعاكس الإيحاء العام المحكوم بجزئياته وعناوينه، ومرتبط بكل ما ينتج عنه، خصوصاً حين قدّم تبريرات تبدو فاقدة لعوامل الإقناع، بل في معظمها جاءت حمّالة أوجه.‏

وإذا كان من الممكن الحديث افتراضياً عن البوابة التي عثر عليها أوباما من خلال المبادرة الروسية، فإنه على الصعيد العملي يصعب فهم مغزى الإصرار على المرابطة داخل الحفرة التي يزداد عمقها كل يوم، وتصعب إمكانية الخروج منها كل ساعة، وتتراكم على حوافها السواتر والمتاريس.‏

ما يؤكد هذا المنحى أن الرئيس أوباما أعاد إلزام نفسه بما سبق له أن تبرم منه، ولم يكن بمقدوره أن يقدم إجابات على الهواجس التي تشغل بال الأميركيين، بدليل أن كلمته لم تلامس سقف مخاوفهم، ولم تتمكن حتى من تهدئة الخواطر الرافضة لحرب جديدة يدركون أكثر من غيرهم عمق رمالها المتحركة.‏

على المقلب الآخر، بدت الحجج والذرائع محاولة لتكييس وجه الهرولة نحو مفاهيم عائمة كتبت على عجل، وفيها اجترار لما سبق لدبلوماسيته أن جاهرت به من قبل، دون أن يضيف ما يمكن الاتكاء عليه لتعديل الصورة التي تعززت لدى الأميركيين أكثر من أي وقت مضى، وخصوصاً أن معارضتهم لشنّ أي حرب لم تبدل منها كلماته سواء المنتقاة بعناية والمدروسة أم تلك المستجدة بحكم التطورات.‏

الحديث داخل أروقة القرار الأميركية يدور حول نصيحة مزدوجة جاءته متأخرة من بعض النافذين داخل الإدارة الأميركية، والذين وضعوا كل أوراقهم في سلة الافتراض بوقوع العدوان، وبنوا عليه حساباتهم ومعادلات أصدقائهم وخصومهم في الداخل والخارج، وبعضهم لم يخفِ مجاهرته بذلك بعد أن أطلق وعوده للكثير من الأدوات الأميركية في المنطقة والتي رسمت أوهامها على مقاس تلك الوعود.‏

ما يدفع إلى الجزم بحتمية الانزلاق الأميركي مرة أخرى إلى دائرة الانتظار أن ما حدده أوباما باعتباره حججاً دامغة، كان حمالاً للأوجه، وقدّم قرائن بدت أغلبها ضده، أكثر مما هي معه، وفي معظم الرسائل التي تعمّدها، سواء بالإشارة أم بالمباشرة، اصطدمت بالزوايا المهملة، أو بالكثير مما هو مسكوت عنه أميركياً.‏

في كل الأحوال، لم يكن من الصعب تفسير الكثير من الإشارات المتناقضة، وفي اتجاهات عدة، حين غلبت عليها لغة القلق من لحظة اتخاذ القرار الذي بدا محسوماً قبل أن يتحدث باستفاضة عمّا فعله، وما يمكن أن يفعله، ولاسيما الربط غير المنطقي بين الأحداث وادعاءات الأمن القومي، التي بدت مجاهرة واقعية باختلاق شعارات تصلح في حصيلتها النهائية ليكون العكاز الأميركي الآخر لتجريب حظوظ المقدرة الأميركية على تجاهل المتغير الاستراتيجي في المسرح العالمي.‏

بينما عصا العدوان المرفوعة تلوح في هواء أميركي يشعر بالامتعاض من حضورها، كانت على الضفة الأخرى ترتسم ملامح عكاز أميركي جديد يستبدل عبره قديمه, وإن كان يرتج كلما أراد أوباما أن يتكئ عليها في لحظة فارقة في التاريخ الأميركي، الذي يبحث وربما يستجدي حلولاً حتى لو كانت من خارج دبلوماسيته وبعيداً عن ملعبه.‏

a.ka667@yahoo.com ‏

آخر الأخبار
"الأشغال العامة": استكمال أعمال إنشائية في جامعة طرطوس   فرص التصدير في معرض دمشق الدولي صابون الغار.. إرث حلبي يعبر الزمن في "دمشق الدولي"  متابعة تحسين الخدمات ضمن حملة "ريف دمشق بخدمتكم" جناح المؤسسة العامة للأسماك.. قصة غذاء وصحة وتنمية مستدامة  جناح " الأوقاف "تجسيد رسالة سوريا الجديدة    ريف دمشق في معرض دمشق الدولي.. ذاكرة وطن وهوية لا تُنسى  من الإغاثة إلى الاستثمار في الإنسان.. حضور لافت لـ "نوى الخيرية" في المعرض خطة تنفيذية لصحة درعا للبدء بمشاريع حملة "أبشري حوران" التصاميم الشرقية والسيوف تحاكي الماضي ممزوجاً مع الحاضر أهالي أم المياذن بدرعا يطالبون بإبعاد خط الكهرباء الدولي من فوق منازلهم قرض "سوريا الخير".. نافذة أمل للمشاريع الصغيرة من خيام الشادر إلى معرض دمشق الدولي.. عشر سنوات يحكيها "فريق الحياة" الجناح الباكستاني.. جسر يعزز عمق العلاقات والتعاون الاقتصادي "ضع بسمتك".. ترسم الابتسامة على وجه كل محتاج خدمات إغاثية وصحية بدرعا لمهجري السويداء "كنف لرعاية الأيتام".. توصل رسالتها من خلال "دمشق الدولي" "أنتمي - أتعلم - أتطوع"... مبادرة لصناعة جيل واعٍ ومبادر الرسم على الزجاج صورة تراثية.. المعرض فرصة للتبادل الفكري والمهني حضور لافت لغذائيات فلسطين في "دمشق الدولي"